و لم يتوجب عليك أن تبدأ صفحة جديدة مع الشبكات الإجتماعية يا صديقي؟

الأمر بسيط جدا؛ امتلكتنا هذه الشبكات و امتلكت أوقاتنا و حياتنا ما يقارب عقدا من الزمن، و حان الوقت الذي نمتلكها نحن و نسيرها حسبما نشاء.

تنبيهات متوالية، مواضيع متفرقة عديدة، منها ما هو إيجابي لكن لا يعنينا بأي حال من الأحوال و منها ما هو سلبي يستنزف طاقتنا و يرفع من مستويات التوتر لا لشيء سوى أننا كنا في مرمى هدف تلك الأمور السلبية....

قد يقول البعض "ربما أنت قد أعطيت هذه الشبكات أكثر مما تستحق و أنها ليست بذاك الضرر الذي تتخيله"، ربما....لكن أريد منكم أن تسدوني معروفا بسيطا: قارنوا مستويات التركيز لديكم اليوم بما كانت عليه قبل عصر الشبكات الإجتماعية.....شكرا جزيلا!

من حقك أن تنفق وقتك كيفما تشاء، لكن تجربتي الشخصية مع هذه الشبكات الإجتماعية تجعلني أشعر أنه من واجبي أن أخبركم ماذا فعلت بي: بالنسبة لشخص يعتمد على عقله في كسب لقمة عيشه و في هواياته فإنها سرقتني أعز ما أملك: سرقت مني القدرة على التركيز....

تخيل أن تركيزك عبارة عن كتلة صخرية متصلة، إن لم يشوبها شيء فإنك تستطيع إنجاز أمورا كثيرة و بجودة عالية...الآن تخيل تنبيهات الشبكات الإجتماعية عبارة عن مطارق و أزاميل تواصل تفتيت هذه الكتلة إلى كومة حصى، هذه الكومة المتبقية هي تركيزك الذي لا يساوي شيئا الآن....

الأمر ليس متعلقا بمستوى جديتك في التعامل مع الشبكات الإجتماعية بتاتا البتة، إنما يتعلق الأمر بالضرر الدائم الذي تسببه هذه الشبكات لنا دون ان نشعر، و الموارد العظيمة التي تسرقها منا و نحن نضحك بكل سذاجة.

الشبكات الإجتماعية مصممة بطريقة تبقيك في حالة من "التركيز السطحي"، بحيث تبقي عقلك في حالة من التركيز على التحديثات الجديدة سواء كانت تحديثات من أشخاص تتابعهم أم تنبيهات على التعليقات على تحديثاتك.

هذه الحالة من التركيز على مشتتات كثر في نفس الوقت تبقيك أبعد ما تكون عن حالة "التركيز العميق"، التي تسمحك من تركيز كل قدراتك العقلية على إنجاز مهمة واحدة بمستوى عالي من الجودة.

منذ أن نشرت روايتي (أمارانث) في عام 2013 و أنا في حالة انعدام تركيز تامة؛ توقفت عن التدوين و أهملت مدونتي إلى أن حذفتها الشركة المستضيفة، و منذ ذلك الوقت و أنا أحاول كتابة رواية أخرى لكني كنت واهما أن عملي قد سرق كل وقتي و تركيزي بينما في الحقيقة كان سبب ضياع وقتي و اتعدام تركيزي هو إدماني الشديد لإحدى الشبكات الإجتماعية التي سرقت مني وقتا قد أندم عليه في المستقبل.

حذفت حسابي في تلك الشبكة قبل 10 أيام، في الحقيقة حذفت كل حساباتي في كل شبكة كنت مشتركا بها و أبقيت تويتر فقط للبقاء على صلى بهذا العالم، لازلت في طور التعافي من إدماني لكن أستطيع القول بأن غمامة كبيرة قد أزيحت من أمام ناظري و ذلك الضباب داخل عقلي قد بدأ بالتلاشي، و ما هي إلا مسألة وقت حتى أستعيد طاقتي التركيزية كاملة.

لا أقول لك أن تفعل مثلما فعلت لكن هذه بضع نصائح قد تفيدكم في إبقاء علاقتكم مع الشبكات الإجتماعية متزنة:

  • ضع هدفا لسبب تواجدك فيها، إن كنت متواجد فيها لتزجية الوقت و حسب فهنالك هوايات أكثر فائدة تستطيع إضاعة وقتك فيها
  • أغلق التنبيهات في جهازك المحمول تذكر دائما أنك من يتحكم بجهازك لا جهازك و لا هذه التنبيهات يتحكمون بك
  • إن كنت تعيد نشر كلامك في أكثر من شبكة فاحذفها و اقتصر على واحدة منها
  • توقف عن متابعة الأشخاص الذين لا يضيفون شيئا لك، و الذين يرمون طاقتهم السلبية عليك، و أولئك لذين يرونك مجرد رقم يجني المال لهم و يزيدهم ثراء
  • اكتب مشاعرك و انفعالاتك في مكان ما بعيد عن هذه الشبكات التي قد تنتهي يوما ما و يذهب معها كل ما كتبت أولا ثم انشر فيها 

أدعوكم لقراءة كتاب Deep Work: Rules for Focused Success in a Distracted World  و الذي يساعدني حاليا على تجاوز مرحلة الإدمان السابقة و بدء صفحة جديدة في علاقتي مع الشبكات الإجتماعية

أخيرا، تذكر دائما أن كل دقيقة تقضيها في هذه الشبكات هناك من يستغل وقتك و جهدك و تركيزك ليصبح أكثر ثراء على حسابك الشخصي، أنت أولى بهذا الوقت و بهذا الجهد و بهذا التركيز، أنت أولى من غيرك بهذا النجاح....

تحياتي