ماذا تفعلين؟

سألني تويتر للمرة الأولى وكان ردي أن بعثت له بأغنية جميلة ثم مازلت أردد أجوبة الآخرين حتى تملكت شجاعة كافية لأبدأ الإجابة دون أن يرافقها منشن للحماية..

كان تويتر كريماً معي منذ البداية ومازال يكرمني حتى هذه اللحظة. لم أكن أعرف من أتابع، بحثت عن حساب الدكتور طارق السويدان ولم يعجبني ثم اقترح عليّ تويتر أن أضيف ابنه الدكتور محمد السويدان ففعلت. ومن هنا بدأت رحلتي المليئة بالدهشة والصدف الجميلة.

يخبئ تويتر هدايا كثيرة في زواياه وكل ماعليّ هو أن أبحث. أنا أبحث في كل مكان، في مفضلة من أتابعهم، في قوائم من يتابعون وفي حسابات من يردّون عليهم بشكل دوري. أُجزم أن هدايا تويتر القيمة جداً لاتظهر لك إلا بهذه الطريقة. تعرفت على الان دي بوتون وروايات محمد حسن علوان من رتويت لحساب أهتم به. أحياناً أسمي فعلي هذا stalking ولأني لا أعرف ترجمة دقيقة للكلمة (تلصص كلمة بشعة لا أحبها) سأسميه اهتماماً خاصاً.

لم أجد تطبيقاً آخر يساعدك على تتبع الآخرين كما يفعل تويتر. تقرأ لمن تهتم لهم كل يوم، تعرّج على حساباتهم كورد يومي، يخبرك تويتر بمن أضافوا، وماذا فضلوا ومتى كتبوا آخر تغريدة. ثم يتصرف تويتر كصديق مخلص، فلا يخبر الآخرين عمّا بحثت، ولا كم مرة دخلت حساباتهم. يفعل هذا كله دون أن يقتحم حريتهم، فأنت لاتعلم هل هم متواجدون حالياً أم لا.

أتتوقع أنه أضاف خاصية البحث من فراغ؟ قطعاً لا. ابحث عن الكلمات في الحسابات التي تتابعها، جرب كتابتها مرة بأل التعريف وأخرى بدونها واستمتع بالنتائج. لو كنت تفضل البحث في حساب محدد فأنصحك بكتابة الكلمات التي تتكون من ثلاث أحرف. بحثت مرة عن كلمة "ثمة" وخرجت بأكثر من ثلاثين نتيجة!

تمنعك أعراف تويتر من الرد على كل تغريدة يكتبها الآخرون فتتعلم كيف تنصت. تُفقدك مئة وأربعون حرفاً قدرتك على الرد فتبدأ بتطبيق فلسفة أنا أفضل/أحب إذاً أنا موجود.

يبدو تويتر أحياناً كمصنع للدهشة، كل زيارة له تختلف عن سابقتها. قد تزوره فتكتشف شخصاً رائعاً تتابعه، فكرة عظيمة تسهر معاها، سؤالاً ظننت أن إجابته جاهزة لديك، محاضرة ممتعة، فيلم استثنائي، معزوفة لم تسمعها من قبل، أو مجالاً جديداً لا تعرف عنه شيئاً. الاحتمالات دائماً لانهائية.

أكتب تدوينة عن أخطائي فيقرأها أكثر من ثلاثة آلاف شخص. أبحث عن كتاب أود قرآءته ثم تصلني نسخته من ثلاث حسابات مختلفة أحدها من باكستان. لم تمنعه لغة التغريدة العربية من أن يرسل صورة لفهرس الكتاب لأتعرف عليه أكثر. أي لطف هذا يا الله؟

تدهشني أكثر الاكتشافات التي تقودها الصدفة في تويتر. راجع قائمة من تتابع وتأمل كيف اكتشفتهم؟ منذ متى؟ لماذا ينظم بعضهم لدائرة أصدقائك الصغيرة بينما يظل الآخرون في قائمة حساب يعجبني وأتابعه من بعيد؟

حسناً لننظر لقائمة من أتابعهم..اكتشفت حساب متعب حامد من منشن عن برد الرياض، أسامة خالد من تسجيل صوتي مع فهد الحازمي، فهد من متابعة هادي فقيهي الحاضر الغائب، أنس حسين من رتويت لابهم، أنفال من تغريدة شجاعة في مفضلة أسامة، منى من رد لحساب محمد الحاجي، طارق المبارك من هاشتاق لطيف يوزع عيديات كل سنة، عمر دافنشي من ترشيح تويتر.

يكفي أن تتأمل علامة التعجب التي تتبع تنبيهات تويتر وتبتسم ( ملاحظة: يحق للمى اللحيدان فقط أن تستنكر من تعجب تويتر)

تويتر شبكة دعم معنوي هائلة. تكتب يسار وأنا أجزم أنها تتحدث عني. يروي منصور قصصاً عن المجمعة وكأنه يتحدث عن قريتي. تقوم هديل بالرتويت فيهرب الملل فوراً. يصيبني اليأس من وضعي كسعودية فتكتب عبير سلسلة تغريدات تعبر عن كل مافيّ. تصدح موسيقى بشاير الأسمري في التايم لاين فيزول ثقل العالم عن كاهلي. بعد كل هذا يبدو استبدال تويتر لسؤال ماذا تفعل، بماذا يحدث، منطقيا جداً.

يقول فيصل الحبيني " تلك اللحظة التي تحمل فيها كتاباً, وتتلاشى حميمية من يحمل طفلاً بين يديه, تبتسم في وجهه, تنتشي، وتنسى بخشوع بأن الذي بين يديك حفنة أوراق." تويتر يفعل هذا أيضاّ.

Twitter is home كما تقول فاطمة الحبيب، ويضايقني والله أن يغادر هذا البيت أحد. سلام للغائبين عن تويتر: رائد، هادي فقيهي، إينان، سواح، هيفاء القحطاني، أتمنى أن تكونوا بخير..يفتقدكم تايم لايني بشدة!

هل لديك فضول لمعرفة الحسابات التي ذكرتها هنا؟ ابحث!