كثيرون هم الوطنيون والشرفاء والنزهاء والغيارى ؛ الذين دخلوا المعترك السياسي وشاركوا في العملية السياسية وتسنموا المناصب الحكومية , ولكن الاعم الاغلب من هؤلاء فشلوا في الاختبار , وسال لعابهم امام المغريات والشهوات والملذات , و وقعوا في الفخ الامريكي والاجنبي , وابتلعوا الطعم الشيطاني , واكلوا السحت والمال الحرام والميتة , وتوضؤا بدماء الابرياء , وغسلوا وجوههم بدموع اليتامى والثكالى والمساكين والفقراء , فمسخهم الله ونبذتهم الامة والاغلبية العراقية , وسارت بمخازيهم وفضحائهم ومثالبهم الركبان , وانتشرت اخبارهم واسرارهم بين الكرد والعجم والعربان , فصاروا مادة للتندر والسخرية والاستهزاء , وأضحوكة للأجانب والغرباء والاعداء .
ولعل هذه الظاهرة الا وهي ظاهرة النكوص والانقلاب ؛ وتراجع المرء عن مواقفه السابقة , وانقلابه على عقائده , وتنصله من مبادئه وقيمه , وتغيره وتحوله من حال الى حال , وتنكره لأبناء قومه , وتبديل جلده كالحرباء , ظاهرة قديمة ومنتشرة بين الناس ؛ لذلك حذرت الآيات القرآنية والروايات الاسلامية ؛ من سوء عاقبة المرء والنفاق والرياء , والامور بخواتيمها ونتائجها كما قيل قديما , لان الناس كلهم متساوون في البداية الا انهم في النهاية مختلفون , وقليل منهم من يثبت على مبدأه ورأيه ولا يغير موقفه , فللظروف احكامها وللمغريات والتحديات والتهديدات سلطانها , ولعل اشباه هؤلاء من قصدهم الامام الحسين بقوله : (( النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا ، وَ الدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ ، يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ ، فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُون)) ومن البلاء الاستجابة لتهديدات الاقوياء والجبن والضعف عن مواجهة الاعداء ؛ و قد جاء في وصية الامام موسى بن جعفر الكاظم لهشام بن الحكم : (( ... يَا هِشَامُ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَ عَزَّ حَكَى عَنْ قَوْمٍ صَالِحِينَ أَنَّهُمْ قَالُوا- رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ حِينَ عَلِمُوا أَنَّ الْقُلُوبَ تَزِيغُ وَ تَعُودُ إِلَى عَمَاهَا وَ رَدَاهَا... )) ما يسلط الاضواء على هذه الظاهرة ويكشف عظم خطرها , اذ كان الصالحون يطلبون من الله حسن العاقبة وعدم الانقلاب والرجوع الى الوراء ؛ فالعبرة في خاتمة المرء وعاقبته لا في بداية مشواره وظاهر افعاله .
وحري بالمرء الذي سرق حد التخمة , وخان الوطن حد اللعنة , وتمتع بالسحت حد الابتذال والانحطاط , والذي تغيرت خصاله وتبدلت طباعه , واصبح في واد واهله وناسه وبني قومه وشعبه في واد اخر ؛ ان يعتزل العمل السياسي ويكتفي بما نهبه وسلبه واخذه ؛ او يكفر عن ذنوبه واخطاءه وخطاياه من خلال اعداد قادة وطنيين شرفاء بدلاء عنه ؛ ليحلوا محله ويأخذوا دوره , ويصححوا المسيرة ويخدموا الوطن والمواطن ؛ الا ان المفروض شيء والواقع شيء اخر ؛ ولعل تسمكه بالسلطة وتشبثه بالمنصب جاء نتيجة لأمرين لا ثالث لهما ؛ الاول ان دخول هؤلاء للسياسة جاء بأمر خارجي او قرار دولي استكباري واستعماري , وكذلك خروجهم منها لا يتم الا عن طريق تلك القوى ؛ فهم كالعبيد والمرتزقة لا يملكون من أمرهم شيء , ولو فرضنا ان البعض منهم مارس السياسة اعتباطا وصدفة او طموحا ورغبة في بداية امره , ومن ثم تدرج في المناصب الحكومية والادوار السياسية ؛ الا ان خروجه من العملية السياسية ليس سهلا كما يتوقع او يظن البعض , ولعل المثل المصري الشعبي القائل (( دخول الحمام مش زى خروجه )) يقرب لنا هذا المعنى وينطبق على هؤلاء ... ؛ والامر الثاني : ان طمع وجشع هؤلاء لا حدود له , ولعل هذه السمات يغلفه هؤلاء بدعوى انه لا بديل عنهم , وان امن الوطن والمواطن مرهون بوجودهم في العملية السياسية , و هؤلاء قد يكونوا مصداقا للآية القرآنية : ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا )) وهم لا يشعرون ؛ والا بماذا تفسر تصريحات البعض منهم : بأنهم فاشلون وعاجزون وفاسدون , واعترافاتهم بالتقصير بحق الشعب والاغلبية ؛ ومع ذلك تراهم في كل دورة انتخابية يرشحون انفسهم او من ينوب عنهم ؛ هل عقمت ارحام العراقيات عن انجاب الرجال الشرفاء والساسة الاصلاء والقادة البدلاء ام فرغ العراق من الرجال الشجعان والساسة الاحرار واصحاب الكفاءات ...؟! .
