لا يليق بالشرفاء والاحرار تبرير التنازلات المستمرة والمهينة للساسة , والتي لا تصب في مصلحة الوطن والاغلبية والامة العراقية , ولا ينبغي الفصل بين الضرورات السياسية والمصالح الشعبية والمبادئ والقيم الوطنية والانسانية والاخلاقية .

فالبعض يسعى جاهدا للحفاظ على ما تبقى من ماء وجهه ,بعد ان  خيب آمال جمهوره فيه , ومن راهن على مواقفه السياسية وتاريخه الجهادي  ؛ بدعمه للكريم المعروف بسيرته الطائفية وتصريحاته الداعمة للبعث والارهاب  ... ؛ من خلال تقديم التبريرات الطويلة والبعيدة كل البعد عن الحقيقة  , واليكم بعضها  : (( ... ولكوننا نعمل بكل جهدنا لإتمام انجاز المهمة الدستورية بأنتخاب رئيس جديد للسلطة التشريعية بصفتها المؤسسة الاهم في الدولة العراقية، لابد لنا ان نضع نصب اعيننا تحقيق الاجماع الوطني في اختيار الشخصية التي يتفق عليها المجتمع بالدرجة الاساس وتتفق عليها القوى السياسية التي تنتمي اليها هذه الشخصية من الناحية الاجتماعية لان هذا التوافق سينعكس بشكل كبير على توافق في الاداء السياسي الوطني بما يحقق المصلحة الوطنية العليا للدولة... ؛ ومن هذا المنطلق تحرص القوى السياسية العراقية على ان تحقيق توافق بين المكونات السياسية التي يقع على عاتقها ترشيح من تراه مناسباً لتولي منصب رئيس مجلس النواب يحظى بمقبولية اجتماعية وسياسية وتنطبق عليه المواصفات التي نص عليها الدستور العراقي، وهو حق لابد من الحفاظ عليه لانه يعزز من وحدة المجتمع وتماسكه ويمنع فرض الارادات او اختيار شخصيات لا تحظى بمقبولية داخل مجتمعها... ؛ لذلك فأن وجود رئيس سلطة تشريعية تجمع عليه البيئة الاجتماعية والسياسية سيعطي قوة اضافية للنظام السياسي العراقي بمختلف مؤسساته وستكون الدولة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية  .)) 

لا داعي لخلط الاوراق والتلاعب بالعبارات والشعارات ؛ فالقوم في السر غير القوم في العلن ؛ اذ كلنا يعرف ان السلطة التشريعية هي المؤسسة الاهم , وكذلك نعرف ان انتخاب رئيس للبرلمان من المهام الدستورية , وضرورة الاجماع الوطني عليه...  ؛ ولا تلازم في البين بين الامرين  ,  فهما مختلفان تماما . 

وهل العمل بالدستور العراقي ينسجم مع التمجيد بحزب البعث ورموزه , والترحم على الطاغية صدام , و قانون حظر حزب البعث  له أساس في المادة السابعة من الدستور العراقي، التي تنص على ما يلي : "يُحظر كل كيان أو نهج يتبنى العنصرية أو الإرهاب أو التكفير أو التطهير الطائفي أو يحرض أو يمهد أو يمجد أو يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق وينظم ذلك بقانون"... ؛ واني لاستغرب لبعض القانونين والمحامين الذين قالوا بضرورة الفرق بين التمجيد بالبعث والتمجيد بصدام ؛ باعتبار عدم إصدار قرار يتعلق بتجريم تمجيد  السفاح صدام  وتحديد عقوبة على ذلك ...؟! 

الا انهم رجعوا , وقالوا : ((  أن تمجيد صدام لا يدخل ضمن القانون الذي أصدره البرلمان والدستور العراقي وهو قانون حظر حزب البعث، إنما يخضع لقوانين عقابية أخرى كقانون العقوبات العراقي الذي ينظم موضوع تمجيد الأشخاص، لذلك هناك اختلاف في الإجراءات، والموضوعان ينظمهما قانون عقوبات خاص بهما... ؛ وتابع الخبير القانوني حيدر الصوفي  موضحاً : "لو ظهر شخص يمجد صدام حسين، فإنه سيعاقب حسب القانون العراقي لأن صدام حسين يعتبر محكوما من المحكمة الجنائية المركزية ومدان وفق القضاء العراقي، وقد أطلقت عليه صفة "مدان عن جرائم ضد الإنسانية والإبادة البشرية وكذلك جرائم تتعلق بحقوق الإنسان وفق القانون والدستور العراقي الجديد، لذلك يعتبر التمجيد له تمجيدا لشخصية مدانة من قبل القضاء، وفق جرائم تتعلق بحقوق الإنسان، وفي هذه الحالة يخضع الممجد لمواد قانون العقوبات العراقي وقد يحاكم بالسجن لعدة سنوات"... )) . 

