الانتخابات في العراق تحتاج لموارد بشرية وبأعداد كبيرة ؛ اذ ان نجاحها متوقف على موظفي الانتخابات وباقي العوامل المعروفة والمستلزمات الاخرى ؛ وهذا الامر يزيد تكاليف الانتخابات ويكبد الحكومة اموال طائلة ايضا .

بالإضافة الى موظفي المفوضية والمتعاقدين معها ؛ تحتاج عملية الانتخابات الى اعداد كبيرة من الموظفين المؤقتين والذين يشرفون على عملية  الاقتراع والتصويت في كل دورة انتخابية ؛ وقد تختلف اعدادهم من دورة انتخابية لاخرى تبعا لاختلاف الظروف وزيادة نسبة المشاركة . 

فلقد بلغ عدد موظفي يوم الاقتراع في عام 2014  لانتخابات مجلس النواب العراقي وانتخابات مجالس المحافظات ما يقارب 300 الف موظف في عموم العراق ... ؛ بينما كشف رئيس مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات القاضي جليل عدنان خلف في وقت سابق واثناء انتخابات عام 2021 ؛ عن عدم إشراك موظفي المفوضية في إدراة العملية الانتخابية، وأن المفوضية ستتعاقد مع نحو 400 ألف موظف مدني من دوائر الدولة العراقية من أجل توظيفهم مؤقتا يوم الاقتراع... , من جهته، أكد الباحث في الشأن الاقتصادي محمد الحمداني أن المفوضية تعاقدت مع 400 ألف موظف من أجل العمل يوم الانتخابات فقط ، وأضاف الحمداني في حديثه للجزيرة نت أنه بحساب عدد الموظفين المتعاقدين ومقدار رواتبهم، فإن المفوضية ستنفق ما مقداره 41 مليون دولار رواتب لموظفي الانتخابات ليوم واحد، وهو ما يؤكد أن تكلفة الانتخابات العراقية المقبلة ستتجاوز كثيرا حجم التخصيصات للمفوضية التي نصت عليها الموازنة العراقية للعام الحالي 2021؛ وحددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات – في احدى التصريحات -  احتياجها لـ250 الف شخص كموظف اقتراع ، وهو رقم يعادل نحو 6% من اجمالي عدد الموظفين في العراق، فيما عدا من سيقدم للعمل كموظف اقتراع من طلاب وخريجين... ؛ بينما اكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في وقت سابق ،  استمرار استقبال طلبات موظفي الاقتراع حتى الأول من شهر اب ، لافتة الى ان العدد المطلوب نحو 334 الف موظف اقتراع ... , واما فيما يخص انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023 ؛ فقد نقلت وكالة الأنباء الرسمية في البلاد "واع"، عن عضو الفريق الإعلامي في مفوضية الانتخابات عماد جميل، قوله إنه "تم صرف مبلغ 150 مليار دينار (نحو 110 ملايين دولار) لمفوضية الانتخابات لانطلاق عمل المفوضية في تحديث سجل الناخبين وطباعة بطاقة الناخب وتوزيعها، فضلاً عن طباعة مواد الاقتراع"... ؛ وبحسب جميل، فإن المفوضية بحاجة إلى مبالغ أخرى لتغطية كلفة موظفي الاقتراع الذين يصل عددهم إلى 250 ألف موظف موزعين على 990 مركزاً انتخابياً لإدارة الانتخابات المحلية ، وتحديد مبالغ كمكافأة لهم وتبلغ 50 مليار دينار، إذ إن أجور الموظفين في الانتخابات السابقة بلغت 60 مليار دينار، لافتا إلى أن المفوضية بحاجة إلى مبالغ لإعادة تأهيل بعض الأجهزة بالإضافة إلى مستلزمات الاقتراع، وطباعة البوسترات، والاستمارات، وغيرها ... ؛ من جانبه، أشار عضو تحالف "الإطار التنسيقي"، الحاكم في العراق، النائب في البرلمان عامر الفايز، إلى أن "ربع مليون موظف لتأمين الانتخابات هو رقم طبيعي"، مشيرًا إلى أنه لا يشمل موظفي الدولة المرتبطين بمفوضية الانتخابات أو الدوائر القريبة من هذا الاختصاص ... ؛  وجاء في بيان للمفوضية تلقته "بغداد اليوم" في وقت سابق :  أنه "عقد رئيس مجلس المفوضين والسادة الأعضاء في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جلستهم الاستثنائية في 31/7/2023؛ لمناقشة ما جاء في مذكرة اللجنة المركزية لاختيار موظفي الاقتراع بشأن تحديد مبلغ المكافأة التي ستمنح لموظفي الاقتراع البالغ عددهم نحو ( 275000) موظف، إذ وافق مجلس المفوضين على مقترح اللجنة في منح مبلغ قدره ( 150.000) دينار لموظفي الاقتراع من شريحة موظفي دوائر الدولة"... ؛ وأضاف البيان، أنه "تم تحديد (250.000) دينار لموظفي الاقتراع من شريحة الطلبة والخريجين والموظفين ، وتم تكليف الإدارة الانتخابية باتخاذ ما يلزم بصدد استحصال الموافقات الاصولية على ذلك"... ؛ و كشفت المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي : أن المفوضية بحاجة إلى أكثر من 200 ألف موظف اقتراع خلال الانتخابات ... ؛  وقالت الغلاي، لشبكة رووداو الإعلامية، بتاريخ (22 تشرين الأول 2023) :  إن المفوضية "أجرت القرعة الالكترونية الخاصة باختبار موظفي الاقتراع للمشاركة بالتصويت العام يوم الاقتراع بتاريخ 18 كانون الأول المقبل، والتصويت الخاص يوم 16 كانون الأول"... ؛  وأشارت إلى أن عدد المتقدمين بلغ مليون متقدم، موضحة أن الذين هم ضمن الضوابط والمصدق عليهم من قبل مجلس المفوضين بلغوا 668916 متقدماً من موظفي مؤسسات ودوائر الدولة وخريجي المعاهد والجامعات والطلبة ... ؛ بالنسبة لاحتياج مفوضية الانتخابات، لفتت إلى أنها بحاجة لـ 206357 موظف اقتراع بغرض المشاركة في الانتخابات ... ؛ بينما صرحت نفس المتحدثة باسم المفوضية جمانة الغلاي في موقع اعلامي اخر  - في تصريح لـ”عراق أوبزيرفر” -  :  إن المفوضية بحاجة الى اكثر من 250 الف موظف اقتراع ... ؛ وفي تصريح اخر مغاير ,  أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بتاريخ (7 آب 2023) ، تحديد مبلغ المكافأة التي ستمنح لموظفي الاقتراع البالغ عددهم نحو 275 ألف موظف. 

