بعض المواقف والأحداث المؤلمة تعيش في أذهان الناس لفترة طويلة , وتتناقلها الألسن في عدة أماكن وأوقات لشدة بؤسها ومرارتها , أمّا من كان له طرف فيها أو يمت بصلة لطرف ممن وقعت عليهم تلك الأمور, فمرارتهم وبؤسهم أكبر واشد لذا وقع الخبر والصدمة عليهم أقوى وكان الله في عونهم .

قبل أيام خلت وقعت في مدينة الخرج واقعة أليمة هزت كيان الجميع , ممن يعرفون هؤلاء الضحايا او ممن لا يعرفونهم , فقد قتل عدة أشخاص عمهم وابن عمهم وأصابوا اثنين من أبناء عمومتهم , وعامل لا ناقة له ولا جمل يعمل في محطة بترولية في أحد الأحياء دهسا وبالسلاح في ذهول ممن سمع بالخبر وعايشه , القضية متشعبة وليست كلها ظاهرة للعيان , فأغلب التفاصيل مفقودة ولا نعلم عنها شيئاً , ولكن ما وصلنا منها أن المشكلة بدأت بسبب تنمر العم على ابن أخيه المستمر كون أمه مصرية حتى بلغ السيل الزبا كما يقولون , فاتوا بعصيهم نحو العم و أولاده الذين يبدو أنهم جميعهم صغار بالعمر عكسهم , وأخذ الاب سلاحه وتم تبادل النار ما بينهم في وقائع دموية , فنجم عن ذلك مقتل الأب وأحد أبنائه وإصابة أولاده وبعض من كان لا علاقة له بالقضية في جريمة بشعة هزت الرأي العام السعودي .

من الغريب أن يحمل مراهقين وشباب سلاح في مثل هذا العمر وهذا منشؤه منذ الصغر فالبعض يربي طفله على تلك الأمور بحجة أنه يريده رجل منذ البداية فيتطبع بطباع الرجال , ونسوا أن من أهم صفات الرجال الحلم وكبح الغضب , فهذا الذي يجب عليهم أن يعلموه أبنائهم , لا ( الهياط ) والاستهتار بأرواح البشر.

الخطأ مشترك كما سمعنا فالتنابز بالألقاب نهى الله عنه سبحانه في قرآنه ( ولا تنابزوا بالألقاب ) سورة الحجرات . حتى وصل الأمر أشده فأدى إلى خلاف شديد وضيق شديد من قبل أولاد أخيه المتوفى مما نتج عنها تلك الحادثة البشعة , وكذلك الخطأ الشنيع من هؤلاء المعتدين مهما حدث فهذا عم وإن أخطأ هناك ألف طريقة لردعه , منها أن يكلموا شخص من العائلة أو القبيلة له مكانته فيكلم العم و إن لم ينفع هناك جهات رسمية تتعامل مع مثل تلك الحالات , لسنا في غاب كل شخص يأخذ حقه بيده ولو كل شخص سبه شخص او تنمر عليه قتلته لما بقي إلا قليل من الناس .

أقترح جمع البيانات ومعرفة اكثر القبائل والعائلات تعليماً لأولادهم تلك الأمور وإنشاؤهم عليها , فيتم مراقبة سلوكم وقياسها عبر المدارس بوجود متخصصين ,ومن تكون لديهم نزعه لمثل هذه الأمور على ضوء تلك القياسات , فيؤخذ هؤلاء الطلاب ويودعون في مدرسة خاصة في جهة معينة أشبه بالمدارس الداخلية لدى الغرب, تنشئهم نشأة حسنة بتعليمهم ما ينفعهم ونبذ هذه الصفات السيئة و تعديل سلوكهم عبر برامج خاصة , وحين يكبرون يراجعون تلك الهيئات والجهات بشكل مستمر حتى يبلغوا النضج , أو يلمسوا بأن هناك استجابة وتغير في سلوكهم ,فأعتقد لابد من عمل هذا الأمر لأن الوضع بدأ يزداد ويكثر مما يشجع غيرهم لحذو حذوهم و الاقتداء بهم , وكذلك يجب اغلاظ العقوبات على كل من يحمل السلاح بدون داع , بالسجن لسنوات طويلة حتى يرتدع من حولهم فالسلاح خطر عندما يكون في يد أيٍ كان .