كتب أحد الأصدقاء في صفحته على منصة (ميتا) الفيسبوك منشورًا قصيرًا (بوست) فقال: "باختصار شديد، من يرفضون العلمانية هم في واقع الحال يرفضون ان يتركونك وشأنك ورفع الوصاية عنك"
فكان تعليقي كما يلي:

"الليبرالية تكفي يا صديقي! ، فهي المتعلقة بموضوع الحريات الشخصية والحقوق الفردية واحترام الخصوصية والملكية الخاصة ... هذه هي الليبرالية فهي فلسفة اجتماعية تقوم على أساس احترام ((المجال الخاص)) للأفراد وعدم التطاول أو التغول عليه أو التدخل فيه بغير وجه حق سواء من الأفراد الآخرين أو من الدولة أو المؤسسة الدينية!... أما العلمانية فشيء آخر ، العلمانية تعني فصل الدولة بالكامل عن الدين، فالدولة العلمانية ((لا دين لها!!؟؟)) وهذا غير ممكن حاليًا في معظم الدول العربية التي تقر في دستورها أن ((الاسلام دين الدولة)) وتنظر للعلمانية كعقيدة كفرية تتناقض مع دينهم! ... بل هذا الفصل التام بين الدين والدولة كما في العقيدة والنظرية العلمانية واقعيًا غير متوفر في عدة دول ديموقراطية ليبرالية غربية ، فهي في حقيقتها وواقع الممارسة، دول ليبرالية وليست علمانية بالمعنى الاصولي الدقيق للعلمانية، ففي بريطانيا مثلًا يجب أن يكون من يتولى منصب الملك (مسيحي بروتستانتي) ليس (مسلم) ولا (يهودي) ولا (هندوسي) ولا (ملحد)!!، بل ولا حتى (مسيحي كاثلويكي) او (مسيحي من شهود يهوه) !! ... جاري الانجليزي كاثوليكي قال لي ساخرًا بضيق شديد ايام تنصيب الملك: "هل تعلم لو ان الملك يدخل الاسلام، فسيظل ملكًا لكن لو اصبح كاثوليكي سيتم عزله"!! 😅

الشاهد يا صديقي اننا في مجتمعاتنا ودولنا المسلمة بحاجة الى مزيد من الليبرالية والديموقراطية وليس العلمانية، فالعلمانية خصوصية غربية فرضها واقع تاريخي غربي كانت فيه الكنيسة تتمتع بسلطة شمولية مطلقة لا على الشعوب الاوروبية وحسب بل حتى على الملوك!، وهو واقع غير موجود عندنا بل العكس هو الموجود، فرجال الدين عندنا تابعون للملوك والحكام وليس العكس!! ولا توجد لدينا كنيسة ولا بابا ولا مرجعية دينية عليا واحدة ملزمة خصوصًا نحن اهل السنة!... فما الحاجة، اذن، الى ان تكون دولتنا دولة لا دين لها وهو أ/ر سيكون ضد إرادة الاغلبية مما سيثير الجانب الاصولة في المجتمع لينتهي الأمر بمجتمع أكثر محافظة وأصولية وأكثر تشددًا!!؟؟ فضلاً عن ان هذا المطلب، علمنة دولة كدول الخليج أو ليبيا أو حتى مصر وسوريا والعراق!، هو مطلب طوباوي غير واقعي وغير ممكن خلال الزمن المنظور والى ما لا يقل عن 500 سنة قادمة!! .. اما الليبرالية فممكنة بل هي موجودة واقعيًا في اغلب دولنا العربية ، هل سمعت على اعدام مواطن عربي بتهمة الالحاد!؟... فالجانب الليبرالي في دولنا موجود ومتوفر ويحتاج إلى مزيد من التعزيز والتوسيع ... فنحن خلال هذه الحقبة من عمرنا الحضاري والسياسي فقط نحتاج الى المزيد من جرعات ((الليبرالية)) ، سواء في فكرنا الديني او السياسي، او في قوانيننا وفي تصرفات حكوماتنا.. نحتاج ان تكون هذه الدولة المسلمة المتمسكة بمبدأ الاسلام دين الدولة دولة مسلمة ((ليبرالية)) وليست دولة مسلمة ((اصولية شمولية))، ليبرالية اي انها دولة متسامحة مع الافراد والاقليات، تحترم حرياتهم ومعتقداتهم وخصوصياتهم، هذا هو الطريق ، وهذا هو الطرح العقلاني الواقعي والمشروع الممكن والقابل للتنفيذ على مراحل بحيث نسير في خطين متوازيين : لبرلة فكرنا الديني والسياسي، ولبرلة نظامنا القانوني والسياسي... اللبرلة وليس العلمنة !! بل ولا حتى (الاسلمة) فنحن اصلًا مسلمون للنخاع ، لكننا مسلمون نفتقد للتسامح والقبول بالتعددية والتنوع والاختلاف ، ونفتقد احترام حقوق الانسان وحريات وخصوصيات الافراد والاقليات!! اي اننا مسلمون غير ليبراليين!، لذا نحتاج إلى نشر الروح الليبرالية في مجتمعاتنا والأفضل أن يتم هذا من بوابة الاسلام نفسه أي أن نقوم بقراءة تجديدية عقلانية مستنيرة للاسلام تستخرج الكنوز والمبادئ ((الليبرالية)) في الاسلام في مواجهة التقاليد والافكار (الاصولية) و(الشمولية) الموروثة !!... وهذا هو الطريق"
اخوكم المحب