وقد اشترطت المفوضية سابقا  - عام 2021- على الموظفين المؤقتين ما يلي :  بالنسبة للموظفين يشترط حصولهم على شهادة الاعدادية ؛ واما بالنسبة للطلبة والخريجين يشترط الاعدادية ايضا ؛ وان لا تقل اعمارهم عن  19 عاماً ولا تزيد عن 56 عاماً.

بينما حددت مفوضية الانتخابات للعام الحالي 2023، آليات وشروط اختيار موظفي الاقتراع في الانتخابات المقبلة ؛ اذ قالت المتحدث باسم المفوضية جمانة الغلاي، لوكالة الأنباء العراقية (واع) :  ان "الشروط المطلوبة للتقديم على موظف الاقتراع تضمنت أن يكون من الطلبة أو الخريجين من عمر 19 إلى 56 سنة ولا يقل عن 19 سنة بالنسبة للطلاب أو للخريجين، وتكون أقل شهادة حاصل عليها المتقدم من موظفي دوائر الدولة هي الإعدادية"... ؛ واضافت، أن "من بين الشروط أن تكون آخر شهادة حصل عليها المتقدم من شريحة الخريجين هي دبلوم او شهادة الاعدادية، وأن يمتلك المتقدم بطاقة ناخب إلكتروني ومن سكنة المحافظة حصراً، إلى جانب أن يكون التقديم على أساس الرقعة الجغرافية لمركز التسجيل"... ؛وأوضحت، أن المتقدم سيوقع على تعهد خطي بعدم شموله بإجراءات المساءلة والعدالة وغير محكوم في جناية وليس من ضمن افراد القوات الأمنية والعسكرية وأن لا يكون من ممثلي الأحزاب السياسية المتنافسة أو أحد مراقبي منظمات المجتمع المدني في يوم الاقتراع، وأن يكون مستقلا وان يكون الموظف من سكنة المنطقة او المحافظة التي يقدم فيها،  وان لا يكون من اقارب احد المرشحين .

