انظر يا صديقي من حولك، أترى  كل هؤلاء البشر؟ و كل هذا الحزن البادي على وجوههم؟  إنما هذه قلوب متعبة تبحث عمن يخفف عنها و يجعلها تشعر بأنها أفضل مما تعتقده عن نفسها.

لك شرف المحاولة بأن تكون بطل هذه القلوب؛ تكفكف دموعها و تخفف عنها و تخبرها بأن كل شيء سيصبح على ما يرام، و أنهم يستحقون الأفضل في هذه الحياة.

ضع جميع أحزانك خلفك، انتزع جذورها إنتزاعا من قلبك و الق بها في غياهب النسيان، أنى لمن يريد إسعاد أولئك التعساء أن يكون حزينا؟ أن تصنع بسمة أحدهم لهو أمر غاية في السهولة لا سيما إن كان هؤلاء التعساء لا يعرفون ماذا يريدون من حياتهم.

حسنا، إن كنت لازلت تظن بأني جاد و لم تميز نبرة السخرية فيما أقول فأنا أشفق على سذاجتك يا صديقي؛ سعادة أحدهم ليست بيدك مهما فعلت، و إن كنت تظن أن بمقدورك إسعاد من لا يستطيع إسعاد ذاته فلربما تستطيع إسعاده سعادة مؤقتة ، تأخذ من سعادتك و تلق بها في هوة لا قرار لها، هوة تقول هل من مزيد و لا تشبع، لا ذاك التعيس أصبح سعيدا و لا أنت احتفظت بسعادتك. 

 السعادة اختيار شخصي أيا كانت الوسيلة المؤدية إليها، إن كنت تظن أن بإستطاعتك إصلاح من لا يريد إصلاح نفسه فأنت لا تقدم أي معروف لأي أحد في هذه المعادلة المستحيلة الحل؛ لا لنفسك و لا للذي تريد إصلاحه و لا للبشرية جمعاء.

لم كل هذه السوداوية؟ لست مضطرا لأبرر موقفي لكم، كل ما أريد قوله هو أن السعادة مورد محدود في هذا العالم، الشيء الوحيد الذي يمكنه استحداث مزيد من السعادة في هذا العالم هي تلك الرغبة الجامحة داخل تلك القلوب الحزينة بأن تصبح أسعد.

كنت سعيدا، ربما، لم أعد أتذكر ما إذا كنت كذلك يوما ما لكني أعلم الآن أني لست كذلك، كنت أظن أنه بمقدوري إسعاد من أريد و لكم كنت مخطئا حين ظننت ذلك...

كل هذا لا يهم الآن، سأتجاوز هذه الحياة و سأضع هذا الجسد المثقل بالهموم و هذا القلب التعيس خلفي.....سأتجاوز كل هذا......