تقول أمي: < يجب أن تجدي رجل ...يجب أن تتزوجي مثل صديقاتك قبل فوات الأوان>.

و أرُد أنا : <لا بأس يا أمي... سأفعل>.

ألتقي صديقاتي لتسأل كل واحدة نفس السؤال في كل مناسبة :

  • -< ماذا؟ ...هل وجدتِ الشخص المناسِب أو متى سنفرح بكِ>.
  • أرُد : < لم يكتب الله بعد......>.
  •  أما في داخلي أقول : < لماذا لا يسألنني سؤال  سخيف آخر ...عن أحمر الشفاه الذي أضع مثلا ..عن نوع الحذاء الذي ألبس ...أو سؤال أسخف بعد مثل : ألم تسمعي أنَّ فلانة تزوجت؟  ...لطالما انتظرت هاته الأسئلة عند مصادفتهم. >.
  • أجل حيث أنتمي لا يوجد من يسألني سؤال يفتح شهية الحوار  , أن يسألني مثلا: < هل قرأتِ لليون تولستوي ؟
  • طبعا قرأت ... ماذا؟ ماذا قرأتِ ...كل ما استطاعت يداي لمسه من كتبه. ... كأن يسألني عن رأيي  في غيوم ميسو و أجيبه بكل ثقة أنه كاتب رائع, و ذكي , كتبه تبعث الطمأنينة و السكينة في القلب, أعتبر كتبه مصدر البساطة و الرقي في آن واحد ,إنه من بين الأفضل .........>.
  • حسناَ ممكن أن لا أجد شخص مهتم بالكُتَّاب أو بالكتب الأدبية لا بأس ....أقبَل.... لكن أريد أن يوجد ذلك الذي يسألني: كيف حال أحلامك ؟ هل ولِد حلم جديد لديكِ اليوم ؟.
  •  
  • نعم كل يوم يولد  حلم جديد من رحم قلوبنا, نرسمه جميلاَ في مخيلتنا لا يشبه واقعنا أبداَ, و نتمسك بذلك الأمل أننا سندركه يوماَ ما.
  • تختلف الأحلام باختلاف البشر و المجتمع  و الظروف  و اختلاف السن أكيد  فأحلامنا و نحن أطفال خيالية لحد أنها مستحيلة, و أنا أصغر سناَ  لطالما  تمعنت النجوم ليلا تمنيت أن ألمسها, أن اصعد فوق و أكتشف.... أن أغوص في اللامكان  ...لقد كانت أمنية ثم أصبحت هوس أن ابتاع تليسكوب ظناَ مني أني سأقترب أكثر من تحقيق حلمي ....يا للسخافة فيم كنت أفكر.............
  •   نعم لقد كنا صغاراً و أمنياتنا كانت أكبر أما الآن نحن نكبر أما أحلامنا  فتصغر ...أصبحت متواضعة و واقعية أكثر لكن بقي تحقيقها دائماَ شبه مستحيل ...ليس لأننا لا نملك الوسائل لتحقيقها لا بل لأننا تحت رحمة مجتمعِ فاسق لا يجيد سوى قتل الأحلام  ...مجتمع يحترِف النفاق كمهنة  يضع القواعد و يطبقها باسم العادات و التقاليد...لا يترك الشاب يسعى لتحقيق أمانيه لأنه مازال صغيرا ...لأنه مسرف ....لأنه طائش....لأن عليه أن يعمل ....لأن عليه أن يُدير أعمال العائلة ...لأن أحلامه سخيفة لا يجب تضيع الوقت عليها ...لأن عليه أن يتزوج ...أن يرعى العائلة ..لأنه رجل و لن يشتغل بدراسة الفن مثلاَ أو التمثيل أو الموسيقى  . لأنه سيتعرض للسخرية .......الخ .
  • لا يترك الشابة تسعى لتحقيق أحلامها لأنها تحمل شرف العائلة ...لأن عليها أن تتزوج ...أن تنجب ....أن تربي ....أن تسهر ...ان ترعى ....أن تموت و فقط .
  • هل يجب أن تكون  أقصى أحلامنا نحن النساء  " رجل"  ؟.
  • هل يجب أن نجهض أحلامنا قبل أن تولد ؟
  • هل يجب أن نخضع  لقانون الغاب و نستمر ؟
  • هل يجب أن نصرخ و نقول : رجاءاَ لدينا أحلام بسيطة ....بسيطة لدرجة أنك أنت تستطيع تحقيقها لأي شخص.
  • فهناك من لديه حلم متواضع كأن يقود دراجة لن يستطيع امتلاكها ...أو سيارة مثلاَ لكن الفقر أقبح من أن يحقق حلمه  .
  • هناك من حلمها أن تركب طائرة ....أن تطير فوق السماء عالياَ لكن المجتمع يرى أنها فكرة سخيفة.  
  • هناك من يريد أن   يعود إلى الوطن ....أن يقبِل جبين أمه ...أن يُدفن تحت تراب أصله لكن هناك ثأر سيمنعه حتى من يخطو خطوة واحدة في أرض الوطن .
  • هناك من يريد أن يرى البحر ... البحر فقط لساعة  و  يعود إلى صحراءِ خالية من كل شيء عدى حلمه الذي ولِد هناك.
  • نعم هناك من يقرأ الآن و يستغرب هذا النوع من الأحلام و يستصغرها لكنها عظيمة في نظر شخصِ آخر لكن هناك قيود تمنعه من تحقيقها.... قيود يحكمها المجتمع, العائلة,الأب, الأخ.... كلُ لهُ الحق في أن يتدخل في حياتنا , أن يغيرها كما يشاء ... و ليس لنا خيار سوى الخضوع.
  • كم هي هائلة قدرة البشر في  التدمير ...كأنه شيء عادي أن أقتل أحلام الآخرين  ....

أنا آسفة للشيء واحد ...أنني ولِدت في هذا الزمن أين الأحلام تُسرق .تُنهك ..تُغتصب في بساطة ...و تُترك جثة هامدة تُحتضر