فقد قررت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إبعاد موظفيها من أقارب المرشحين حتى الدرجة الرابعة عن تقلد أي مناصب مهمة في اللجنة، ووقفهم عن العمل يوم الاقتراع ... ؛ وقالت جمانة الغلاي، المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات الاتحادية، لـ«وكالة أنباء العالم العربي» (الاثنين) : «مجلس المفوضين قرر إبعاد الموظفين في المفوضية، الدائمين والمتعاقدين، من أقارب المرشحين حتى الدرجة الرابعة عن مراكز التسجيل والمكاتب الانتخابية»... ؛ وأضافت المتحدثة: «القرار يشمل موظفي الاقتراع في المراكز الانتخابية؛ حيث سيجري إيقافهم عن العمل يوم التصويت»... واكملت قائلة : << المفوضية عملت مع مؤسسات الدولة ووضعنا آلية للكشف عن أقارب المرشحين من موظفي المفوضية، وجرى تشكيل لجنة تعمل على تدقيق هذه المعلومات مع مؤسسات الدولة الأخرى بالتعاون مع الأمم المتحدة >> . 

وبسبب انتشار البطالة وتدهور العملة العراقية وغلاء الاسعار ؛ يتقدم الكثير من العراقيين للتسجيل في مفوضية الانتخابات للمشاركة بيوم الاقتراع بصفة موظف مؤقت , ويبلغ عددهم مئات الالاف , ويجري التفاضل بين المتقدمين ولا يقبل منهم الا من توفرت فيه الشروط المطلوبة , ثم تجري القرعة بين المقبولين ؛ وقد نقل لي احد الاصدقاء العراقيين في المانيا سابقا  ؛ انه في احدى المرات وعندما كانت تجري الانتخابات للجاليات العراقية في اوربا , رغب الكثير من العراقيين المهاجرين بالعمل في المفوضية , الا ان بعض المسؤولين والمتحزبين كانوا يطلبون منا مبالغ مالية كرشوة , مقابل تسجيل اسماءنا كموظفين في يوم الاقتراع . 

وبالإضافة الى حصول موظفي الدولة المشاركين في يوم الاقتراع على اجورهم ؛ تم تكريمهم ايضا بكتاب شكر , اذ خاطب رئيس مجلس المفوضين القاضي جليل عدنان خلف رئيس مجلس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بكتاب موسوم (شكر وتقدير) الصادر في 9/1/2022 للموافقة على توجيه كتاب شكر إلى الأساتذة الجامعيين الذين أشرفوا على مراكز الاقتراع في انتخابات مجلس النواب العراقي 2021، إضافة إلى موظفي المؤسسات الحكومية الذين عملوا كموظفي اقتراع تثمينًا لجهودهم المبذولة في نجاح العملية الانتخابية... ؛ كما وخاطب  - الان - رئيس مجلس المفوضين القاضي عمر أحمد محمد رئاسة الوزراء بشأن طلب الموافقة على منح كتب شكر لموظفي دوائر الدولة ممن سيعملون بصفة موظف اقتراع في انتخابات مجالس المحافظات للعام 2023 . 

بل وسمحت الحكومة للموظفين المشاركين بالتفرغ ؛ اذ وجهت الامانة العامة لمجلس الوزراء، الوزارات والمحافظات كافة لتفريغ عدد من الموظفين لمدة تتراوح بين 15 الى شهر، لغرض التدريب والمشاركة كموظفي اقتراع في انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في 18 كانون الاول المقبل , بالإضافة الى يومي اجراء الانتخابات في الاقتراع العام والخاص  ... .

