رحيم الخالدي
جرف الملح مسلسل درامي تم إنتاجه في سبعينات القرن الماضي، وأخرجه الفنان إبراهيم عبد الجليل، وتأليف المبدع صباح عطوان، ولم يلحق به غير جيل الستينات وما قبله، حيث كان الشارع آنذاك يخلوا من المارّة وقت عرضه، مع عدم توفر التلفزيون إلا لميسوري الحال، فترى البيوت تعج بالحضور ممن لا يمتلكوا جهاز في بيتهم، وكان وقتها ثورة في عالم الدراما، وإن كان التأليف لا يمثل الصورة الحقيقية في عالم الريف، إلا انه لاقى نجاحاً واسعاً، وتنتظر البيوتات وقت بث هذا المسلسل الشيّق، الذي يلم بين طياته اؤلائك الممثلين العراقيين .
تدور أحداث المسلسل حول شخصيتين مؤثرتين، غافل، وفزع، وحسب الدور المناط، وبدأ من عائلتين متقاربتين، الى متباعدتين كل البعد، إثر دخول شخص يدّعي الصلاح وبدأ ببث الفرقة، وصلت لحد الإقتتال! وهذا ينطبق على حالنا اليوم، وبعد الإلتقاء إكتشف كل من الشخصيتين المكيدة، التي كان يتربح منها ذلك المدعي للصلاح، فطردوه شر طردٍ، وعاشوا بودٍ وسلام، وهذا ما نحتاجه اليوم من خلال المبادرة المطروحة على الساحة السياسية، بيد أن هنالك من يقف بالضد منها! مكيلاً سيل من التهم لمن يقف وراء مشروع التسوية، التي من شأنها أن تقلب المعادلة للأحسن .
إنتظرنا سنين طويلة لإنتخاب شخصية ترأس التحالف الوطني، من بعد عزيز العراق، ووقع الإختيار على الجعفري لانه كبير السن دون أقرانه من المتصدين، وبعد إستلام المنصب بقي المكان فارغاً، ولم يتم التصويت على السيد الحكيم، إلاّ بعد الإشتراط أن يكون المنصب دورياً! ومن النتائج الأولية إجتماع قوى التحالف الوطني بعد فراق وفجوة، كادت أن تطيح بالعملية السياسية لولا لطف الباري، حيث تم وضع النقاط على الحروف، وبموافقة كل قوى التحالف، لكن هنالك من يعمل بالخفاء من تسقيط لشخص الحكيمّ، لان مبادراته وصلت لأسماع كل العالم، وهذا بالطبع يغيض النفس المريضة !.
لنعتبر أنفسنا غافل، وفزع، ونتصالح وفق متبنيات تنال موافقة الكل، دون إستثناء أي مكون من التحالف الوطني، ومن لديه رؤية عليه طرحها داخل التحالف، الذي هو جزء منه، لا أن يكون في داخل التحالف شيء وخارجه عكس ذلك! وهنا يكون الإزدواج كالذي جرى في الأيام الأخيرة، وإشتغال صفحات الفيس بالتسقيط، والنيل من المبادرة المطروحة وتسقيطها، وكيل التهم! وزج شخصيات ليست موجودة بقاموس التسوية المراد منها، كالهاشمي والخنجر وغيرهم من تجار الحروب، بالنتيجة هذا سيهز ثقة الشارع بالتحالف، الذي يمثلهم وبالاغلبية، فهل وصل السياسيين لهذه الدرجة، ويعتبر منتخباً ويمثل الشعب؟.
من لا يريد التسوية مع أبناء جلدتنا، فهو يطبق مشروع تفكيك العراق، الذي يرفضه أغلب مكونات الشعب العراقي، بما فيهم السنة العرب، وأمّا الاخوة الكرد أيضا يريدوا أن يتخلصوا من عائلة البارزاني، الذي يعمل كما يعمل صدام بالأمس، ومن المعروف أن التسوية نالت رضا المرجعية في النجف الأشرف، ومباركتها قبل طرحها على مكونات التحالف الوطني، فمن الذي يحاربها بالخفاء وبالأسماء المستعارة ويماشيها بالعلن! أليس هذا كذلك الذي يبث الفتنة بين الأخوة والجيران والأصدقاء، فهل وصل مستوى السياسيون الذين يقودون البلد الى هذا المستوى الضحل؟ الذي يبعث الحيرة بتلك التصرفات!
سعد الحريري بعد كل الضغوط التي تعرض لها، والمعاندات والكره الذي يكنه للمقاومة في لبنان، المتمثلة بحزب الله وصل لنهايته، وتقبل وجود الآخرين مرغما، مع عدم قبول السعودية التي ترعاه، وما مقتل الحرير إلا لجعل أعداء لحزب الله داخل لبنان، لتبقى الصراعات مستمرة ولإستنزاف قوة المقاومة، ولجعلها منشغلة بالداخل، ليسهل لإسرائيل خرقهم كما حصل سابقاً، وهاهو يثني على المقاومة ويعتبرها درع لبنان بعد أن كان يكيل لها التهم جزافا، كما فعل أميل لحود قبله وسبقه بسنين كثيرة، مقتنعاً أنه لا بديل عن مشاركة أبناء وطنه، وتقبل أحدهم الآخر! ليكونوا بناة لبلدهم بعد الخراب .