منذ أن وضعت إيران يدها على الأحواز بطريقة غير شرعيّة، قامت بمحاربة كلّ ما هو عربي وارتكبت جريمة الاِضطهاد القومي الحاد والتمييز العنصري وترجيح القوميّة الفارسيّة على الديانة الإسلاميّة.
عرفت الأحواز تاريخيا كدولة عربية مستقلة، وكانت من أقوى دول المنطقة حيث أصدرت الدولة الفارسيّة عام 1857م مرسوماً نصّ بعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة للأحواز، وأن الأحواز لها كيانها المستقل في علاقاتها الخارجيّة مع الدول الأخرى. وخاضت الدولة الأحوازيّة حروبا كثيرة ضد الدولة “العثمانيّة” و”الفارسية” و”البريطانيّة” و”شركة الهند الشرقيّة”، وتمكّنت من الحفاظ على كيانها المستقل وتماسكها وقوّتها، ويقول المؤرّخ (لونكرينغ ستيفان) “إن المحمّرة عاصمة الأحواز أصبحت أقوى من طهران”، ويؤكّد الكاتب الإيراني اسماعيل رايين: “انتهت الحرب العالميّة الأولى والدولة الأحوازيّة أقوى دول المنطقة”.
وبعد أن أصبحت الدولة الأحوازيّة تشكل خطراً حقيقيّاً على المصالح البريطانيّة بتقسيم الوطن العربي، بدعوتها إلى الوحدة العربيّة من جهة، ومن جهة أخرى أصبح الطموح المتزايد لـ”الاتحاد السوفيتي” بالوصول إلى المياه الدافئة حيث ثروات النفط والغاز الهائلة، يشكّل خطراً جديّاً على المصالح البريطانيّة في المنطقة، ممّا دفعها إلى التحالف مع الدولة الفارسيّة لاحتلال الأحواز وضمّها إلى إيران. وبمساعدة القوّات البريّة والبحريّة البريطانيّة، نظّم حاكم فارس (رضا بهلوي) حَمْلَة عسكريّة ضخمة تحت قيادته فتوجّه بقوّاته نحو الأحواز معلناً الحرب عليها بعد محاصرتها، ولم تضع تلك الحرب أوزارها إلا بتاريخ 20/4/1925 باعتقال الشيخ (خزعل الكعبي) وسجنه في طهران ومن ثم قتله عام 1936م.
ودخلت الأحواز وفارس عام 1919 في عهد القانون الدولي المتمثل آنذاك بـ(عَهْد عُصْبَة الأمم)، الذي يحرّم الحروب العدوانيّة كوسيلة لاكتساب السيادة على الأقاليم واشتراط استنفاذ الوسائل السلميّة أولاً، واللجوء إلى القضاء وتقديم شكوى إلى مجلس العُصْبَة.
وبعدم استيفاء الدولة الفارسيّة لأي من الشروط المذكورة، فإنّها ارتكبت مخالفة قانونيّة وجريمة دوليّة بحربها العدوانيّة ضد الدولة العربيّة الأحوازيّة.
ويؤكّد القانون الدولي أن إلغاء الصفة القانونيّة لدولة ما بموجب حرب عدوانيّة، فلا يمكن له إلغاء الصفة القانونيّة لشعب تلك الدولة، وهو حال الشعب العربي الأحوازي الذي عبّر عن رفضه المادّي والفعلي للتواجد الأجنبي الفارسي في أرضه، وأكّد هذا الرفض خلال عشرات الثورات والانتفاضات الشاملة أو المناطقيّة، وآخرها (انتفاضة الإرادة) عام 2005 التي عمّت جميع المدن والبلدات والقرى الأحوازيّة. إلا أن جميع هذه الانتفاضات والثورات جوبهت بالنار والحديد والاستخدام المفرط للقوّة العسكريّة.
وغيّرت إيران تسمية (الأحواز) إلى “خوزستان” كما غيّرت جميع أسماء المدن والقرى والمناطق من العربيّة إلى الفارسيّة، وعَمَلَت على محو الهويّة العربيّة فحرمت الأحوازيين من الحديث والدراسة باللغة العربيّة كما منعتهم حتّى من التسميات العربيّة للأطفال.