الا ان بعض الكتاب يذهب الى ان هؤلاء ليسوا فاشلين او فاسدين ولا يوجد قصور او تقصير في سماتهم الشخصية او ادائهم السياسي ؛ وان عدم قدرتهم على الايفاء بوعودهم وعهودهم للجماهير فيما يخص تنفيذ مطالبهم وتحقيق تطلعاتهم واحلامهم في العيش الكريم والحياة السعيدة المستقرة و المزدهرة ؛ بسبب القيود الاستكبارية والمعاهدات الجائرة الاستعمارية والتحديات الخارجية والاملاءات الدولية ؛ بالإضافة الى انعدام البيئة الوطنية القوية الساندة والحاضنة السياسية العراقية الواعية ؛ التي يرتكز عليها السياسي العراقي ويعتمد عليها الحاكم الوطني , و التي منها ينطلق لمواجهة الاعداء والاخطار والتحديات الخارجية حسب المفروض والحالة الصحيحة ؛ لان المجتمع الضعيف لا ينتج ساسة اقوياء ؛ بينما ينتج المجتمع القوي قادة ابطال ... ؛ هذا من ناحية ومن ناحية اخرى احتياج هؤلاء للأموال وافتقارهم اليها ؛ يقف عائقا دون تنفيذ مشاريعهم السياسية و من ثم برامجهم التنموية ... الخ .
الا ان تخريجات هؤلاء الكتاب وتبريراتهم لأفعال الساسة واثارها السلبية , وقراراتهم ومخرجاتها الكارثية ؛ لم تحض بالقبول ولا تصلح ان تكون عذرا للجميع , اذ ان الكلام بالعموميات الهلامية والاجوبة الكلامية والشعارات العاطفية والنظريات العامة لا ينفع في عالم الحكم و السياسة , فالكلام فيها يعتمد على دقة النسب والارقام ومقدار الثروات والانجازات ؛ لذا قيل : ان الشيطان يكمن في التفاصيل .
واليكم هذا المثال الذي يبين لنا حقيقة الامر : اراد احد الاشخاص بناء دار له ؛ فسلم احد المقاولين مبلغ مليار دينار لإنشاء تلك الدار , وجاء بعد فترة طويلة جدا للمقاول وسأله عن سير العمل والبناء , واعتذر المقاول عن تلكؤ العمل كالعادة , و بسبب مماطلات وتأجيلات المقاول المستمرة ؛ انقضت السنون وانصرمت الاعوام والبيت لم يكتمل بناءه بعد ... , الا ان الشخص صاحب الدار سلم امره لله , وعد هذا الامر من البلاء والقدر والقضاء , وبعد 83 عاما من الانتظار والصبر وبذل الاموال ؛ جاء لرؤية داره الموعود بها , واذا بها عبارة عن غرفة مبنية بمادة ( البلوك ) ومادة ( التنك ) وسقفها من مادة ( الجينكو ) وبابها عبارة عن قطعة من القماش السميك , وامام هذه الغرفة فناء واسع تملئه الاتربة والاوساخ , ولا يوجد في الدار منظومة حديثة للمجاري او الكهرباء او الماء الصالح للشرب , بالإضافة الى ان ارضية الدار غير مكسوة ( بالكاشي ) واما ارضية الغرفة فعبارة عن ( صبة متموجة وخشنة من مادة الاسمنت الرديء ) ... ؛ فكانت ردة فعل الشخص صاحب الدار ؛ الانقضاض على المقاول ... , وضربه ضربا مبرحا , حتى سقط ميتا ... , واذا بالحكومة تستنكر وتشجب ردة فعل المواطن, والقضاء يصدر أمرا بإعدام صاحب الدار المتضرر , وتكريم المقاول المقتول واعتباره شهيدا ...!! .
