مفهوم القراءة:-
القراءة هي الفن الثالث من فنون اللغة العربية ( الاستماع - التحدث - القراءة - الكتابة ) ، وهي الفن الذي يساعد علي إكساب الأطفال أكبر قدر من المعارف والمعلومات وتهيئتهم للاتصال بوسائل المواد الدراسية الأخرى ، وتثير لديهم الرغبة في الكتابة والإبداع وقديما قيل " اقرأ ما شئت ، تكتب ما شئت ، فإن الكلام من الكلام يولد " والقراءة لها ارتباط كبير بفنون اللغة ، كما أنها لها تأثيراً واضحا في المواد الأخرى فمن لا يقرأ لا يستطيع التمكن من المواد الدراسية الأخرى فالقراءة وسيلة تحصيلها.
تطور مفهوم القراءة:-
كانت القراءة في مطلع هذا القرن لا تتعدي التعرف علي الحروف والكلمات والنطق بها نطقاً سليماً صحيحاً ، أي أن مفهوم القراءة كان ينحصر في النواحي الجسمية المتعلقة بالقراءة فقط، ومع تقدم الأبحاث أثبت " ثورنديك " أن القراءة عملية معقدة تشبه العمليات الرياضية ، فهي تستلزم الفهم والربط والاستنتاج، وجاء " جد وبوذيل " ليضيف عنصراً ثالثاً وهو النقد ، حيث رأي أن عملية القراءة تشتمل علي تعرف الحروف والكلمات ، والنطق بها صحيحة ، وعلي الفهم والربط والاستنتاج ، كما تشمل في الوقت نفسه عنصر التفاعل مع المقروءة والنقد ، إذ ينبغي للإنسان أن يحكم عليي المادة المقروءة وأن يتخير مما تخرجه المطابع يومياً المادة الصالحة لقراءته ، ولن يتمكن من ذلك إلا إذا درب علي النقد الموضوعي السليم، وبذلك أصبحت القراءة تهدف إلى فهم واستيعاب القارئ لما يقرأ ، والتفاعل مع المادة المقروءة ونقدها ، والانتفاع بها في مواجهة مواقف حياتية مختلفة، ومع تقدم البحث العلمي ، واتخاذ القراءة أسلوباً من أساليب النشاط الفكري في حل المشكلات تبوأت القراءة مكانة كبيرة علي أنها طريقة من طرائق البحث العلمي يتبعها الإنسان ليلقي الأضواء علي مشكلة يود أن يجد حلا لها.
عوامل تطور مفهوم القراءة:-
الأبحاث والدراسات:- في بداية القرن العشرين كانت القراءة لا تعني أكثر من التعرف علي الكلمات والحروف ونطقها ، لكن الدراسات والأبحاث التي أجريت في العشرينات من هذا القرن بدأت تثبت أن القراءة ليست عملية ميكانيكية مقصورة علي التعرف والنطق ، وإنما هي عملية معقدة تستلزم الفهم والتحليل والتفسير والاستنتاج ، وكان من نتيجة هذا أن بدأت الدراسات تتركز حول القراءة الصامتة نتيجة الاهتمام بالمعني في القراءة.
التفجير المعرفي:- إن التقدم العلمي وتطبيقاته النقدية قد أدي إلى تقدم الطباعة وإنتاج الكتب ، نتيجة لهذا ظهر الكثير من الكتب والمطبوعات والمنشورات وأصبحت المطابع تنتج يومياً آلاف الكتب والمجلات والنشرات في العالم.
الرغبة المتزايدة في ممارسة الحرية:- من السمات البارزة في هذا العصر أيضا تطلع الشعوب إلى المزيد من الحرية والعدالة الاجتماعية ، إذ إن كثير من الشعوب تري أنه لا سبيل إلى الوصول إلى هذه الغاية إلا بوعي الشعوب نفسها ، فالوعي الشعبي هو الضمان الأكبر للحرية والمسؤولية ، والشعب الواعي هو الشعب الذي يحسن القراءة ويجيدها فهو يقرأ السطور وما بين السطور ، أي أنه يقرأ ويفهم ويحلل ويفسر وينقد ويقوم.
