تحليل السلوك في علم النفس، تاريخه، أنواعه، تقنياته وفوائده

# محتويات المقال

ما هو تحليل السلوك؟

أنواع تحليل السلوك

تحليل السلـوك التجريبي

تحليل السلـوك التطبيقي

تاريخ تحليل السلوك

التقنيات المستخدمة في تحليل السلوك

تطبيقات تحليل السلوك

خلاصة

تحليل السلوك هو الدراسة العلمية للسلوك، ويركز على فهم سبب تصرف الناس بالطريقة التي يتصرفون بها، وكيف يمكن تغيير السلوك ومنع بعض السلوكيات.


يمكن لمحللي السلوك تحسين جودة حياة الأفراد والعائلات من خلال استخدام مبادئ نظرية التعلم. وغالباً ما يُستخدم تحليل السلوك في العلاج الصحي النفسي لمساعدة الناس للتغلب على السلوكيات السيئة التي تمثّل مشكلة، ويمكن أن يكون مفيداً في البيئات التنظيمية لتحسين أداء الموظفين بشكل عام.


غالباً ما يتم تكييف المبادئ الأساسية للتحليل السلوكي لاستخدامها في البيئات التعليمية وأماكن العمل ورعاية الأطفال.


ما هو تحليل السلوك؟

يعتمد تحليل السلوك على أسس ومبادئ المدرسة السلوكية. كانت “السلوكية” فرعاً من علم النفس وتنبع من فكرة أن جميع السلوكيات ناتجة عن عمليات التكييف. وقد ركّز هذا الفرع من علم النفس على فهم كيفية استخدام الارتباطات والتعزيز والعقاب لتشكيل السلوك البشري.


“القسم 25 من جمعية علم النفس الأمريكية مكرّس لمجال تحليل السلـوك، يقترح هذا القسم من الجمعية الأمريكية لعلم النفس أن التركيز المحدد على السلوك كموضوع هو ما يجعل هذا المجال فريداً”.


وفقاً لمجلس شهادة محلل السلوك، فإن السلوك هو نتيجة للظروف المحيطة. ويسعى تحليل السلـوك إلى فهم تأثير الأحداث التي تأتي مباشرة بعده.


يمكن لهذا الفهم أن يكون أداة مفيدة لتعديل السلوكيات الإشكالية وتعليم استجابات أكثر تكيفاً، ويمكن استعمال هذه الاستراتيجيات في مجموعة متنوعة من المواقف لمساعدة الأطفال والبالغين على إجراء تغييرات إيجابية في حياتهم.


أنواع تحليل السلوك

يوجد مجالان رئيسيان لتحليل السلوك وهما التحليل التجريبي الذي يركّز على إضافة مجموعة المعرفة العلمية حول كيفية تعلّم الناس. والتحليل التطبيقي الذي يركّز على استخدام المعرفة العلمية لمساعدة الناس في المشاكل التي قد تواجههم.


تحليل السلـوك التجريبي

يتضمن تحليل السلوك التجريبي أبحاثاً أساسية مصممة لتدعيم المعرفة الأساسية عن السلوك. الهدف من هذا المجال هو زيادة الفهم الأساسي عن السلوك الإنساني.


يجري علماء النفس أيضاً أبحاثاً أولية لاستكشاف كيفية تأثير المتغيرات البيئية على السلوك. وعلى وجه الخصوص، يلاحظ أخصائيو الصحة النفسية كيف تؤثر العواقب التي تحدث بشكل طبيعي على الاستجابات التي يظهرها الناس.


تحليل السلـوك التطبيقي

يركّز تحليل السلوك التطبيقي على تطبيق مبادئ السلوك على مواقف العالم الحقيقي. تتضمن هذه العملية أخذ ما يعرفه الباحثون عن السلوك واستعماله في السياقات الفردية والاجتماعية والثقافية.


على سبيل المثال، قد يستخدم محللو السلوك ما يعرفونه عن التعلّم والسلوك لمساعدة الأطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية. يركز العاملون في تحليـل السلوك التطبيقي على السلوكيات وعلاقتها بالبيئة.


وبدلاً من التركيز على الحالات الداخلية، يركّز معالجو تحليل السلـوك التطبيقي على السلوكيات التي يمكن ملاحظتها، ويستخدمون التقنيات السلوكية لإحداث تغيير سلوكي.


بإيجاز، تحليل السلوك هو نظام علمي وتطبيقي على حد سواء. ويساعد البحث العلمي المهنيين على فهم عملية التعلم والتي تسمح لهم باستعمال هذه المعرفة في مساعدة الناس على تغيير السلوكيات وتحسين الحياة.


تاريخ تحليل السلوك

تأسست المدرسة السلوكية من خلال العمل المؤثر لثلاثة واضعي نظريات وهم:


إيفان بافلوف: اكتشف بافلوف المنعكس الشرطي خلال دراسته التي أجراها على مجموعة من الكلاب، واضعاً بذلك أسس الإشراط الكلاسيكي كطريقة للتعلم.


أظهرت أبحاث بافلوف أنه يمكن استخدام منبه بيئي مثلاً “رنين الجرس”. وذلك من أجل تحفيز الاستجابة المشروطة، مثلاً “إفراز اللعاب عند سماع صوت رنين الجرس”.

جون بي واتسون: وسّع واتسون نظرية بافلوف لتشمل السلوك البشري. وأظهرت أبحاثه كيف يمكن تعلّم استجابة الخوف من خلال عمليات التكييف أو الإشراط.

بي إف سكنر: فيما بعد، طرح سكنر مفهوم التكيف أو الإشراط الفعال، والذي يؤدي فيه التعزيز إلى السلوك المرغوب.

