كثيرا ما يوصف عدنان إبراهيم بالرافضي ، والمتعاطف مع الشيعة وأنه يدّعي السنية في المذهب وهو يمارس التقية ليبث سمومه محاولا هدم المذهب السني من الداخل و....إلخ..

كلام كثير مثل هذا ، وفي رأيي أن وصف عدنان ابراهيم بالرافضي أو المتعاطف مع الشيعة غير منطقي، فالرجل لديه ردود كثيرة على عقائد المذهب الشيعي وهي ردود قوية وعقلانية .. وقد سمعت له خطبة في ذلك تزيد على الساعة والنصف وهي من أفضل ما سمعت في الرد على أصول المذهب الاثني عشري في الإمامة والعصمة والرجعة .

في الحقيقة من يفهم عدنان ابراهيم جيدا يعلم أنه ليس شيعيا وليس له خطط لهدم شيء وربما حتى لبناء شيء ، أرى أن مشكلة عدنان إبراهيم الرئيسية هي الازدواجية في الآراء وعدم الثبات على مبدإ واضح .

أولا يتضح أن الرجل قرأ كثيرا ، وكثيرا جدا .. قرأ في كل شيء .. له محاضرات في الفلسفة والمنطق ، وله محاضرات عن النظريات العلمية : نسبية اينشتاين ، فيزياء الكم ، الأكوان المتعددة. وله محاضرات في التراث الإسلامي : عن الصحابة والسلف وعلم الحديث، عن التاريخ الإسلامي والأحكام الفقهية.. له خطب عن السياسة المعاصرة: عن الإخوان وإيران .. عن الثورات العربية.

يتحدث عدنان عن كل شيء، وليس الإشكال في هذا ، لكن الإشكال في أنه يقول كلاما كثيرا بحماس وقناعة .. وفي الغد يخالف كل ما قال دون التطرق لآرائه السابقة التي خالفها.

في الحقيقة لا أحد يدري ماذا يريد عدنان إبراهيم ولا أحد يستطيع بدقة أن يحدد فكر عدنان إبراهيم .

وثمة أمثلة كثيرة توضح ما أدعيه سأذكرها باختصار لكثرتها :

في مسألة السنة مثلا أحيانا يرى أنها غير ضرورية في مسألة التشريع وأن المرجعية للقرآن وحده ، وفي أحيان أخرى يقول أن من يدعي هذا لديه "عقوق فكري" هكذا نصا !

وفي عذاب القبر أحيانا يثبت مسألة العذاب ويورد الأحاديث المتواتره في ذلك وأحيانا ينكرها معتقدا أن الحساب والعقاب كله يوم القيامة .

أما استدلاله في الأحاديث فليس له منهجية واضحة يسير عليها ، فتجده ينكر أحاديث صحيحة كثيرة ثم يستدل بأحاديث ضعيفة من غير تعليق عليها .

وإذا ذهبنا إلى آرائة في السياسية فهي كذلك لا تخلو من تناقض ، فقد سمعت له مقطعا يتحدث فيه عن إيران المتسامحة المسالمة التي لم تتعرض لأحد منذ مايقارب ال١٥٠ سنة وحتى الآن . ، وفي مقطع آخر يتحدث فيه عن سياسة إيران القذرة وتدخلاتها الغاصبة في العراق وسوريا. والمشكلة أن كلا المقطعين بعد الربيع العربي.

ازدواجية عدنان ليست في آرائه فقط ، بل حتى في منهجية التفكير عنده .. فعدنان إبراهيم الرجل العقلاني التنويري الذي يُرجع كل شيء إلى حكم العقل ، تجده يتكلم بلاعقلانية عن كراماته التي أقل مايقال عنها أنها مضحكة .


يقول أحد متابعي عدنان ابراهيم تهكما أني إذا غبت عن سماع عدنان إبراهيم لمدة اسبوع وعدت له أظنه شخصا آخرا ، كناية عن تغير آرائه السريع .

هذه الازدواجية العجيبة تحتاج إلى دراسة ..

فهل هي عائدة إلى كثرة القراءة المنوعة أو المشتتة - إن صح التعبير . أم هي عائدة إلى أن طرحه كلامي وليس كتابي ، أي أن له خطب وليس مؤلفات . ومعلوم أن الرجل حين يتكلم يختلف عنه وهو يكتب. قد يأخذك الكلام في سياقات كثيرة لا تعيها بعكس الكتابة التي تعطيك فرصة في التفكير والتصحيح وفي المحو والزيادة .

أخيرا لا أنكر أني استفدت كثيرا من عدنان إبراهيم ، ولا أنكر أني أدعو للاستماع إليه ، فللرجل أسلوب فريد لم أجده عند أحد وله محاضرات فكرية عميقة ليست عند أحد .. نعم أنا أدعو للاستماع لعدنان إبراهيم لكن يجب أن يكون استماعا عقلانيا بروح نقدية ، لا تأخذ عنه كل شيء ولا تترك منه أي شيء .