البعض يظن انه الوحيد الذي يقرأ الكتب ويتابع الاحداث , والاوحد في فهم مجريات الامور وما يجري خلف الكواليس , وانه المصداق الابرز للوعي والثقافة والمعرفة , واخر رجال الموهيكانز , وبقية السيف ... , وانه قطب الرحى وبيت القصيد ومربط الفرس , وشاغل الدنيا ؛ و اذا ألف كتابا او انجز بحثا او كتب مقالة او عمودا صحفيا , او اذا غرد ( تغريدة) او نشر (بوست ) في احدى وسائل التواصل الاجتماعي ... ؛ يظن ان الدنيا ستقوم له ولا تقعد , وكأنه صاحب النظرية النسيبة , او تشرشل في السياسة , وانه كالكعبة يجب ان يزار ولا يزور ... ؛ ولسان حاله ؛ كما وصف شاعرنا المتنبي نفسه :
أَيَّ مَحَلٍّ أَرتَقي *** أَيَّ عَظيمٍ أَتَّقي
وَكُلُّ ما قَد خَلَقَ *** الـله وَما لَم يَخلُقِ
مُحتَقَرٌ في هِمَّتي *** كَشَعرَةٍ في مَفرِقي
ويظن ان الاخرين يعيشون في جهلهم وتخلفهم وظلالهم وسطحيتهم ، تابعين شهواتهم واطماعهم , لا يأبهون بالعلم ولا بالنظريات ولا بالفلسفة ولا بالعقائد , وفي احسن الاحوال هم ادنى منه في المنزلة والمعرفة والثقافة والوعي والعلم والخلق والشرف ... .
اتذكر عندما كنا صغار مراهقين ؛ ما ان نقرأ كتاب من اوله الى اخره ؛ حتى نشعر بالغرور والعظمة , بل و يتملكنا شعور بأننا نستطيع ان نؤلف المطولات والقاء المحاضرات , ومناقشة الاساتذة واصحاب الكفاءات ... ؛ وبمرور الوقت وتراكم المعرفة والتجارب والمعلومات , اصبحنا اكثر نضجا و تواضعا واقل ادعاء و دوغمائية وسطوعا , و صرنا كما قال سقراط : (( كل ما أعرفه أني لا أعرف )) ... ؛ و قد ورد عن الشيخ ناصر الدين الالباني , انه كان يقول : ((ان لست عالما و لا طالب علم ؛ لكني طويلب علم ( تصغير طالب) ... )) .
أما آن لك ايها النرجسي المتعالي ان تراجع حساباتك وتهتم بشؤونك وتدع الخلق للخالق , او لا اقل اعمل ودع غيرك يعمل ؛ فان لم تكن وردا فلا تكن شوكا ... , وان كنت اظن انه من الصعب عليك فعل ذلك ؛ فانت تعتقد انك وصي علي وعلى امثالي - علما ان اغلب الأوصياء على الناس ؛ هم ضحايا أنفسهم وجلادو غيرهم - ... , وعليه سيبقى الجمل فوق التل , و ( راح تبقى انت مولانا ؛ لا ترحم و لا تخلي رحمة الله تنزل ) ...؟!