التعاون و التخطيط المنطقي في الفرق التطوعية



علي الشيادي


جميلة تلك الجهود حين تنطلق خدمةً لوطنها و أرضها و أمتها ، بل و الانسانية جمعاء ، فتتحد سواعد الخير من أجل بناء صرح تطوعي شامخ ، من خلال خطوات مدروسة بعناية تامة .


و كم تطالعنا أخبار التواصل الاجتماعي يوميا عن استحداث فرق شبابية اجتماعية بصورة مستمرة ، و مع اختلاف المسميات إلا أن واقع العمل متشابه لدى الجميع .


و إن من أهم السمات التي ينبغي أن تحرص عليها هذه الفرق التطوعية سمة التعاون ، حيث أن كل عمل يحمل أمانة التطوع ، لا بد و أن يكون نابعا من أساس التعاون على البر و التقوى ، و العمل بروح الفريق الواحد ، حتى تتحقق الأهداف الخيرية المرسومة لكل عمل .


إلا أنه عند الرجوع إلى واقع بعض الفرق ، تجد تنافسية غريبة ، إلا أنها ليست إيجابية في حق العمل التطوعي ، تلكم هي التنافسية الساعية في إثبات ال ( أنا ) أكثر من مبدأ " و في ذلك فليتنافس المتنافسون " ، و هنا يظهر العكس من معنى التعاون المنشود .


و هذا النهج بحد ذاته يعتبر إساءة واضحة للعمل التطوعي ، و لمبادئ تأسيس الفرق التطوعية ، فالعمل الإنساني و الخيري و التطوعي ، قائم على التعاون ، و التعاون يقتضي نبذ ال ( أنا ) في كثير من الامور ، كما يقتضي تنسيق الجهود و توحيدها و العمل بمقتضى الخطة الموحدة ، الأمر الذي يقودنا للحديث عن سمة أخرى من سمات العمل التطوعي ، و هي ( التخطيط الاستراتيجي ) المدروس .


و من الملحوظ أن ثمة فرق تسير وفق نهج متوازن ، سيما تلك الفرق التي يقودها الشباب المتعلم المثقف الواعي بماهية العمل الاجتماعي و أهميته ، و هذه نقطة إيجابية تحسب لهم و تضاف إلى رصيد عملهم المنظم .


إلا أنه في المقابل نجد فرقا كثيرة تعمل على الكمّ دون الكيف ، فتنسى بذلك أهمية رسم الخطة الواضحة لمناشطهم و مشاركاتهم ، مما يؤدي ذلك إلى الركون بعيدا عن السير وفق منهجية محددة ، فلا تخصصية تبقى ، و لا عمومية واضحة تفيد .


فبين مشاركة صحية و اخرى ثقافية و غيرها فنية و هكذا دون تحديد ، بل قد تشارك بعض الفرق في فعاليات و مناشط تقيمها جهات أخرى ، فتقدم أعمالا لا تتناسب و هوية النشاط الذي يشاركون فيه ، و هنا يتجلى بعض التخبط في العمل ، و تظهر أهمية وضع خطة عمل منظمة و واضحة المعالم مهما كانت مختصرة .


و كم نستغرب أن يتفاخر البعض بحجم المشاركات المزحومة بصورة فوضوية في الشهر الواحد ، فضلا عن العام الواحد ، ظنا من القائمين على ذلك أن التصرف يعتبر انجازا لفريق المبادرة ، و في الحقيقة هي عشوائية مقيته ينبغي أن يتوقف عندها لمحاولة تفاديها في قادم الاعمال ، و احتواء ما فات منها .


إن العشوائية في العمل التطوعي ، و التخبط في طرق تقديم المبادرات الشبابية ، و المشاركة في كل فعالية مهما كان نوعها و مهما اختلفت مع هوية الفريق التطوعي ، أمرٌ غير مرغوب ، بل قد يعود سلبا ليس على الفريق نفسه إنما حتى على النشاط الاجتماعي ككل .




علي بن طالب بن زايد الشيادي