كانت الوجبة دسمة في مطعم الذوّاق.

أما أنا فقلت له: نستلقي قليلا في الحديقة العامة.

قال:نمشي قليلا في شارع الكورنيش ريثما يُرفع آذان الظهر لنصلي في مسجد أويس القرني.

لم تعجبني الفكرة فاقترحت عليه نتجه مباشرة لمتحف المعرّة ونربح قليلا من الوقت...فكّرَ قليلا وأومأ لي موافقا.

بينما نحن نمشي  سمعنا جلبة وضوضاء عن يميننا...الناس في هلع يجرون..التفتنا فرأيناهم متجهين صوبنا آتيين من المسجد الكبير.

تسمّرنا في أمكنتنا...صديقي تحسس أوراقه الثبوتية.

كان أصهب الوجه لحيته شقراء صاح:" لا تُحطّمه كلية".علمت أنه أميرهم الشيشاني.

رد عليه الآخر:" بلى أخي باسّاييف، سأحطم رمز الكفر والجهالة، لن أبقي منه شيئا ولا أذر".

 لم تبق قطرة دم في وجه صديقي أما مثانتي فقد تراخت أربطتها ..تذكرتُ أمي وكل الناس ولم استطع النطق بالشهادة.همس صديقي في أذني "قلت لك لا نسافر إلى سوريا، هاهم سيذبحوننا".

 صاح ذاك الأصهب المدعو خطاب باسّاييف " قلت لا تحطمه كله، حطم الرأس فقط...الدماغ فقط حتى نتركه آية لكل زنديق...لنتركه آية لحفيده النصيري".

 صديقي يشد بيدي وأنا أشد بيدٍ لستُ أدر لمن..أظنها يد صديقي...ضرب صاحب اللحية السوداء الكثة تمثال المعرّي ضربة تطاير إثرها الجبس في الأنحاء...زاد ضربة أخرى في الجهة المعاكسة فتدحرج الرأس على الأرض...وتطايرت التكبيرات في سماء شارع المعري،ورفع ملتح صغير رأس المعري عاليا وهو يكبر صائحا " جاء الحق وزهق الباطل، اللعنة على جد النصيري"... وسقط صديقي مغشيا عليه والتفتَ نحونا ذاك الباسّاييف كأنه تذكرنا بعدما أنجز مهمته الأساسية. تقدم نحوي ودون كلام رفع يده عاليا وفي اللحظة التي قرر أن يهوي بسيفه...حدث الانفجار...وقمتُ فزعًا فقد أسقط ابني البورطابل بالقرب من رأسي وأنا نائم أرى الباسّاييف فيما يرى النائم.