أنت محتل فاشل 
يمكنك أن توجه دباباتك الحديدية إلى صدورنا، 
لكنك أجبن بكثير من أن تواجهنا في ساحة الحرب...
لأنك على يقين بأنك على شفا حفرة متآكلة، 
وأن جنودك محض هياكل متآكلة، 
يجرون أذيال هزائمهم في ساحات حروبهم التي لا تنتهي...
ويخرجون جوعى عراة
تسترهم بيجامات كستور المنتصر في معظم الأوقات...
لأن الحرب لا تستر الجبناء،
وأن من يقرر مصيره، كما يقول زعماء الأفواه الفارغة، لا يمكن أن يتراجع مليميترًا واحدًا إلى كراسي الجيف لبحث أوضاع هذه الأشكال الضالة...  
قنابلنا نصنعها بقلوبنا المكتظة بالوجع...
وقنابلك ترسلها إليك أمك العاقر التي وهبت ثدييها لأسنة رماحنا الحامية...
أنت ضعيف وغبي وممزق
لكنك تدعي القوة
فتقتل الصغار والنساء والعجائز والحملان
وتهدم البيوت والفساقي الصغيرة وأفران الطهي، وسلال الدجاج 
وتخيف الطيور في الفضاء الفسيح 
أو يهيّأ لك أنك تفعل كل هذا بطائراتك الساذجة، وصواريخك الذابلة، وقوتك المتآكلة... 
أنت شيطان بائس
لا تعرف شيئًا عمّن حولك... 
لأننا لسنا كما ترى، 
صورنا الحقيقية ليست هذه الهيئات 
وأبداننا لم تحاربك بعد...
تضرب من بعيد ككلب ينبح وهو في آخر الشارع على أسد لم يستعد لنهشه... 
فيصدّر لكلابه أنه أخاف الأسد...
ويخبرهم أنه قتل أشباله حينما نبح أكثر 
ويزيد من غرامه الفظ وهو يستعرض قوته بين ظلال قدمي الأسد الذي لم يقرر موعد الهجوم بعد... 
كن على يقين بأنت ستطرد من هنا قريبًا 
لأنك لم تسجد لأصحاب الأرض
إلى أن يحين هذا أكمِل النباح وانتبه لأن الوقت يقترب 
وقبّل كل جنودك وهم في طريقهم إلى ساحتنا
لأنك ستستقبلهم في علب سردين صغيرة
يمكن ألا تتعرف على ملامحهم...
ويمكن أن تكون معهم...
ويمكن...
لا يمكن شيء آخر، لأن جميع الخيارات أغلقت أبوابها...
والسبيل الوحيد الآن هو أن تستريح قبل البعث
أطفالنا سيحاسبونك 
ونحن سنحاسبك 
وأشجارنا ستقتص منك
لأنها هي الوحيدة التي تتأذى ثمارها نتيجة غبائك المفرط
الصغار لا يموتون هنا... 
فقط تستقبل صورهم البشرية رصاصك القذر بصدور مبتهجة ودموع فرحة... يبتسمون وهم يجمعون هذا الرصاص لصناعة حائط مشتعل من الكراهية...
العجوز الشريرة تجلس على عرش المجزرة تجمع الغربان من فوق أرؤس النخيل لتشرح لهم خطط الموت الجديدة
والسيدة الطيبة ترمق المارة وهم يحملون جثث ذويهم ويبتسمون، وكأنها تراقب فرحًا طفوليًّا في حديقة مزهرة... 
تغني بصوتها الشجي: "شدوا بعاضكم... يا هل فلسطين شدو بعاضكم.. ما ودعتكم رحلة فلسطين ما ودعتكم... ع ورق صيني لاكتب بالحبر ع ورق صيني.. يا فلسطيني ع اللي جرالك يا فلسطيني"
عند كل صباح تَخرج من جُبّها لتضمد الوجوه المبعثرة
وتقرأ الفاتحة على من يحملون أجسادهم فوق أكتافهم في اتجاه الموت
نحن هنا لا نواجه عدوًّا مخلصًا لقواعد الحرب
وإنما نواجه آلة غاشمة لا تعرف من أبجديات الإنسانية غير الادعاء والكذب
يخيل لها أنها تقتلنا بمنتهى الوحشية، 
ولا ترانا ونحن نُخرج الرصاص من أجسادنا المثقوبة في الظلام ونغسل جروحنا بأتربة المدن الطاهرة لاستكمال المواجهة... 
يظنون أننا متشابهون
لأنهم يقتلوننا كل يوم...
يمزقون الراية 
يحرقون ملابسنا
يحفرون المقابر الجماعية 
ويضغطون رؤوسنا بآلاتهم الثقيلة وهم يهيلون الحجارة علينا 
لكنهم لا يعودون في الصباح إلى هذه المقابر 
لتخبرهم حجارتها أننا صامدون...
نقف على قارعة الحرب نردد: (أصبح عندي الآن بندقية... إلى فلسطين خذوني معكم)
والسيدة الطيبة تغني بصوتها الرخيم "شدوا بعاضكم... يا هل فلسطين شدو بعاضكم.. ما ودعتكم رحلة فلسطين ما ودعتكم... ع ورق صيني لاكتب بالحبر ع ورق صيني.. يا فلسطيني ع اللي جرالك يا فلسطيني"
وأبطالنا يضربون يعزفون على مدرعات العدو أنشودة النصر القادم من رحم الإيمان بالنفس والتمسك بالأمل...
سننتصر... هذا ما أخبرني به الرجل المسن الواقف ينتظر باص السابعة صباحًا في أحد شوارع العاصمة المكتظة بالغرباء 🙏✌️
 
...................................................
 
#سعيد_شحاتة