المرأة... ذاك الكائن الغامض الذي كان وليزال محط للتجاذبات والتفسيرات، ملأ بتناقضاته الموروثات والأعراف والتاريخ، كان ولوقت طويل مصدر للتخمينات، وكثيرا من الأحيان شجرة تعلق عليها كل خطايا البشر.
لم يخف ذلك الحال على كل ذي لب، يهمه الوصول للحقيقة وموازنة الأمور حتى يخرج بالحكمة التي تضع الجميع على الميزان بحيث لا ترجح كفة دون أخرى.
تناول عباس العقاد المرأة وبكل تركيباتها النفسية والعقلية دون تجني ينتهي به لظلمها أو محاباة زائفة تسمه بالنفاق.
فعبر صفحات كتابه "هذه الشجرة"، يعزو العقاد تصرفات المرأة التي تبدو للجميع غير مفهومة إلى طبيعة منزلتها بالنسبة للرجل، وشتاتها أمام رغباتها ووصايا المجتمع. وإن كل عدم انصياع منها هو محاولة تمرد تقول من خلالها للعالم أنا هنا، وأن الكثير من قراراتها هي رسالة مبطنة تحمل في طياتها الخروج عن الخضوع والذي ووفقا لطبيعتها سرعان ما تعود إليه بكامل إرادتها.
قسم العقاد البشر إلى ثلاثة مجاميع من حيث معاملتهم للمرأة الأول هم أولئك الذين يدعون مناصرة المرأة للحد الذي يجعلهم يخرجونها عن سياقها الكوني الطبيعي.
والثانية الذين خلقوا حالة من الهلع لدى أنفس الرجال من نصف المجتمع المشارك لهم وشيطانتها إذا جاز التعبير والإلصاق بها كل التهم ومسببات المشاكل.
والثالثة تلك الفئة التي تقف في المنتصف بين الفئتين السابقتين.
وهي الفئة التي طوعت تطلعات المناصرين وأوهمت الجميع برفض مساعي المناوئين من أجل أهداف خفية تخدم توجهاتهم الاقتصادية والسياسية، ومن أبرزها تحويل المرأة إلى وحدة اقتصادية تدر المزيد من النقود وحسب. حتى ولو كلفهم الأمر لإسناد مهام جديدة إليها ولو كانت ضد تكوينها، متغاضين عن التفاوت بين الجنسين جسديا وعقليا التي أثبتها الكاتب بنتائج بعض الأبحاث العلمية بهذا الخصوص.
يدعم العقاد خلال صفحات كتابه أي حق تطلبه المرأة ما لم يكن ذلك الحق على حساب وظيفتها الأساسية في الحياة والتي لن يستطيع أحد آخر القيام بها نيابة عنها. ولن يتمكن أحد من احتواء الأسرة بدلا منها.
كما يرى العقاد أن المرأة كائن جميل ولكن لا يكتمل مفهوم الجمال لديه إلا بعد الأخذ بعين الاعتبار وظائف الأعضاء وفاعليتها، فأجساد النساء تتفاوت في جمالها ولكن ليس كل جميل صالح، وليس كل صالح مفيد، وليس كل مفيد يعجب الناظر.
بعض الاقتباسات: "كل قول بالتشابه بين الرجل والمرأة أو بالتساوي بينهما هو في مؤداه قول برجحان المرأة على الرجل وتفوقها عليه لجمعها بين وظائفه في بنية واحدة، وذلك هو الرجحان الذي لا يسيغه منطق سليم..."
"المرأة تقول لا عندما تريد نعم وهذا جزء أصيل من تكوينها"