تعبت من التظاهر، وتعبت من تكييف نفسي مع لا أريده قطعا، وتعبت من تشذيب وتقليم روحي وكأنني أشذب حقلا ممتدًا ليس لي، وتعبت كما السيّاب من تصنّع الحياة.
تعبت من شوقي لذاتي، لروحي التي أفقدها بالتدريج مع الأيام بفضل حياة الاضطرار هذه التي أعيشها مع كل نفس أتنفسه، تعبت أريد أن أكون أنا وحسب، أنا التي قمعت وكسرت ونهبت كل إراداتي، وآمالي، وأحلامي، بل وحتى ما أعلم يقينا أنني قادرة عليه سُلب مني، وتُركت كمن لديه حواس لا يستعملها. تعبت أريد ذاتي أن تبدو، أن تظهر، أن تتجلى وتنبت كعشب الحدائق بلا ساقٍ معروف ولا متعمد.
وتعبت من عذابي على من أحب، من مُثلي التي علّقتها أمام ناظري كأنها عدسة نضارتي التي أُبصر بها، من قيمي التي ترفض أن يكون الحبّ إلا وجها للحق، للحق الذي عاهدت روحي أن أتحراه وأتبعه ما استطعت، أن أتسلق البياض أو السواد ولا أبقى مطلقا في الحياد بينهما. تعبت من هندسة مشاعري وأفكاري وكأنني لا أبني حبا حُرًا بل حب من ألف صخرة بألف مقاس عليها أن تتراص بشكلٍ لائقٍ لئلا يقع كل البناء، فأخسر مبادئي و بنائي وعمري كله.
وتعبت من الكلام الذي لا يقول شيئا، ومن الصمت الحارق كجمر تآكلت منه روحي وتآكل منه جسدي.
تعبت.
١٣ إبريل/ ٢٠١٧، الخميس ٥:١٨.