منتهزا احتفالية مولد الإمام علي ع في مكتبه, فاجأ عمار الحكيم الحضور, بدعوته مكونات التحالف الوطني, الذي يترأسه, الى التفكير في اختيار رئاسة جديدة للتحالف, رغم أنه لم يمضي, على تسنمه لهذا المنصب, مايزيد على ستة أشهر فقط .

    التحالف الوطني, الذي كان سفينة, هجرها طاقمها, وأبحر كل في قاربه, صوب هدفه المنشود, بعيدا عن رفاقه الذين أصبح بعضهم خصيما, تاركين هذه السفينة, مركونة في زاوية منسية من ميناء السياسة العراقية, فأصبحت متحفا لا يزورونه إلا كل أربع سنوات, للملمة أوراقهم وتوزيع أدوارهم, واختيار رئاسة الوزراء, والمناصب التي تخص الحاضرين, وربانها جالس يتفرج, دون ان يطلب منهم, إزالة الغبار عن أثاثها, أو رفع مرساتها, والإبحار بها .

   تسلم عمار الحكيم, رئاسة التحالف الوطني العراقي, وهو بهذه الحالة المتهالكة, فعلاقة مكوناته مع بعضها, متأزمة على الأغلب, وابتعاده عن جماهيره, التي تمثل غالبية الشعب العراقي أصبحت ميتة, وكادت أن تنسى إسم التحالف الوطني, وإبتعد تأثيره في الساحة السياسية العراقية, وسط حرب مهمة, يخوضها العراق مع الإرهاب, ووضع اقتصادي متدهور, وأحداث محليه وإقليمية ودولية مهمة, كان التحالف الوطني غائبا عنها, والتأثير فيها .

    ولأن الربان هذه المرة, يختلف عمن سبقه, يمتلك طاقة شبابية هائلة, ومقبولية في الوسط العراقي والإقليمي, عرف عنه العمل المؤسساتي الناجح, في قيادته للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي, وله من الخبرة والحنكة السياسية, ماتمكنه من إنقاذ سفينة التحالف, رغم صعوبة المهمة, وتشعب الملفات, وحملات التسقيط والتشويه التي طالتها, لم يشعر العراقيون, إلا وهذه السفينة تبحر, بين مصدق ومكذب, وبعضهم لايريد أن يصدق, الى هذه اللحظة .

    فخلال الستة أشهر الماضية, تشكلت هيئات التحالف القيادية والسياسية والعامة, وأصبحت لها اجتماعات منتظمة, وتشكلت لجان فنية من كافة مكوناته, وزيارات إقليمية دولية ناجحة للدول المجاورة, كانت جميع أطراف التحالف ممثلة فيها, وأصبح يتحاور مع الأطراف السياسية, ككتلة واحدة منظمة, تضع مصلحة العراق أولا ومصلحة جماهيرها ثانيا, وظهر العمل المؤسساتي والمنظم جليا, وشاخصا للعيان .

     كل هذا الجهد والعمل الدؤب, من رئيس التحالف, وتحمله للكثير من المنغصات والتشويهات, بحسب قوله, لم يمنعه من الاستئثار بهذا المنصب والتمسك فيه, بل طالب قادة التحالف, بإجراءات اختيار ربان جديد لسفينتهم, التي بدأت تشق أمواج البحر, فهل سيتمكن قادة التحالف, من القيام بما قام به الحكيم, أم تعود سفينتهم, لترسو في مقبرة السفن ؟! .