*تتفق أو تختلف مع مبدأ إعادة صياغة المسلسلات الأجنبية وتهيئتها للمشاهد العربي فإن الفكرة بالنسبة للمنتجين الذين لا يتجاوزون كونهم تجارا لا يهمهم سوى لغة الأرقام فإن بعض النجوم قد يصنعون فرقا هائلا .

تتفق أو تختلف مع أنه في الآونة الأخيرة أصبح ما يُعرض علينا هو شيء لا يشبهنا في شيء لا يمثلنا ،لا يذكرنا بأنفسنا ونحن نتفرج ....

لا أحد يعيش ك عليا في مسلسل كريستال ،لا أحد يشبه فلك في طريقة حياتها هي وصديقاتها في مسلسل ستيليتو ،لا أحد يبدو كاملا كالدكتورة أسيل في مسلسل الخائن ،ولا أحد يصدق أن هناك بيننا من يملك حياة كهؤلاء المُدّعين والسفلة في تلك المسلسلات البائسة .

في الحقيقة لم نعد نرى الطبيعة أبدا ،كل شيء خضع لعملية حشو سليكون ،الأدوار والشخصيات والمَشاهد والقصة والحبكة والأحداث والنهايات المتشابهة التي لا منطق فيها ،أنت تحاول فقط أن تسبق المشاهد بخطوة فتمنعه من الوصول أصلا .

كل شي مصطنع ،الممثلات المبالغ في ملامحهن وملابسهن وحياتهن والممثلون الذين لا يشبهون رجالنا في شيء ،وبيوتهن التي ليس فيها "ركوة قهوة" عادية كالتي في بيوتنا جميعا ولا إطلالة بسيطة على "سمّان الحارة" الذي نعرفه جميعا ولا طرقاتنا المزدحمة ولا شوارعنا التي تحكي قصصنا وإنجازاتنا وخيباتنا وصراعاتنا مع حياتنا نحن وليس حياة غيرنا .

لقد كان لدينا تاريخ جميل هذه الجملة حين تقولها عليك ان تتأكد أنك تعيش واقعا بائسا وهذا ما نقوله حين نستذكر تلك المسلسلات السورية التي صنعت مجد ذاكرتنا وواقعنا ذات مرة .

ثم يهزمك بوتوكس سلافة معمار في مسلسل "الخائن" ولكن لا يمكنك أن تنكر أنها تفوقت حتى على البوتوكس بكل تلك الملامح التي تتنقل بينها بكل راحة وسلاسة ،بكل تلك الرياكشانات المتضاربة وتصاب بوعكة بصرية حين ترى مرام علي في الرابعة والعشرين من العمر بملامح فتاة في الثلاثين ،ليس اعتراضا عليها كممثلة لأنها تؤدي دورها كما يجب ولكن لمراعاة عقولنا كمشاهدين فقط ...كان بإمكانهم أن يمنحوا الدور لأي وجه جديد أو موهبة تستحق الحصول على فرصة الوقوف امام سلافة معمار ربما تكون مشروع نجمة مستقبلية ولكن أعوذ بالله أن يكون هناك شيء من هذا القبيل ! 

سلافة معمار تحمل ثقل المسلسل بطريقة تجعلك تشعر أن هذا المسلسل هو تحفتها الوحيدة ،ربما تمثل لأول مرة وتريد أن تثبت نفسها ،أو تمثل لآخر مرة وتريد أن تصنع مجدها أو تمثل لأنها تفعل الأمر ببديهية آلية التنفس والشهيق والزفير .

ربما الفنان أيضا يبحث عن لقمة العيش حتى من خلال تقمص شخصية لبسها غيره في أكثر من مجتمع وأكثر من نسخة أو حتى قد يرى في الأمر تحديا شخصيا كي يأخذ الشخصية إلى حيث يريد ...

ربما الممثل حتى لو كان الحلقة الأهم فإنه ليس الملام الأكبر على ظاهرة استسنساخ الأفكار الاجنبية واستجلاب النجاح جاهزا .

الملام الوحيد هم المنتجون ! 

تجار الفكرة ،ومصنع تعليب المواهب ،مقصلة المواهب والأقلام الجديدة ،سفاحو الفرص الجديدة ، مقبرة الأحلام الصغيرة في الحصول على فرصة جديدة او أولى للأوراق البكر والنصوص التي دائما بحاجة إلى التدقيق وإعادة الصياغة كنصوص الإملاء للطلاب الجدد.

المنتجون الذين استسهلوا شراء النجاح جاهزا ليسوا بحاجة للمغامرة لأن آلية العقل البشري وعواطف الإنسان واحدة وما نجح في تركيا أو كوريا قد ينجح في الوطن العربي لأن المشاهد العربي بحد ذاته قد تم استدراجه إلى تقبل دراما الآخرين منذ كاسندرا إلى غاية سمر ومهند فلما لا نستجلب المزيد و نستفيد من نجاحات الآخرين بفكرة ناجحة ،بالنسبة للمنتج هذه الصفقة متكاملة لايهم المشاهد عموما لقد تقبل الآخرين على أية حال .

تلك الأدراج في مكاتبهم الفارهة تتسع للمزيد من الأوراق والنصوص التي لن ترى النور فالعمى يمتد إلى ما لا نهاية ،الوحيدون الذين سيكون بإمكانهم رؤية الأشياء كما هي هم الكتاب الذين يصارعون لكي يحصلوا على فرصة لكي يلبس احدهم شخصياته أو يرى إحدى نصوصه تتحول إلى مشاهد حية .

المنتج لن يهتم للأمر على أية حال ،من يتكلم لغة الأرقام اللعينة لن يكترث للغة المشاعر أو لقضية الفن الذي تقضي عليه قضية استنساخ النصوص واستجلاب النجاح جاهزا أو حتى البحث عن أفكار جديدة .

إن حقيقة ما يحدث مخيفة جدا لصناع الدراما لأن من يملك دفتر الشيكات تاجر بغيض حتى المخرجون وأطقم الأعمال تستجلب وتخضع في الصفقة إلى فرض هيمنتها لست أدري هل هو جزء من عقود بيع الافكار الجاهزة أو أنه استحقار لنا أو هي بنود تفرض في كل صفقة استجلاب ولكن عند شارة النهاية على الأغلب لن ترى اسم المخرج عربيا تقريبا كل طاقم هذا النوع من الأعمال مستوردة أيضا .

السؤال هنا هو ! 

لماذا لا يشترون منا رغم أننا نشتري منهم وندفع بسخاء؟؟

الجواب : لأنهم لا يروننا كما نراهم ، أو لنكن محددين أكثر لأنهم يرون انفسهم فقط !

رغم أن لدينا أعمالا تستحق أن تستنسخ ويرى الآخر ما نكتبه ونمثله ونخرجه وننتجه ولكن هنا "صاحب الدكانة" لا يرى ما نكتبه ولا يتكرث لما نمثله وكم يهمنا أن نمثله .

🥀Mrs Truth🥀