لو ان صاحب الدار اعطى المقاول مليون دينار فقط , وسلمه المقاول هذه الدار وبهذه المواصفات المذكورة انفا , وخلال مدة لا تتجاوز الشهر ؛ لما اعترض صاحب الدار على ذلك , لان هنالك تناسب بين مقدار المال ومقدار العمل , فكلما انفق المرء اكثر كلما حصل على نتائج اكثر , وهذه البديهية لا يختلف عليها اثنان , الا ان البعض يتغابى او لعله غبي فعلا , ويعتقد ان نتيجة بناء المقاول لتلك الدار وبهذا المبلغ الكبير وخلال تلك الفترة الزمنية الطويلة ؛ نتيجة طبيعية ومسألة اعتيادية لا تثير الشك او الريبة ...!! .
ومن هنا تعرف حقيقة الكارثة السياسية وبشاعة الدجل والتضليل الاعلامي الحكومي والطائفي والقومي الذي حاول تلميع عهود الحكم الملكي البائس والجمهوري الدموي وطوال 83 عام تقريبا , بل والتباهي والتفاخر بتلك العقود السوداء والسنوات العجاف الغبراء , والتي اسفرت عن نتائج كارثية وانجازات بسيطة تكاد لا تذكر بالنسبة لهذا الزمن الطويل والثروة الوطنية الهائلة .
نعم ان الخيرات والثروات والنعم الكثيرة والامتيازات التي حصلت عليها الاغلبية والامة العراقية و التي جاءت مع ساسة وقادة الاغلبية عام 2003 ؛ لا تقارن بما قبلها من عهود الظلام والاقصاء والتهميش , وسنوات الجوع والحرمان والعذاب العجاف ؛ بل لا وجه للمقارنة بين العهدين وعلى مختلف الاصعدة والمجالات ؛ الا ان الواقع ليس بالمستوى المطلوب ولا يتناسب مع الثروات والخيرات الوطنية والجنوبية , و لكن من الظلم والغبن ان ننسب كل تلك الماسي والنكبات والازمات والهجمات الارهابية والجرائم الى الساسة والقادة ونحملهم المسؤولية كاملة ؛ اذ لعبت المؤامرات الدولية والتدخلات الاقليمية , والتحركات الارهابية الطائفية والاجرامية الانفصالية الداخلية دورا محوريا ورئيسيا بكل ما جرى ويجري الان ؛ بالإضافة الى تركات عهود الحكومات الهجينة والطائفية , والشيء الذي لا يشك فيه ابدا ؛ ان اغلب ساسة الاغلبية الاصيلة لا يضمرون الشر والسوء للعراق والعراقيين ؛ الا ان الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ... ؛ بخلاف حكام الفئة الهجينة والساسة الطائفيين والانفصاليين الاخرين .
ومع كل ذلك هنالك تفصيلات وارقام ومواقف وتصريحات وانجازات وصفقات فساد وشبهات ؛ تجعلنا نميز الخيط الاسود من الابيض , ونكشف الصالح والطالح , ونعرف الشجاع والجبان والحرامي والنزيه والصادق والكاذب ... الخ ؛ فلكل لحية مقصها كما يقولون , ولا تزر وازرة وزر اخرى , ولا يؤاخذ زيد بجريرة عمرو ولا يحاسب فلان بجريمة علان .
وعليه كلامنا ليس موجه للمرشح النزيه والناجح والغيور والشجاع والمنتج ؛ انما نحن هنا نسأل المرشح الفاسد والفاشل والذي لم يقدم طوال تلك السنوات شيئا ذو بال , ولم ينجز امرا مهما , ولا توجد لديه قاعدة جماهيرية ولا قبول شعبي , لماذا ترشح نفسك تارة اخرى , الا تستحي من نفسك الا تخجل من اهلك وعائلتك واصدقاءك ومعارفك , الا تخشى من محاسبة التاريخ , الا تخاف الله , الا تعلم بان الذي يفرض نفسه على الاخرين بالدجل والمال والنفوذ والقوة والاكراه ملعون و منبوذ , اذ جاء في الحديث المنسوب للنبي محمد قوله : (( ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قوما وهم له كارهون ... وفي رواية اخرى : ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم رجل أم قوما وهم له كارهون ، وفي رواية ثالثة : ثلاثة لا تقبل منهم صلاة ولا تصعد إلى السماء ولا تجاوز رؤوسهم رجل أم قوما وهم له كارهون ؛ وفي رواية رابعة : ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون , وفي رواية خامسة : لعن الله من أمّ قوم وهم له كارهون )) و عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا يوم القيامة اثنان ... ؛ وإمام أم قوم وهم له كارهون ... .