انتشار الحروب:- من العلامات البارزة في هذا العصر أيضا كثرة الحروب ، فلقد شهد القرن الماضي الحربين العالميتين ، وشهد أيضا حروبا إقليمية كثيرة في جميع أرجاء الأرض ، وكان من الممكن الإقلال من عدد هذه الحروب لو أن الشعوب وصناع قرارات الحروب كانوا يدركون النتائج المترتبة علي قراراتهم بإعلان الحرب؛ وهذا يتطلب نوعا من قوة التخيل التي تأخذ في الاعتبار كثير من الاحتمالات ، وقوة التخيل هذا يتطلب الربط بين الحقائق وإرداك العلاقات ، ولن يتوفر صانع القرار إلا إذا كان قارئاً واعياً ناقداً لما يدور حوله.
وظائف القراءة:-
الوظيفة المعرفية:-
- القراءة من أهم الوسائل في تعرف ثمار الحضارة الإنسانية في شتى فروع المعرفة.
- تساعد القراءة الفرد علي التقدم في التحصيل الدراسي.
- تجيب القراءة عن كثير من تساؤلاتنا العلمية.
- تسهم القراءة في النمو العقلي للفرد.
الوظيفة النفسية:-
- تشيع القراءة في الفرد حاجات نفسية كثيرة ، فيها يشبع حاجته للاتصال بالآخرين ومشاركتهم.
- تساعد القراءة الإنسان علي التكيف النفسي في مواجهة الصراع وحالات الإعاقة أو القصور عن تحقيق الأهداف.
- تساعد القراءة علي تنمية ميول الفرد واهتماماته والاستفادة من أوقات الفراغ.
الوظيفة الاجتماعية:-
- القراءة تؤدي دوراً أساسياً في إعداد الفرد للحياة الاجتماعية.
- القراءة وسيلة لنقل تراث المجتمع لأبناء الجيل وإحيائه وتنميته.
- للقراءة دور في تقارب الفكر في داخل الجماعة.
- القراءة وسيلة للاتصال والتبادل الثقافي بين الشعوب المختلفة.
العوامل المؤثرة على القراءة:-
الطبع:- الطبع له تأثير قوي جداً علي الطريقة التي نقرأ بها ، وهذا ليس معروفاً لجميع الناس ، فنحن ندرك ونفهم الأمور بطريقة الاختيار والتنظيم ، وهذا ليس بعمل آلة ميكانيكية مفكرة ، ولكنه عمل إنسان له آمال ومخاوف وطباع ، والطريقة التي نختار بها حقائقنا وننظم عقولنا ، والتي نفكر بها تعتمد علي أحكامنا الذاتية علي الأشياء وعلي طباعنا في الحياة.
أسلوب الكاتب:- وهو الطريقة التي يستخدمها الكاتب لإقناع القارئ بالنص المكتوب ، وبطبع الكاتب العام وبشخصيته الفائضة علي النص ، وعلي القارئ أن يعرف مشاعر وعواطف الكاتب من خلال أسلوبه ، وعند وعيه لذلك سيكون باستطاعته توقع طريقة الكاتب العامة في الكتابة.
طريقة تنظيم المكتوب:- يختلف الكتاب في طريقة تنظيم وعرض أفكارهم ، فقد يستخدمون خطوات الاستقصاء الآتية : ( مشكلة ثم مناقشة ثم خاتمة ) أو ( حقائق ثم تحليل ثم خاتمة ) أو ( حقائق ثم تحليل ثم استنتاج المشكلة ) ، والمشكلة الرئيسة التي تواجه القارئ والمؤلف معا هي ربط الأجزاء لتكوين الكل.
القدرة علي التركيز:- وتعتمد قدرة القارئ علي التركيز علي مجموعة من العوامل : ( الدافع - الاهتمام - الرغبة في التركيز - القراءة الفعالة - القراءة لفهم المعني - استخدام المعرفة المسبقة ).
الإرهاق:- فهناك حدود معينة لقدرة استيعاب الفرد من القراءة كل يوم ، فالساعات الطويلة لا تعطي بالضرورة قدراً أكبر من المعلومات المكتسبة ، لأن هناك رفضاً لا شعورياً للجهد الإضافي ، بينما قد تعمل الساعات القليلة علي زيادة الكفاءة في القراءة.