وتعليقا على ما مر ؛ اقول : في الدول المتحضرة تعكس القوانين طبيعة المجتمع وتلبي احتياجات المواطن وتراعي مصالحه وظروفه , فلا خير في قانون يلحق الضرر بالوطن والمواطن او يزيد من ازمات الوطن ويفاقم هموم المواطن , ولابد من إعادة صياغة الدولة العراقية وعلى الصعيدين النظري والعملي ؛ وصيرورتها دولة مدنية راعية لكل المواطنين وبلا استثناء , ولاسيما المواطنين الفقراء والعاطلين عن العمل منهم والطلبة وغيرهم , فالأولى بالحكومة تعيين العاطلين عن العمل والطلبة والخريجين  وغيرهم من الذين لا يتقاضون رواتب او معونات من الحكومة في مفوضية الانتخابات ؛ لا اعطاء رواتب اضافية لمواطنين هم موظفون في دوائر الدولة او مستفيدون من معونات ومنح الحكومة , ولا تتحقق العدالة الاجتماعية الا بتوزيع موارد الدولة على كافة المواطنين وكلا حسب استحقاقه , لا ان يتنعم البعض بخيرات الحكومة ويحرم البعض الاخر , وبدلا من صرف المليارات على الحملات الانتخابية , اصرفوا هذه الاموال والمخصصات على العاطلين والشباب العراقيين في كل دورة انتخابية , فلو اعطت الحكومة مليون دينار لكل موظف مؤقت من هذه الشرائح المحرومة والطبقات المغبونة والشباب العاطلين في كل دورة انتخابية ؛ لضربت عصفورين بحجر واحد ؛ فمن باب انها احسنت الى هذه الشرائح واشعرت الشباب بأنها دولة راعية للشعب ومهتمة بكافة طبقات الامة العراقية لاسيما الفقراء والمحرومين من خيرات العراق , ومن باب اخر شجعت هؤلاء على المشاركة الفاعلة في انجاح عملية الانتخابات والتصويت فيها , بل ودعوة اصدقائهم وزملائهم واهاليهم للمشاركة ايضا , وذلك لوجود الحافز المادي والمعنوي .

من الواضح ان نسبة الموظفين الحكوميين في العراق كبيرة جدا ولا تتناسب مع حجم العراق , اذ يعاني القطاع العام من توظيف عدد كبير من العاملين الذين لا يتطلبهم فعليا حجم العمل وطبيعته وهم يتقاضون رواتب ومخصصات لا تعادل قيمة انتاجيتهم الحقيقية ، مما يجعل عدد كبير من القوى العاملة في الدولة تعمل دون ان تنتج شيئا فعليا ولا تساهم باي قيمة في الناتج المحلي الاجمالي ... ؛ فقد كان عدد موظفي القطاع العام في العراق يقل عن 900 الف موظف فقط قبل عام 2003 ، فوصل خلال اقل من عشر سنوات الى حوالي اربع ملايين موظف فأصيب القطاع العام بتفاقم الترهل الاداري والبطالة المقنعة بطريقة غير مسبوقة ... ؛ وعليه من واجب الموظف اداء المهام الحكومية والوطنية التي يكلف بها من قبل الحكومة والتي تساهم في تطوير الوطن وازدهار حياة المواطن , ولعل التجربة الديمقراطية والعملية الانتخابية تعتبر من اهم ركائز النظام السياسي المدني والحياة السياسية المستقرة والامنة ؛ وبما ان موارد الدولة محصورة بالنفط , والتحديات الاقتصادية خطيرة , يجب على الحكومة العراقية تكليف الموظفين الحكوميين بمهام اجراء عملية الانتخابات ومن دون اجور تذكر او رواتب تدفع , لانهم موظفون لدى الحكومة , والموظف لا يضره اداء العمل في دائرته او مركز الاقتراع ؛ فكلاهما سواء عنده ؛ بل ان الكثير من الموظفين يرغبون بالخروج من دوائرهم بأي عذر قانوني او مسوغ , ولكي لا يحتج البعض بعرقلة عمل الدوائر الحكومية , يطلب من الدوائر بجرد اسماء الموظفين الفائضين او ( الفضائيين ) او الذين لا يشكل غيابهم ضررا على سير اعمال الدوائر والوزرات , وما اكثرهم ؛ وها نحن نرى ان دوامهم في مفوضية الانتخابات الان وسابقا بصفة موظف مؤقت لم يتقاطع مع دوامهم في دوائرهم الرسمية او يتعارض مع مهامهم الحكومية ؛ والعجيب في الامر ان الموظف الحكومي  يتقاضى اجرا من المفوضية , وينافس المواطن العراقي العاطل , ويحصل على كتاب شكر من الحكومة ايضا ...!! , والمفروض بالحكومة ان تحصر كتب الشكر بالموظفين الشرفاء من ذوي الكفاءات و الذين يجدون بالعمل في دوائرهم الرسمية و وظائفهم الحكومية  ؛ خدمة للوطن والمواطن , وليس لموظفي يوم الاقتراع .