ان كان حال الذي يصلي جماعة بالناس وهم كارهون له , هكذا ؛ فكيف بالذي يريد التسلط على الناس بغير رضاهم ويريد ان يحكم شعب وهم له كارهون ...؟! .
وليكن في العلم ان المرشح الفاسد لا يحمل الوزر وحده بل ان الناخب الجاهل والمغرر به والمؤدلج والمرتشي افسد منه وانجس ... وكلاهما يحمل نفس الوزر ويرتكب الخطيئة عينها ... ؛ فلو تصدى ابناء الشعب للظالمين والفاسدين والمنكوسين لما وصلت الامور الى هذه النتائج المؤلمة والواقع المرير .
وماذا يتوقع المواطن من مرشح فاسد وتافه وفارغ ؛ سوى التصريحات المزيفة واللقاءات البهلوانية والوعود الكاذبة ... .
والمسؤولية الوطنية اليوم ؛ تحتم على المواطنين الشرفاء المشاركة الايجابية وحسن الاختيار ؛ ليستردوا قرارهم الوطني الشعبي الاصيل ، ويسقطوا المرشحين الفاسدين والمنكوسين والطائفيين والارهابيين وفلول الصداميين والبعثيين من الذين يعملون لدى الاجنبي والغريب ؛ والذين يرشحون انفسهم بكل صلف و وقاحة في كل دورة انتخابية ؛ لمصادرة القرار الوطني من جديد ... ؛ فما هي الا ايام معدودات وتقولون لهم : جاء وقت الحساب لقد اكتفينا من ظلمكم ومن خداعكم ومن نفاقكم وكذبكم ومن تجارتكم بدمائنا وفسادكم وافسادكم لشبابنا وابناءنا ومجتمعنا .
فان لم تغيروا الان ؛ فان التغيير سيصبح عصيآ وصعبا في قابل الايام , وسنضيع فرصتنا الوحيدة لمعاقبة من ضيعونا وتركونا لسنوات طويلة , لم نشهد خلالها اي مشروع انمائي كبير او بنى تحتية حقيقية او مؤسسات رصينة او مصانع عملاقة ؛ اذ لم نجني منهم سوى الشعارات الفارغة والخطابات الرنانة والوعود الكاذبة ؛ و طالما سمعنا منهم جعجعة ولم نر طحنا ... .
لقد اختقنا بروائح النفايات والروائح الكريهة والاتربة والغبار المتطاير من الشوارع والاراضي الجرداء والاماكن الخربة , و سئمنا المؤامرات والصفقات والنزاعات والازمات والانتهاكات لحقوق الانسان والمواطن العراقي , وكرهنا حياتنا بسبب سوء الخدمات وانتشار الامراض والظواهر السلبية ... الخ .
الا يستحي هؤلاء الفاسدون والفاشلون من اطلاق الشعارات والاستعداد لخوض الانتخابات مرة اخرى ... والعجيب انهم يأتوننا عند كل انتخابات ليطلقوا وعودا كاذبة سأمناها ؟!
فهل من المعقول ان الاشخاص الذين اوجدوا المشاكل العويصة والازمات الخانقة ؛ هم من يستطيعون حلها ...؟! .
ولنا ان نسأل : ماذا يحصل في العراق اليوم ؛ هل بسحر ساحر اصبح من حكمونا وظلمونا وسرقونا لسنوات ابطال مشاريع واصحاب حلول الان ... ؛ نسألهم اليوم : اين كنتم في السنوات الماضية ؛ حيث كانت محافظاتنا بايديكم وتحت سيطرتكم ؟! .
اين كنتم من الشباب العاطل عن العمل ؛ اين المشاريع ؛ اين البنى التحتية ؛ اين انتم من انتشار الجريمة والجريمة المنظمة والمخدرات والاتجار بالأعضاء البشرية ؛ اين انتم من الزامية التعليم وتطويره وبناء المدارس والجامعات الحكومية الرصينة والجميلة ؛ اين انتم من مترو بغداد او القطار المعلق او سكك القطارات الحديثة , اين انتم من ازمة السكن وبناء المجمعات السكنية واطئة الكلفة , اين انتم من ازمة الماء والكهرباء وملفات الصناعة والزراعة والسياحة والتجارة ,اين انتم من فرار شبابنا في قوارب الموت الى الخارج هروبا من البطالة والضياع وتهديد العصابات والمافيات والانفلات الامني ؛ اين وعودكم السابقة ... ؛ كيف تدعون اليوم الى وقف تهميش الاغلبية وانتم من جعلتموها مهمشة ... ؟؟!!
