ربما طالت العاصفة...
ربما تعبت..
ربما وصلت أحيانا إلى حافات اليأس..
ربما بكيت سرا من الإرهاق
ربما صارت أعصابك المشدودة منذ سنة تقول لك أنها لم تعد تحتمل...
ربما نفسك يكاد ينقطع..
ربما قلبك صار عند حنجرتك..
وحنجرتك لم تعد قادرة إيقاف الصرخات المتجمدة عندها..
ربما كان الإعصار شديدا..
والدوامة تشدك بقوة.. وتقاومها أنت بقوة..
ربما كل ذلك.. وأكثر..
لكن سورة ما، ستقتحم أسوار قلبك غير المحصنة..
ستقرأها، فتشعر إنها تتنزل عليك الآن... توا...
الآن وهنا... في تلك اللحظة التي تقيم فيها بين العاصفة والاعصار والدوامة...
وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
لقد قطعت شوطا طويلا.
تكاد تصل إلى مبتغاك... حتى وإن كنت لا تراه
أنت في الضحى.. تجاوزت مرحلة الفجر...
والليل صار خلفك...
لن تعود له.. لن يعيدك شيء له.
وربك لم يودعك.. ولم يهجرك.
حاشاه أن يفعل...
لقد أوصلك إلى هنا، وقد خرجت من نقطة تشبه العدم..
تذكر كيف بدأت؟
تذكر يوم خرجت اول ما خرجت؟
تذكر يوم تجاهلك الجميع؟ الأعلام والدول والشعوب..
تذكر يوم قيل لا شيء سيحدث مما تقول؟..
كنت مثل يتيم يتكبر عليه الجميع..
بل مثل لقيط يرفضه الجميع ويعايرونه بنسبه..
انظر الآن.. أين وصلت...
ها هو ما تفعله، يصير "الأعظم" بين كل ما حدث حتى الآن..
كنت ضائعا لا تبحث إلا عن حريتك فحسب.
اليوم صارت لك هويتك، تتمسك بها في وجه العاصفة..
كنت وحدك، واليوم، انظر إليهم: ها هم يتهافتون عليك
الدرب طويل.. وأعصابك تكاد تهمس في أذنيك، لم أعد احتمل.. قلبك عند حنجرتك يدق على رأسك ويقول: حذار.. سأنفجر..
لكن تذكر:
الليل صار خلفك...
أنت في الضحى..
عما قليل، تصير الشمس في المنتصف..
وأما بنعمة ربك فحدث..
- أحمد خيري العمري