تحريك أعضاء النطق:- بعض القراء يحرك أعضاء نطقه في القراءة الصامتة كما يفعل في القراءة الجهرية ، وكلنه يصدر أصواتاً ، وهذه عادة غير محببة ، لأنها تبطئ عملية القراءة ويجب التخلص منها التي تركز علي الفهم ، ولكن في القراءة التي تهدف إلى الحفظ غيباً ينصح بتحريك أعضاء النطق.
المعيقات الخارجية:- بعض القراء يفضل سماع نوع معين من الموسيقي ، ويبدو أن الموسيقي التي تشجع علي التركيز ، أما الأغاني فإنها تعيق عملية التركيز ، لأن الكلمات التي تشتمل عليها تشد انتباه القارئ إلى معانيها ، وقد تستدعي بعض الذكريات التي تشتت الذهن ، ويختلف القراء أيضا في الجلسة المريحة لهم ، وهي أمر ذاتي لا يخضع لمعايير واضحة ، ولذلك يجب توفير الجلسة التي تحقق التركيز للقارئ.
أنواع القراءة:-
أولًا- تصنيف القراءة من حيث طبيعة الغرض:-
القراءة التحصيلية: وتهدف إلى تذكر المعلومات ، وحفظها ، واستظهارها ، وعلي القارئ التريث والتأني والإعادة والتكرار لتثبيت المعلومات في ذهنه.
القراءة التجميعية: وفيها يقوم القرائ بتجميع مصادر عدة للموضوع المرااد تصفحه والاطلاع علي المعلومات المتعلقة بموضوعه وتتطلب هذه القراءة من القارئ مهارة في التصفح ، والقدرة علي تلخيص وتحليل الموضوع المراد قراءته.
القراءة السريعة العاجلة: وتهدف للوصول إلى معلومات ومعارف في فترة زمنية قصيرة وهي مهمة للدارسين وطلبة العلم بغية الحصول علي أدلة سريعة مثل : البحث عن مصطلح ، قراءة أدلة وفهارس ، وكشف عن المفردات في المعاجم.
قراءة التذوق والتفاعل مع الموضوع: وتشبه هذه القراءة إلى حد بعيد قراءة الاستمتاع ، وهي عبارة عن الاطلاع علي ما يكتبه أديب بعمق ، فيتفاعل مع إنتاجه لدرجة التأثر بشخصيته ومشاركته في رأيه ومشاعره.
القراءة التصحيحية: وهي قراءة استدراك الأخطاء اللغوية ، والإملائية ، والأسلوبية والصيغ اللفظية ، وتهدف إلى تصحيح الخطأ ، كقراءة المعلم دفاتر التلاميذ ، وتحتاج هذه القراءة إلى جهد مضاعف من القارئ لكثرة التدقيق في المادة المقروءة ، مما ينجم عنه تعب أعصاب العين ، فيؤثر بها مع مرور الزمن.
القراءة الاجتماعية: ويقصد بها التعرف إلى ما يحدث لفئات المجتمع من مناسبات سارة أو أحزان ، كقراءة صفحات الوفيات والدعوات.
القراءة الناقدة: وهي نوع خاص من القراءة المركزة بحيث يهتم القارئ بتقويم ما يقرأ من حيث المحتوي ، أو السياق النطقي أو مستوي النوعية ولتحديد نقاط الضعف والقوة في المادة القرائية ، والقراءة الناقدة ضرورية لكل طالب من أجل نقد الكتب والأبحاث والتقارير.
قراءة الترفيه: وهي القراءة التي يمارسها القارئ غالباً في أوقات الفراغ وعلي فترات متباعدة ، وهي تخلو من التفكير والتعقد والتعمق ولا تحتاج إلى إرهاق ذهني ، مثل : قراءة النوادر والقصص والطرائف والفكاهات ، والأدب .
القراءة الإبداعية: عملية تتنوع فيها العمليات العقلية التي يمر بها القارئ ، ويتصل من خلالها إلى أفكار أصلية من خلال توظيف الأفكار المقروءة بطريقة فريدة .
ثانيًا- تصنيف القراءة من حيث الشكل والأداء:-
القراءة الصامتة: القراءة بالعين بدون صوت.
القراءة الجهرية: القراءة بصوت مسموع وواضح.
قراءة الاستماع: الاستماع للكتب الصوتية.