علما ان تفاصيل المادة الدستورية واضحة وضوح الشمس في رائعة النهار ؛ اذ نصت : (( ... وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت أي مسمى كان، ولا يجوز أن يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق وينظم ذلك بقانون ... )) وهل يختلف اثنان على ان المجرم صدام من رموز البعث , وعليه تمجيده يعني تمجيد البعث ؛ فصدام والبعث وجهان لعملة واحدة ؛ وبما ان المدعو شعلان الكريم متهم بهذه الجريمة ؛ فترشيحه يعد خلافا للقوانين والدستور العراقي . 

ولعل البعض يتساءل : لماذا يتم القاء القبض على الاشخاص الذين يمجدون صدام او يترحمون عليه ؛ في مناطق الوسط والجنوب ؛ بينما لا يطبق القانون على الاخرين ؛ وما الفائدة من اقرار قوانين لا تطبق الا على الضعفاء  ...؟!

وقد حذر النبي محمد الناس , من هذه الظاهرة السلبية وخطورة تفشيها في المجتمع ؛ اذ قال : ((  إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ... )) فلماذا يحكم على  شاعر من اهالي الناصرية بالسجن ؛ لان البعض قال ان قصيدته تمجد صدام بطريقة غير مباشرة ؛ بينما لا يحاسب شعلان الكريم على جرائمه ومخالفاته القانونية  ... ؟!  .

ولا ادري بماذا يقصد هؤلاء , بهذا التبرير : ((  وتتفق عليها القوى السياسية التي تنتمي اليها هذه الشخصية من الناحية الاجتماعية لان هذا التوافق سينعكس بشكل كبير على توافق في الاداء السياسي الوطني بما يحقق المصلحة الوطنية العليا للدولة )) .

اذ جعل معيار الدستورية والقانونية والمصلحة الوطنية ؛ اجتماع القوى والاحزاب  السنية على ترشيح هذا الشخص او ذاك , واتفاقهم عليه , وهي التي يقع على عاتقها ترشيح من تراه مناسباً لتولي منصب رئيس مجلس النواب ... ؛ وعليه : ان كانت الامور تقاس بهذا المعيار ؛ فلا مانع من تصدي الارهابي طارق الهاشمي الداغستاني للمهام الحكومية , ولا مانع كذلك من ترشيح المجرمة رغد صدام ان كانت تحظى بمقبولية اجتماعية في المحافظات والمدن السنية ...؟!

الا يعلم هؤلاء ان كل اتفاق سياسي بين الاحزاب السنية او الكردية او غيرهما ان كان يعارض الدستور العراقي والقوانين الوطنية , او يتعارض مع قيم الاغلبية الاصيلة او يعرض امن العراق للخطر ... ؛ لا قيمة شرعية ولا اخلاقية ولا وطنية له , فمثل هكذا اتفاق يسحق بالأقدام ...؟! .  

وهل من المعقول ان تخلو الاوساط السنية من شخصيات وطنية نزيهة شريفة , تؤمن بالهوية العراقية والتجربة الديمقراطية والعملية السياسية الجديدة , وتنبذ العنف والارهاب والطائفية والعنصرية , وتكره الزمرة البعثية والشرذمة الصدامية ؛ وهل عقمت ارحام النساء عن ولادة الشرفاء والاحرار والوطنيين , فلا يوجد في بيئاتهم سوى المزور والارهابي والبعثي والصدامي والعميل والخائن والمخرب والفاسد , وطالما صدع رؤوسنا البعض بهذه المقولة : (( صدام ظلم الكل وبلا استثناء , وبما فيهم السنة )) ولو كان الكلام صحيحا وصادقا ؛ لبان , فمن سابع المستحيلات ان يحب المظلوم الظالم , او تمجد الضحية بالجلاد ...؟! 

وامام انصار البعثية والصدامية والطائفية  خياران لا ثالث لهما ؛ اما الخروج من العملية السياسية وتمثيل دور المعارضة وانتظار القطار البريطاني الخبيث للعودة بهم الى السلطة المطلقة والدموية مرة اخرى ؛ او التبري من جرائم البعث ومجازر صدام واحترام حقوق الانسان ومراعاة مشاعر الاغلبية والامة العراقية .