وعَمَدت دولة الاحتلال الفارسيّة على تهجير سكّان الأحواز قسراً وترحيلهم إلى المناطق الفارسيّة بُغية تفريسهم وإحلال الفرس المستوطنين محلّهم فشيّدت لهم المستوطنات ومنحت الفرس الأفضليّة في الحقوق والخدمات وفرص العمل وعرّضت شعب الأحواز إلى الاضطهاد الاقتصادي، واقتطعت أجزاء شاسعة من الأراضي الأحوازيّة وألحقتها بالأقاليم الفارسيّة خلف جبال زاجروس، وأقامت أربعين سدّاً على منابع وروافد الأنهر الأحوازيّة لتحوّل مياهها إلى المناطق الفارسيّة، فاندثرت العديد منها وتم تلويث ما تبقّى من الأنهر عمدا لتنتشر الأمراض والأوبئة في أوساط المواطنين الأحوازيين ضمن جريمة إبادة جماعيّة وتطهير عرقي يحرّمها ويجرّمها القانون الدولي.
وفَرَض الاحتلال أجواء أمنيّة وعسكريّة رهيبة على الشعب العربي الأحوازي ليراقب جميع تحركاته اليوميّة ويمنعه من التواصل مع العالم الخارجي، فنشر آلاف المعسكرات والثكنات والمقرّات الأمنيّة المدجّجة بالأسلحة وأجهزة التنصّت لتطويق الشعب الأحوازي بقوّة السلاح ومحاصرته وقمعه، إضافة إلى تزويد المستوطنين الفرس في الأحواز بالأسلحة ومنحهم الضوء الأخضر لاستخدامها ضد الأحوازيين، تماماً على غرار ما فعله ولا يزال يفعله الكيان الصهيوني ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني.
وقيّد الاحتلال الفارسي حريّة شعب الأحواز في إقامة الشعائر الدينيّة وعرّض “سُنّة” الأحواز و”الصابئة” وحتى “الشيعة” إلى اضطهاد ديني غير مسبوق، كما انتهك كافة الحريّات الأساسيّة والحقوق الإنسانية لشعب الأحواز، كحريّة الملكيّة وحق الرعاية الصحيّة والحق في التقاضي والحق في التنقّل وغيرها من الجرائم الإنسانيّة.
كما أهميّة موقعها وثراء أرضها جلب عليها الكوارث فتكالبت عليها القوى العظمى منذ القدم، ورغم ذلك فإنها تمكّنت من الحفاظ على سيادتها العربيّة بعد حروب دامية ومعارك ضارية خاضها شعب الأحواز، الذي قام بنحو 17 ثورة وانتفاضة طيلة العقود الثمانية الماضية ضد الاحتلال الأجنبي الفارسي، مؤكّداً على مدى تعطّشه للحريّة والاستقلال.
شعب الأحواز يسير حالياً على خطى الأسلاف لاستعادة سيادته العربيّة حيث برزت عدّة تنظيمات ثوريّة تمسّكت بحقها القانوني في تقرير المصير والتحرير والاستقلال، وقدّمت العديد من الأسرى والشهداء والمهجّرين والمطاردين في سبيل تحقيق أهدافها المنشودة، ويمكن الوقوف عند (المنظمة الوطنيّة لتحرير الأحواز) (حزم) مثلاً، كأكبر تكتّل وطني يشهده تاريخ النضال الأحوازي، إذ تتكوّن من ستة فصائل ثوريّة وعدد من الشخصيّات الوطنيّة المستقلّة في الداخل والمنفى.
ممارسات إيران في الأحواز
– تغيير تسمية (الأحواز) إلى “خوزستان”.
– تغيير جميع أسماء المدن والقرى والمناطق إلى الفارسية.
– منع الأحوازيين من الحديث والدراسة باللغة العربية.
– منع التسميات العربية للأطفال.
– تهجير السكان قسرا وترحيلهم.
– اضطهاد اقتصادي.
– تلويث المياه في قاع الأنهر لنشر الأمراض والأوبئة.