قديما قيل : ((  إذا أردت أن تطـــاع فأمر بما هو مستطاع  )) وهي حكمة موجزة تلخص لنا ما يجب على صاحب القرار الحكومي وغيره ؛ ان يقره من قرارات بهذا الجانب او ذلك الخصوص ؛ فالأوامر لا تجدي سمعا إن لم تكن ذات مغزا ونفعا , ولا تطبق على ارض الواقع ان كانت صعبة التنفيذ ؛ فالمسؤول الحكومي اذا اراد من الموظفين الحكوميين او العاملين معه ؛ تنفيذ أوامره وتطبيق قراراته ؛ فعليه أن يوفق بين ما يسنه من قرارات وما يشرعه من قوانين وبين الواقع وارهاصاته وظروفه والموظف والمواطن وامكاناته وقدراته ومؤهلاته ... ؛  فالمفوضية جعلت المواطن العراقي المتقدم للعمل بين  خيارين احلاهما مر , اذ اشترطت عليه عدة شروط معقدة ؛ ذكرتني بالمقولة الشهيرة : (( أن الشيء إذا كثرت قيودُه، عَزّ أو قلّ وجودُه )) فقد اشترطت ان يكون مستقلا في بلد منذ تأسيسه والى الان متحزب وحزبي بامتياز ,  وأن لا يكون من ممثلي الأحزاب السياسية المتنافسة أو أحد مراقبي منظمات المجتمع المدني على كثرتها في العراق , والادهى والامر : ان لا يكون من اقارب احد المرشحين حتى الدرجة الرابعة ... ؛ ولعل سائل يسأل : عدد المرشحين الان اكثر من 6 الاف وبمرور السنوات والعقود يرتفع هذا العدد قطعا , فلو افترضنا ان هؤلاء المرشحين – 6 الاف – لكل احد منهم اقرباء حتى الدرجة الرابعة – على اقل تقدير – مئة شخص ؛ فهذا يعني استبعاد 600 الف شخص , ولو افترضنا ان اتباع التيارات والحركات والاحزاب والمنظمات اكثر من مليون ؛ فهذا يعني استبعاد اكثر من 16000000 مواطن , ولعل شرط الاستقلال يغني عن شرط القرابة ؛ فاذا كان المواطن مستقلا وغير متحزبا ؛ فمن الطبيعي ان لا يتأثر بقريبه الحزبي  , ومن قال ان الاقارب متفقين بالآراء والتوجهات السياسية , العائلة الواحدة  افرادها مختلفون , فكيف بالأقارب ...؟!

ولعل هذا الشرط يذكرنا بأيام البعث وحكم الطغمة الصدامية والتي كانت تعاقب الشخص بجريرة اقرباءه , وتحاسب المواطن على افعال قريبه من الدرجة الرابعة , بالإضافة الى انه يرسخ مفهوم العشائرية والقبلية - بصورته السلبية – في المجتمع العراقي , والمفروض ان حكومتنا مدنية وتتبنى قيم التمدن والتحضر والمواطنة الحرة ؛ بل ان هذا الشرط يتقاطع مع التراث والقيم الاسلامية ايضا ؛ اذ جاء في كتاب القران الكريم : ((  ولا تزر وازرة وزر أخرى ))  فما شأني انا بقريبي الحزبي ...؟!

والمفروض ان الموظف المؤقت وبغض النظر عن توجهه السياسي ؛ لا يؤثر سلبا على مجريات العملية الانتخابية ؛ بعد كل هذه الاجراءات الفنية والامنية الدقيقة , بدءا من البطاقة البايومترية وصولا لكاميرات المراقبة  , اذ ان وجود الموظف المؤقت ؛ مجرد وجود وظيفي سطحي , يسهل اجراءات سير العملية الانتخابية فقط , ولا يؤثر على قناعات الناخبين او يتمكن من التلاعب بالأجهزة الالكترونية ؛ فضلا عن المواطن الحزبي نفسه  قد يتحاشى المخالفات القانونية التي تؤدي به الى السجن والعقوبة .