تلعب هذه المفاهيم أدواراً مؤثرة في تحليل السلوك وتعديل السلوك والعلاج النفسي.


كانت السلوكية سابقاً مدرسة فكرية بارزة جداً في علم النفس، على الرغم من أن هيمنتها بدأت في الانحسار خلال خمسينيات القرن الماضي. إذ أصبح علماء النفس أكثر اهتماماً بالمقاربات الإنسانية والمعرفية.


لم تعد السلوكية مهيمنة على علم النفس، لكن التقنيات السلوكية لا تزال مستخدمة بشكل واسع حتى يومنا هذا. تعتبر المناهج السلوكية مهمة في مجالات تشمل العلاج النفسي، والاستشارة والتعليم وحتى التربية.


التقنيات المستخدمة في تحليل السلوك

يعتمد تحليل السلوك بشكل أساسي على فهم السلوك والنتائج المترتبة عليه، ولهذا السبب عادةً ما تركز التقنيات التي يستخدمها محللو السلوك على تعليم الناس طرقاً أكثر فاعلية للتصرف.


تتضمن هذه التقنيات بعض الأساليب التي يستخدمها محللو السلوك كـ:


التسلسل: يتضمن هذا الأسلوب تقسيم أي مهمة إلى مهام ومكونات أصغر، ومن ثم تُدرّس أصغر وأبسط مهمة في العملية أولاً.


بمجرد تعلّم هذه المهمة، يمكن تدريس المهمة التالية، وتبقى هذه العملية مستمرة حتى يتم ربط التسلسل كاملاً بنجاح.

التحفيز: يتضمن هذا الأسلوب استخدام نوع من المحفز لإثارة الاستجابة المطلوبة. وقد يتضمن ذلك إشارة لفظية كإخبار الشخص بما يجب عليه فعله، أو تلميحاً بصرياً كعرض صورة مصممة للإشارة إلى الاستجابة.

التشكيل: تتضمن هذه الاستراتيجية تغيير السلوك تدريجياً، ومكافأة هذه التغييرات بدءاً من الأقرب والأقرب للاستجابة المرغوبة.

غالباً ما يتضمن تحليل السلوك أيضاً عواقب اجتماعية للسلوك، على سبيل المثال الانتباه هو نتيجة اجتماعية تتبع سلوكاً ما غالباً.


في بعض الحالات، قد يلجأ بعض الأشخاص للقيام ببعض السلوكيات التخريبية كوسيلة لجذب انتباه الآخرين. لذا فإن إزالة الانتباه عقب السلوك تجعل من هذا السلوك مجزياً بشكل أقل، ما يؤدي إلى تقليل هذه الاستجابة في نهاية المطاف.


تطبيقات تحليل السلوك

لتحليل السلوك العديد من التطبيقات العملية، إذ يمكن استخدامه في علاج الصحة النفسية خاصة عند التركيز على مساعدة الأطفال والبالغين على تعلم مهارات جديدة أو تقليل مشاكل السلوك.


كما يستخدم في أغلب الأحيان من أجل تحسين مهارات الأطفال والبالغين الذين يعانون من مشاكل النمو.


يمكن لتحليل السلوك أن يكون أداة تعليمية فعّالة خصوصاً عند مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد أو بمشاكل تأخر النمو لاكتساب مهارات جديدة والحفاظ عليها. علاج التحليل السلوكي التطبيقي هو أسلوب محدد يتم اسيتخدامه بشكل متكرر لعلاج التوحد وبعض الحالات الأخرى.


طوّر عالم النفس إيفار لوفاس شكلاً واحداً من أشكال علاج تحليل السلوك التطبيقي، والذي عُرف باسم “طريقة لوفاس” (Lovaas method)، وهي طريقة مُتّبعة في تعليم المهارات للأشخاص المصابين بالتوحد، وتعتمد هذه الطريقة على عملية تُعرف باسم التدريب التجريبي المنفصل لتشكيل السلوك.


يتضمن التدريب التجريبي المنفصل تقسيم السلوكيات إلى مكونات أصغر، ثم تدريس كل مكون من مكونات السلوك بشكل منهجي باستخدام التعزيز.


تُستخدم “طريقة لوفاس” أحياناً في مساعدة الأطفال على اكتساب مهارات التواصل التي يمكن تطبيقها فيما بعد في المنزل والمدرسة، وتتضمن هذه الطريقة مشاركة الوالدين لممارسة تجارب منفصلة في بيئة منزلية. يقترح مناصرو هذا النهج أن هذا البرنامج يمكن أن يحسّن مهارات التواصل اللفظي والتنشئة الاجتماعية والحد من السلوكيات الإشكالية.


أظهر هذا النهج في تحليل السلوك فعاليته عندما تعلق الأمر بمساعدة الأطفال المصابين بالتوحد على تطوير مهارات جديدة، ووجدت إحدى الدراسات أنه يحسن السلوكيات واللغة والقدرات الاجتماعية ومهارات اللعب.


خلاصة

التحليل السلوكي هو منهج علاجي له العديد من التطبيقات النظرية والعملية على حد سواء ومن ضمنها الصحة النفسية والتعليم والأداء المؤسساتي والرعاية الصحية.


في حين أن تحليل السلوك متجذر في عمل المفكرين السلوكيين، إلا أنه لا يزال له تأثير كبير إلى يومنا هذا. يستخدم محللو السلوك استراتيجيات كـ التشكيل والتعزيز والتسلسل والتحفيز لمساعدة الناس على تغيير السلوكيات واكتساب مهارات جديدة.