نقول لكم اتقوا الله فينا وابعدوا ايديكم عنا ، فلم نرى منكم شيئاً ذا بال او انجازا مهما يذكر , وعندما تريدون اثبات انفسكم تبدأون فورا بالخطاب الطائفي او التعبوي وشد العصب المذهبي ... الخ ؛ وهذه اللعبة وان كانت بعض خيوطها حقيقية الا انها لم تعد تجدي نفعا او تنطلي علينا ؛ لان الناس سأمت هذه الاسطوانة المخرومة التي لم تقترن بالصدق والشفافية ولغة الارقام والانجاز الحقيقي .
لقد عرفكم الجميع والاحرار يطلبون منكم اليوم ان تكفوا عن اطلاق الوعود الجوفاء , فبفضلكم دمّرت محافظات ومدن الوسط والجنوب والعراق ؛ حضاريا وتراجعت عن آداء دورها الحقيقي الفعال المنتظر , لقد اصبحتم ( اكسباير ) وانتهت صلاحية مصداقيتكم السياسية ؛ وفرغت جعبتكم من الوعود، ولم تعد اساليبكم العتيقة تنطلي على احد, فقد تجاهلتم العراق وكنتم من ضمن الاسباب الرئيسية بزج الشباب في السجون ؛ بحجة المخدرات واعمال العنف والجرائم ؛ وانتم من ضمن الاسباب المهمة في كل هذه البلايا التي حلت بالعراق والامة والاغلبية العراقية ؛ بالإضافة الى الدور الخبيث للقوى الاستعمارية والدولية الحاقدة كما اشرنا انفا .
انتم المسؤولون عن القتال العبثي السابق بين شباب وابناء الاغلبية ، واليوم تأتون تتجولون في احياء ومدن ومحافظات الجنوب والوسط والعراق لشراء اصوات الناس لأنكم لا تملكون شيئآ تقدمونه سوى المال والرشوة والسحت الحرام وشراء الذمم .
البعض عرف حقيقتكم , والبعض الاخر سوف يكتشفها بعد مرور السنوات الاربعة القادمة ؛ وعندها سيعرف شعبنا وابناءنا : بأن صناعتكم القتل و الموت و تجارتكم الدم و دموعكم دموع التماسيح و الذئاب ؛ ولا تتقون شيء سوى السرقة والكسل والفشل الذريع والكذب واللف والدوران والمكر والخديعة , وكل ادعاءاتكم الدينية والجهادية والنضالية والوطنية وتمسحكم بالإسلام والنبي وال البيت والصحابة وتستركم بالدين والشعارات ؛ ستذهب مع الرياح ؛ وعندها ستخرجون من عباءة الدين والوطن ولا تستطيعون العودة اليها , والانضمام مرة اخرى لصفوف المؤمنين والمواطنين ؛ بما اقترفتموه بحق الوطن و أبناؤه .
ولا تقولو لنا : ( ما خلونا ) ننجز هذا المشروع او ذاك , في هذا الحي او تلك المنطقة ... ، فعندما منحناكم الثقة كان ينبغي أن تكونوا بحجم المسؤولية الوطنية وان تتحلوا بالحنكة السياسية والشجاعة العراقية ... .
وقد شبع الشعب من شعاراتكم الرنانة، وكثرة برامجكم السياسية ، ولقد سودتم صورة العراق البهية، و نهبتم الخزينة العامة , وأموال الناس بشتى الطرق الشيطانية الملتوية ، واليوم تحاولون سرقة الأمل مرة اخرى ... .
وليكن في علم ابناء الاغلبية والامة العراقية انه لا خيار لنا سوى اعلان الثورة السلمية وهي ثورة المشاركة الانتخابية الايجابية ؛ اذ ستكون الثورة بصناديق الاقتراع , واستبدال الفاسدين والفاشلين بالأحرار الوطنيين والرجال المستقلين ، للتغيير والانطلاق نحو مستقبل زاهر للعراق ، وإنجاز برنامج انمائي وتنمية ريفية، وتأمين الخدمات الاجتماعية لأهلنا وشبابنا واطفالنا ... ؛ فقد سئمنا الخيارات العسكرية وممارسة العنف والانقلابات وبيان رقم واحد ... ؛ ففي شهداء الوطن وضحاياه , و صرعى الثورات والحركات الوطنية كفاية ؛ فهم سقطوا لكي يحيا الوطن ويعيش العراقي بخير وكرامة ... .