Image title
( البحث عن المجهول )...


يولد الإنسان منا ويظهر على وجه هذه البسيطة كحلم جميل ومع ولادته تولد معه مجموعة من الصفات الوراثية والغرائزية إضافة الى البيئية والتاريخية والجغرافية التي تؤثر على مسيرة حياته إما سلباً او إيجاباً وتتقاطع تفاصيل مسيرة أيامه مع العديد من الأشخاص إما تألفاً او تنافراً ويحمّل في لا وعيه مجموعة من الأفكار والعقائد والأحكام المسبقة تارةً من قبل العائلة والمجتمع وأخرى من المرجعيات الدينية والثقافة القائمة في هذا البلد او ذاك الذي يعيش فيه ويقطن على أرضه..

وبتعاقب سنين حياته وتفتح ملكة الأدراك والوعي لديه نتيجة البحث والتقصي والتفاعل مع الأشخاص وثقافات وحضارات متعددة ومتنوعة إضافة الى موقفه السلبي او الإيجابي من السلطة القائمة في مجتمعه وبلاده تبذغ لديه العديد من التناقضات والإرهاصات والتبعات ...؟؟


فنراه تارة يحاول ساعياً وجاهداً لتحقيق ذاته وشخصه في هذا المجتمع عبر رسم طريق لنفسه متحدياً العوائق المادية والبشرية والتركيبة الإجتماعية او الأيديولوجية والدينية التي غرست في لاوعيه عبر مفاهيم ( القدر والغيب والجبرية ) او مجموعة القواعد المفروضة من السلطة الحاكمة في البلاد وإضافة الى العادات والتقاليد السائدة في المجتمع عبر تعاقب السنين فتصبح بتواترها وتكرارها وكأنها قاعدة ثابتة محاطة بخيوط من القدسية والتابو فلا يجوز الإقتراب منها او يسمح له بتخطيها او محاولة القفز عليها .. او حتى المس بها ..

وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية للذات الفردية بين ما يصبو ويطمح إليه الشخص من أهداف وآمال وأحلام يريد تحقيقها في هذا الواقع المر وما يقف في وجهه من عقبات وعوائق بعضها ذات طبيعة بشرية وإجتماعية والأخرى ذات طبيعة سماوية قدسية تم فرضها على هذا الشخص او ذاك لا يد له فيها ولم يأُخذ رأيه او موافقته عليها بحكم العادة والوراثة والتبعية ...
                                  

                                 فيصل ذاك الشخص الى مفترق طرق بين خيارين أحلاهما مُر ..

فهو لا يريد أن يصبح رقماً بين مجموعة أرقام لا تقدم او تأخر او حملاً في قطيع الأنعام تسيّره غريزة القطيع هذه او تلك .
وبالمقابل هو يريد ويرغب ويأمل ويتمنى أن يولد ولادته الجديدة الحقيقية في هذا العالم ليكون عنصراً فعالاً وانساناً بحق ..؟
فيبدأ الصراع النفسي والجدل الفكري داخل رأس هذا الشخص وأعماق وعيه ولاوعيه فتنشأ مرحلة من عدم الإستقرار النفسي والفكري لطالما عانى منها ويعاني منها معظمنا إذا لم نقل جميعنا ..

وهنا تبدأ الحرب الحقيقية داخل النفس البشرية وهي رحلة بحق بين طريقين طريق الإستسلام والتسليم والرضوخ والخنوع للجبريات والقدر والأعراف والتقاليد التي تحد وتعيق التقدم والتطور لكل نفس تسعى الى التطور والتحرر..والإنعتاق ...

وطريق إعادة بناء النفس والشخصية والمصالحة مع النفس والذات لتقود الى مصالحة كبرى مع الأخرين نحو الإنعتاق من كل ما هو مقدر ومسير ومفروض من هنا وهناك ...!!
للأسف هذا ما تعانيه معظم مجتمعاتنا الشرقية والتي تكرّس وتنادي بعبادة الأعراف والتقاليد وتقديس الشخوص والأفكار القديمة البالية .. والعتيقة ....


فكل ما هو جديد وتطوري وتنويري يتم قمعه وإقصاءه وإجهاضه بحجة زعزعة استقرار القديم او المجتمع او السلطة الدينية التي لطالما جثمت على رؤوسنا وأكتافنا وحدّت من نشاطنا وإبداعنا الفكري وتفردنا .. وأجهضت أحلامنا وتطلعاتنا ..؟!

لا بد من ثورة حقيقية داخل أعماق النفس البشرية .. ثورة حقيقية قوامها العقل والفكر والمنطق للتحرر والإنعتاق من كل ما يقيدنا ويعيق مسيرة تقدمنا وتطورنا نحو الغد المشرق الذي لطالما نحاول السعي لبناءه وتخيله عبر مفاهيم العدالة والتحرر بوسائل العلمانية والمدنية والسلمية والإعتماد على العقل ومحاربة كل ما هو بالي ومتخلف وعتيق بوسائله البدائية التي تعتمد على تغليب صوت الغرائز والعواطف الهستيرية بواسطة رجالاتها وسماسرتها من تجار الدين والدنيا والسياسة والاقتصاد والمجتمع ..

وإلا سنبقى في أروقتنا ومتاهاتنا ندور حول دوائرنا المغلقة في حالة ضياع وتشتت نحاول عبثاً البحث عن أنفسنا وشخوصنا وذواتنا عبر متاهات الحياة والدنيا ونكون بذلك وكأننا لم نولد ولم نعبر على أرصفة هذه الحياة الدنيا ..
وكأننا لم نضع بصمتنا الحقيقية الخاصة بنا والتي لطالما أردناها وسعينا الى طبعها على جدار الزمن وأفق التاريخ....


 

              www.facebook.com/ihab.ibrahem.54

                               www.twitter.com/ihab_1975

                       e.mail:[email protected]
                                                              
                gmail:[email protected]