على الرغم من انتشار البطالة بين الشباب العراقي , بالإضافة الى وجود اثنين مليون طفل  ومراهق خارج المدرسة ... ؛ اضطروا الى اعانة اسرهم وترك المدرسة وهم موزعون بواقع (400الف تلميذ في المرحلة الابتدائية و600الف طالب في المرحلة المتوسطة ومليون طالب في المرحلة الاعدادية) بسبب الفقر والنزوح وغيرهما ... ؛ بحسب  تقارير منظمتي اليونسكو واليونسيف والاتحاد الاوربي .... ؛ اجتاحت الاراضي العراقية موجات عمالة اجنبية و بأعداد كبيرة جدا  , لا تتناسب مع الواقع الاقتصادي العام , فقد اعلنت مصادر متعددة ان العمالة الاجنبية تقدر بمليون عامل , منها بموجب تعاقدات مع الشركات او مكاتب التشغيل ’ او تسرب غير رسمي خلال السياحة الدينية والتقليدية او التهريب وغيرها  ... .

الا ان المتابع للشؤون الاقتصادية العراقية وبالأخص ملف العمالة الاجنبية , يصل الى النتيجة التالية : بسبب تتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب ؛ يعتبر العدد الحقيقي للعمال الأجانب في العراق غير واضح ولا محدد بصورة دقيقة , ...؛  فقد صرح وزير العمل السابق باسم عبد الزمان في يوليو/تموز 2019 أن الرقم بلغ نحو 750 ألفًا... ,  هذا بينما أكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 2018 وجود 400 ألف عامل أجنبي غير شرعي في العراق... ,  ومع ذلك، أظهرت أحدث إحصاءات قدمتها لجنة العمل والشؤون الاجتماعية البرلمانية في مارس/آذار أن هناك 1.5 مليون وخمسمائة الف عامل أجنبي في البلاد، بما في ذلك العمال غير الشرعيين ؛ وقيل غير ذلك ... ؛ وبصرف النظر عن العدد الحقيقي ، فإن وجود العمال الأجانب قد أجج استياء بعض العراقيين والنخب الواعية وغيارى واحرار الامة العراقية ... ؛ فقد ولدت العمالة الاجنبية تنافسا حادا بين العاطلين والشباب العراقيين وبين العمال الاجانب  الذين استولوا على استحقاقات العراقيين  بالعمل في بلادهم وسرقوا منهم فرص العمل في القطاع الخاص والنفطي , ولعل من اهم اسباب البطالة بين العراقيين وهروب العلمة الصعبة من البلاد  ؛ العمالة الاجنبية فهي تمثل تحديا اقتصاديا خطيرا للشباب العراقيين , وعليه لابد ان يتحرك ابناء الامة والاغلبية العراقية للحد من استفحال هذه الظاهرة الخطيرة والتي تهدد ابناءنا وشبابنا وخريجي جامعاتنا ... .  

ومن اهم الاسباب التي تدفع الاجانب والغرباء للمجيء الى العراق ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة والى وقتنا الراهن ؛ فارق الأجر , أو توافر فرص العمل  , والتسهيلات المقدمة من  العراق حكومة وشعبا . 

ولم ترتبط ظاهرة العمالة الاجنبية في العراق بالتطورات والتنمية الاقتصادية العامة كما هو الحال في اغلب دول العالم ؛ اذ لم تخلو بلاد الرافدين قط من هؤلاء الغرباء , فعلى الرغم من ظروف الحصار القاسي التي مر بها العراق والامة العراقية في عقد التسعينات من القرن المنصرم , كان العمال الغرباء موجودون في العراق ؛ لاسيما العرب منهم وبالأخص السودانيين والمصريين والصوماليين والفلسطينيين ... ؛ وبعد سقوط النظام الهجين عام 2003 والانتعاش المالي وارتفاع المستوى المعيشي للمواطنين العراقيين ؛ تزايدت اعداد العمال الاجانب والغرباء بشكل ملفت للنظر  , مما  نتج عن ذلك الكثير من الاثار السلبية كارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وانخفاض مستوى العمالة الوطنية و التي تنعكس بدورها على زعزعة استقرار المجتمع ؛ فضلا عن التداعيات الامنية والاجتماعية والثقافية الاخرى ...؛ بل والتغييرات الديموغرافية احيانا  كما حدث في بداية تأسيس الدولة العراقية اذ تم تجنيس الكثير من رعايا الاحتلال العثماني والبريطاني , بالإضافة الى تسكين الكثير من العرب وغيرهم في العراق ؛ لإحداث التغييرات الاجتماعية وتغييب الهوية العراقية الاصيلة ؛ لغايات استعمارية و طائفية ومنكوسة  ... ؛  ففي بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة ؛ لم يهاجر بقايا العثمنة ولم يرجع رعايا الاتراك  الى بلادهم الاصلية او يلتحقوا بأسيادهم الاتراك في تركيا , وانما طاب لهم المقام في العراق , بل وتسنموا القيادة فيه والزعامة على اهله ...؟!  , وكذلك جاءت افواج من الموظفين والمعلمين الغرباء من الدول العربية للعمل في العراق ومن ثم الحصول على الجنسية العراقية والبقاء في العراق , وبلغ التغيير الديموغرافي وقتذاك حدا خطرا , مما اثر تأثيرا سلبيا على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والديني واستمر الى هذه اللحظة الراهنة .

