مرحبًا أبا قصي.. (إذن) أو (إذًا)، ولماذا؟
في هذا مذهبان مشهوران للعلماء. وهما قائمان على اختلافِهم في الوقفِ عليها، فمَن يقِف عليها بالنونِ يكتبها بالنون (إذن). وهو مذهب المازنيّ وتلميذِه المبرَّد. وقال المبرَّد: (أشتهي أن أكوي يدَ من يكتبها بالألف لأنها حرفٌ مثل أن ولن). وعلى ذلك كثيرٌ من المعاصرين. واختارَه مجمع اللغة بالقاهرة. ومَن يقِف عليها بالألف يعتدّها تنوينًا لأن التنوين هو الذي يُبدل في الوقف ألفًا إذا كان نصبًا، فيرسمها (إذًا). وهو مذهب القرّاء. وشايعَهم عليه جماعة من النّحاة. وذلك لأنَّ الرسمَ مبنيّ على مراعاة حال الابتداء والوقفِ.
وحجّة من يقف عليها بالنون أنّها حرفٌ، والحروف لا يلحَقها التنوين لأنه من خصائصِ الأسماء.وحجّة من يقِف عليها بالألف متابعةُ رسمِ المصحف لأنَّها رُسِمت فيه بالألفِ. ووقوفُ القرّاء عليها بالألف اتباعٌ للرسمِ.
وأرجّح كتابتها بالنونِ للحجّة التي بيّنتُ. فأمّا رسمُها بالمصحف ألفًا فلا يُحتجّ به لأن في رسم المصحف أشياءَ كثيرةً خارجةً عن حدِّ القياسِ لا علةَ لها لائحةً. وقد يجوز أن يكونو رسموها فيه ألفًا لأن نطقَ النون والتنوين في الوصلِ سواءٌ. هذا مع شِدّة التشابه بين (إذا) الشرطية و(إذًا) الحرفية الناصبة للفعلِ حتّى زعم بعضهم أن الناصبة اسمٌ، ولم يُعمِلو الأصلَ الإملائيَّ الذي يجعلُ الاعتداد برسم الكلمةِ في حال الابتداء والوقفِ. وأنا أذكر أمثلةً من رسم المصحفِ تشهَد لذلك، منها رسمهم ((أيُّهَ المؤمنون)) بحذف ألف (أيّها) رعاية لحال الوصل. ولم يعبئو بحال الوقف. ولو فعلو ذلك لأثبتوها إذْ كانت الألف تُنطق في الوقف، وإنما حُذفت في الوصل لالتقاء الساكنين. ومنها رسمهم ((ويدعُ الإنسان)) بحذف الواو، و((وسوف يؤتِ الله المؤمنين)) بحذف الياء لهذه العِلّة.
علَى أن من يرسمها نونًا وهو مُقِرّ بأنها تُبدلُ ألفًا في الوقف كالتنوينِ له أن يحتجّ بأنّ ذلك مُشبّه بالتنوين، وليس تنوينًا حقيقةً، لأن التنوين لا يَلحق الحروف. ومتى كان ذلك حسُن أن يُفصَل بينه وبينَ الاسم حتى لا يُتوهّم أنه تنوينٌ، فيُرسمَ نونًا. وكذلك يقال في نون التوكيد الخفيفة في نحو ((لنَسفعنْ بالناصيةِ)).
وللفرّاء مذهب ثالثٌ، وهو التفرقة بين أن تُعمل، فتكتب نونًا، وبين أن تُهمَل، فتكتب ألفًا.