*انا قاتلك يا غزه*
لا يحق لي الحديث عن أنينك يا غزه، لا يحق لي التوجع لألآمك، لأنني المدان الوحيد بقتلك، انا من جرحتك وأرهقت روحك، أنا من احرق اصابعك الصغيرة المخضبة، انا من افزعت عيناك العسليتان الناعسة، انا من يتمت طفولتك البرية، انا من قطعت غصن الزيتون وانا من افسدت ثمارهُ الدانيه، انا يا غزه من اقتلع وردك الأرجواني وانا من لطخها بالدماء وافسدها بالرماد انا يا غزه، انا يا غزه..
لا يكون سؤالك وكيف قتلتني؟!
فانا العاجز حتى عن الجواب، كُبلت أقدامي وحتى معصمي مكبل يا غزه، لا أقوى على شيء، وقفت ساكتاً فقتلتك بسكوتٍ لا مبرر له، وقفت عاجزاً وقتلتك بضعفٍ لا نهاية له، ولم اتوقف عند هذا فحسب، انا من يرى دمارك من خلف شاشة زجاجية، يرى جراحك النازف ولم استطع إضماده، ان من يرى أنينك المتأجج ولم استطع تهوينه وأنى لأحدٍ تهوينه يا غزه؟!
لا أنكر، لست الضحية الأولى في سجل إجرامي، قتلت ضميري من قبل، حتى موطني قتلته يا غزه، لكنك الضحية التي اجبرتني على الاعتذار؛ عذراً يا غزه! وما اقبح عذري! وما أقبحني حين اقف على اطلالك معتذراً! اقف في زفاف شهدائك معتذراً ، اقف امام مشاهد الدمار معتذراً ،اقف تحت شجرة الزيتون معتذراً، لن يعود الزيتون الذي اسقطته، صحيح لم يمت الشهداء الذين قتلتهم، لكن انقطع صوتهم ولن يعود وإن اعتذرت يا غزه...