وكانت للعراق تجربة قاسية ومريرة مع العمالة العربية الوافدة , وكان ذلك في ثمانينات القرن المنصرم اثناء الحرب العراقية – الايرانية، وقد بلغت تلك العمالة ارقاما قياسية، مقارنة بعدد نفوس العراق والايدي القادرة على العمل فيه من سكانه، ولعل السبب المباشر لذلك عمليات التجنيد الواسعة للشباب والرجال قي محرقة تلك الحرب الطويلة والمريرة والتي افتعلها السفاح صدام بأوامر خارجية لإهلاك البلاد والعباد .

دخلت العمالة العربية وخاصة المصرية منها الى جميع مرافق العمل الحكومي والخاص، وكان  المنكوس  صدام الهجين  قد اصدر عدة قرارات لصالح تلك العمالة حتى على حساب المواطن العراقي ، وقد نقل عن صدام قوله في لقاءه مع مجموعة من المصريين في البصرة - في الثمانينات - وخلال الحرب العراقية الايرانية :  (يا مصري اذا العراقي ضربك فرد عليه واضربه واذا العراقي قال لك يا مصري اخرج من بلدي العراق فلك الحق يا مصري ان تطرد العراقي وان تقول له انت يا عراقي اطلع من العراق هذا (عراقنا) عراق المصريين)...!! . 

وقد خلفت  تلك العمالة وراءها ؛ الكثير من الاثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السلبية  في حينها  , ومنها ما زال ساري المفعول الى هذه اللحظة ؛  ففي العام 1989 وبعد خروج المصريين في تظاهرات فرح بعد فوز المنتخب المصري على الجزائر... ؛  قام عدد من العراقيين الاصلاء الغيارى  بإطلاق النار على المصريين الغرباء  المتظاهرين بسبب تجاوزات المصريين وعدم احترامهم للعادات والتقاليد العراقية ، وقتلوا عددا منهم وجرحوا كثيرين نتيجة ما اعتبروه استفزازا ، خاصة وان العراقيين في تلك الفترة وبعد توقف المعارك ، لم يجدوا فرص عمل , فقد استولى المصريون على كل شيء في عراق صدام العار واوغاد العوجة . 

 

بالإضافة الى حصول عدة حوادث اخرى , ادت الى وفاة بعض المصريين وللعلم البعض من هؤلاء كانوا مجرمين ؛ في ظروف غامضة ، وقد اثارت تلك الوفيات ازمة سياسية بين الحكومتين المصرية والعراقية ؛  واطلق عليها في حينها (النعوش الطائرة).

ولم يسلم العراق من البلاء المصري وتبعات العمالة الاجنبية والمصرية والعربية  , فقد طالب المصريون الحكومات العراقية في العهد الجديد ؛ باسترداد  ما اسموه بحقوق العمالة المصرية من العراق مع الفوائد المتراكمة , اذ لم يكتفوا بما نهبوه من ثروات العراق وحقوق العراقيين , اذ راحوا يطالبون بحقوق ما انزل الله بها من سلطان , فقد شن نواب مجلس الشعب المصري و وسائل الاعلام المصرية , حملة قوية على العراق كعادتهم في التآمر ضد الحكومات العراقية ,  وتزامن اطلاق هذه الدعوات في مجلس الشعب المصري مع نجاح السلطات الكويتية بالحجز على طائرة الخطوط الجوية العراقية في مطار غاتويك البريطاني بسب دعوى بقيمة 1.2 مليار دولار تعويضات عن طائرات كويتية عطبت او استولى عليها نظام صدام البائد... ؛ وقال السفير أيمن زين الدين- نائب مساعد وزير الخارجية المصري : ان الحكومة المصرية لن تفرط بحقوق العمال المصريين العاملين في العراق والذين غادروا العراق قبل 13 عاماً اثناء الحصار الغربي على العراق بسبب غزوه الكويت... ؛ وأكد زين الدين خلال اجتماع لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب المصري :  أن الرقم الدقيق لمستحقات العمالة المصرية بالعراق يبلغ 408 ملايين دولار، بينما بلغت الفوائد 537 مليون دولار حتي عام   2009 ؛ وقد استجابت الحكومة العراقية للضغوط المصرية الباطلة , واعطت الحكومة العراقية رواتب تقاعدية مجزية لهم , وذلك تثمينا لدورهم المنكوس في تثبيت اركان النظام الصدامي الاجرامي ؛ و اصدرت هيأة التقاعد العامة،  توضيحا  حول هذا الموضوع , في وقت سابق , جاء فيه : (( ... منذ سبعينات القرن الماضي وظفت الدولة عدد من المواطنين الفلسطينيين والاردنيين والمصريين السودانيين وبالتالي استحقوا رواتب تقاعدية عن خدماتهم في الدولة، ولم يصدر اي قانون او قرار ألغى استحقاقهم من الراتب التقاعدي وفق شرطي الخدمة، مشيرا الى انه قسم كبير منهم لم يغادر العراق، ولازال مستمرا بالخدمة في دوائر الدولة وعند إحالته إلى التقاعد يستحق الحقوق التقاعدية وفق قوانين التقاعد النافذة ... )) ...!! .