الانتخابات بين الحرامية وغياب البرامج الانتخابية
لا يكاد المسرح السياسي الجزائري ان يخلو من التسيب ولا مبالاة والتصريحات الارتجالية الممزوجة بين الحين والأخر بأسلوب الوعيد والتجريح الذي يمس كل من يفكر في المقاطعة بشكل أو أخر، الأحزاب المشاركة في الانتخابات التشريعية الحالية حتى بعد مضي حوالي أسبوعين من اعلان وزارة الداخلية عن انطلاق الحملة الانتخابية لم يصرح معظمها عن برنامجه الانتخابي لهاته الاستحقاقات، مما يعتبر استخفافا و إهانة لهاذا الموعد , رغم ان تـأسيس البرلمان الجزائري يعود تاريخه الى سنة 1963 ثم اعتماده سنة 1977 لم يقترح أعضاؤه مشروع قانون واحد ,كون جل القوانين كانت عبر أوامر أو لوائح من طرف رئيس الجهورية و الوزير الأول , مما يظهره عاجزا كون وظيفته الأساسية هي التشريع كونه تخلى عن صلاحياته للجهاز التنفيذي للدولة و رئيسها مما يعد خرقا لمبدأ الفصل بين السلطات .
التصريحات العشوائية من قادة بعض الأحزاب المشاركة في هاته الاستحقاقات فاقت كل التصورات من تخوين من يدعوا للمقاطعة الى التخويف بزعزعة استقرار البلاد وهي تصريحات تعود عليها المواطن الجزائري منذ استقلاله، تصريحات متناقضة بعضها يمجد الشرعية الثورية والأخر يطبل للنظام بلا هوادة، أبرزها كان الأمين العام للحزب الحاكم في الجزائر حيث صرح في تجمع شعبي لحزبه قائلا: حزب جبهة التحرير هو الذي حرر الجزائر فمن الطبيعي ان يحكمها، تصريح اقصائي محض يصدر من وزير سابق وإطار سامي في الدولة بحيث يتجاهل عن عمد تضحيات الشعب الجزائري ابان الاستعمار الفرنسي للجزائر،ليت الأمر توقف عند هذا الحد بل تكررت الحادثة مرات عدة بعدها حيث صرح مجددا ان حزبه سيحكم البلاد لقرن اخر من الزمن على الأقل .
هاته المرة كان الدور على والي ولاية كبيرة في الجزائر حيث دعي المقاطعين للانتخابات بالحرامية ودعاة الفتنة وايدته في ذاك رئيسة حزب شبه معارض سابقا أي بالأحرى حزب مجهري حيث انظمت هاته الأخيرة الى فوج الموالاة راحت تدعو كل من يدعو للمقاطعة بالحرامية، كل شيء مباح لنيل رضا النظام التجريح التخوين ضد كل من يندد بالوضع الحالي سواء نقما على الأوضاع الاجتماعية او الاقتصادية للبلاد أو البطالة المزمنة التي يعاني منها الشباب , ككل مرة الحجة هي الأيادي الخارجية التي مل الجزائريون من سماعها مررا و تكررا على المنابر الرسمية حيث اصبحوا يبتغون حلولا لا كلاما معسولا، في نفس السياق اصدر وزير الاتصال تعليمة لجميع القنوات الخاصة يأمرها بعدم استقبال دعاة المقاطعة ، قنوات تعتبر بوقا للنظام و من رواد الشية للنظام السياسي في الجزائر .
أما المواطن الجزائري حاله ككل انتخابات وعود انتخابية مهترئة من كثرة تكرارها , مواطن لا يكاد يعي ماهية وظيفة النائب البرلماني بحيث يصور هذا الأخير نفسه على أنه المنقذ الذي سيوفر مناصب الشغل لجميع الشباب و يحل مشاكل البلاد الاقتصادية و السياسية،الى غاية ظفره بمقعد في البرلمان يعبد له الطريق امام مصالحه الخاصة , ثم بعد نهاية عهدته يعود و يكرر نفس الوعود ..الخ , فلم يجد طريقة يعبر بها عن تذمره من الوضع الا مواقع التواصل الاجتماعي على شاكلة الفاسبوك الذي اصبح يشكل الحاضنة لهاته الفئة ، بعيدا عن التضييق المفروض على المساحات الأخرى .
الشباب الجزائري لا حدث بحيث يعتبر الانتخابات محسومة مسبقا لفائدة الحزب الحاكم وموالاة ويؤكد على انها مجرد مسرحية لا غير، وأنها لن تغير في الوضع شيئا كونهم يعانون من الباطلة المزمنة وغياب مناصب الشغل وكذاك سياسة التقشف التي تمر بها البلاد زادت من حدة الوضع، كذلك الحلول التريقعية التي قامت بها الدولة لم تفد بشيء بل ازمت الوضع أكثر، حيث فقد الشباب الأمل في تغير الوضع الراهن.
اما المعارضة فحدث ولا حرج أحزاب مجهرية دون قاعدة شعبية تدخل غمار هذا الاستحقاق دون برنامج انتخابي حقيقي بل مجرد وعود بسيطة، حيث كانت قبلت بدخول هذا المسار بعد اكتشافها لحجمها الحقيقي على الخارطة السياسية على انها أحزاب هامشية تتغذي من الفتات الذي يرميه النظام لها.
في الأخير لم تشهد الجزائر في تاريخيها الحديث مهزلة سياسية كالتي نعايشها في يومنا هذا حالة تسيب بائسة، غياب لإرادة حقيقية لتغير الوضع المتعفن التي تعانيه أجهزة الدولة والرداءة المنتشرة في البلاد وشلت معظم هياكلها، غياب الحريات والتضيق عليها التخوين والتجريح في كل من يعارض الوضع الحالي هو سيد الموقف.
كيف يمكن للوضع ان يتغير ان غابت إرادة حقيقية لذالك !!!