ادعت اسرائيل ان حماس قد انتهكت حقوق الانسان و روعت المواطنين الامنيين وقتلت الاطفال اليهود والسكان العزل واهانت النساء وكبار السن ؛ في هجومها الاخير في السابع من تشرين الأول ؛ الا ان حركة حماس كذبت هذه الادعاءات , وقال موسى أبو مرزوق - أحد أكبر قادة حماس - في حوار مع بي بي سي : (( ... أن الحركة لم تقتل مدنيين في إسرائيل، مؤكدا أن من استهدفوا هم المجندين فقط ... ؛و إن النساء والأطفال والمدنيين استُثنوا من هجمات حماس ... )) بينما ادعت إسرائيل إن أكثر من 1400 شخص قتلوا على يد حماس في هجمات 7 أكتوبر/ تشرين الأول، معظمهم من المدنيين ... ؛ و صورت اسرائيل للعالم صور حزينة وانسانية تتدعي ان اليهود قد تعرضوا لها على يد حركة حماس ؛ لاستدرار التعاطف والدعم العالمي واستجلاب مساعدتهم ؛ فقد ادعت وزارة الرعاية الاجتماعية الإسرائيلية لبي بي سي إن ما يقرب من 120 طفلا فقدوا أباهم أو أمهم في هجوم حماس ؛ 18 من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا فقدوا كلا الوالدين ... ؛ ويتشبث آخرون بالأمل في أن يكون والدهم المفقود على قيد الحياة أو من بين 241 رهينة الذين تحتجزهم حماس ... ؛ بل ذهب الصهاينة بخيالهم وتضليلهم بعيدا ؛ وادعوا ان حركة حماس قتلوا الاطفال اليهود ومثلوا بهم ... ؛ و أنهم وجدوا طفلا إسرائيليا في "فرن" و لم تنشر أية صورة أو شهادة من أي شخص يؤكد هذا الادعاء ... ؛ و وجود 50 طفل حرقوا أو قطعت رؤوسهم ... ، وايضا فشلوا في تقديم أي صورة أو أي دليل يثبت ذلك... ؛ و وجود أطفال يهود وضعتهم المقاومة في الأقفاص ... , وعرضوا صورة طفل إسرائيلي متفحم جراء القصف الفلسطيني ... الخ .
وقد اتهمت اسرائيل حماس بقتل الاطفال اليهود كما اسلفنا ؛ وتناقلت وسائل الاعلام الغربي هذه الاخبار المفبركة من دون اي دليل , الا ان الكثيرين من احرار العالم قد شككوا بهذه الصور التي لم يذكر معها اسماء الاطفال او مناطق سكنهم او كيفية قتلهم او الادلة الدامغة على حقيقة تلك الصور , وقام البعض منهم بالبحث عن حقيقة تلك الصور المفبركة المنشورة , ومن ضمنهم الاعلامي الامريكي جاكسون هنكل ؛ الذي قال ان هذه الصور معدلة بالذكاء الاصطناعي وان هذه الصورة – ويقصد بها صورة الطفل الاسرائيلي المتفحم - لكلب ...!!
وكذلك ادعت اسرائيل ان حماس قطعت رؤوس بعض الاطفال اليهود ؛ وهذه الرواية كباقي الروايات الكاذبة ؛ وانساق الرئيس الامريكي خلف هذه الاكاذيب ؛ قائلا : لم اتخيل رؤية ارهابيين يقطعون رؤوس اطفال ... ؛ الا ان البيت الابيض كذب تصريحات الرئيس بايدن ؛ قائلا : بايدن لم ير اي صور لأطفال إسرائيليين قتلى ... ؛ وكذلك كانت مذيعة cnn ؛ سارة سيدنر , من المروجين لهذه الاكاذيب والمسرحيات الصهيونية ؛ الا انها اعتذرت فيما بعد وقالت : كان يجب ان اكون اكثر حذرا في كلماتي انا اسفة ... .
ولو كانت لديهم صور حقيقية واثباتات دامغة حول هذه الادعاءات والانتهاكات الخطيرة ؛ لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها , ولاستغلت اسرائيل هذه الافعال والانتهاكات لارتكاب مجازر وجرائم حرب وابادة جماعية اكثر مما تفعله الان بمئات المرات ؛ فإجرام وارهاب الصهاينة لا حدود له , وقصة قتل الاطفال المفتعلة نموذج بسيط لكمية الاكاذيب الاسرائيلية والبرووباغندا اليهودية المعروفة والتي يصدقها الغرب بلا اثبات او دليل كالعادة , ولولا الحملة الاعلامية الصادقة والمضادة لما عرف العالم حقيقة ما يجري في فلسطين , ومن المضحك المبكي ان بعض الامريكان المشهورين نشروا صور لضحايا فلسطينيين كانوا يعتقدون انها في اسرائيل وليست في غزة , وعلقوا عليها بعبارات ( الصلاة من اجل اسرائيل , والارهاب ينزل من السماء ) ولما علموا ان الضحايا هم فلسطينيون وليسوا يهود ؛ حذفوها من صفحاتهم ...!! .
ان هذه المسرحيات الاعلامية المكشوفة والاكاذيب المفضوحة التي تنشرها اسرائيل عن قصد وعمد للخداع والتضليل ؛ هدفها حرف الرأي العام , وتشتيت العقول عن الحقائق الميدانية , وكسب تعاطف العالم الغربي , وتشويه سمعة الشعب الفلسطيني والمقاومة ... ؛ ولعل المثل العربي المعروف ينطبق على ما تقوم به اسرائيل : ( رمتني بدائها وانسلت ) او كما قال المثل الشعبي العراقي : ( ذب عارك على جارك ) .
فإسرائيل تريد دفن تاريخها الاجرامي وجرائمها الارهابية الحالية ضد الطفولة البريئة والتي يشيب لهولها الولدان ؛ و لقد مارس الصهاينة وحشيتهم العدوانية ضد كل ما هو عربي : ((فالعربي الجيد هو العربي الميت)). وبلغت هذه الوحشية فظاظتها الاجرامية في قتل الأطفال، لذلك قاموا باعتدائهم على مدرسة بحر البقر المصرية في نيسان 1970، وأصروا على قتل الطفل محمد الدرة وهو يلوذ في حضن أبيه، وقتل الرضيعة إيمان حجو ذات الشهور الثلاثة، وقتل أطفال قانا وداعل وقبية ودير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وجنين ونابلس وغزة.. كل ذلك تنفيذاً لتعاليمهم التوراتية التي تقول: ((وتحطم أطفالهم أمام عيونهم))... ؛ و يمكننا فهم دوافع قيام القادة الصهاينة بقتل الأطفال العرب في سوريا ولبنان وفلسطين وغيرها ؛ فها هي غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة تقول بشكل وقح : ((لا أستطيع النوم كلما سمعت بميلاد طفل عربي)).
ومارس الصهاينة شتى صنوف الاهانة والعذاب على الاطفال المعتقلين في سجون الكيان الصهيوني ؛ ففي الوقت الذي تحتجز فيه اسرائيل الاطفال الفلسطينيين في الاقفاص مع وجود الصور والفيديوهات التي تثبت ذلك ؛ تتدعي اسرائيل العكس , وتقول ان حركة حماس وضعت الاطفال اليهود في الاقفاص كما مر عليكم ؛ وقد خلفت الحرب الاسرائيلي والعدوان الصهيوني على غزة ؛ 4 آلاف و630 طفلا قتيلا الى هذه اللحظة , واعداد الاطفال الشهداء والرضع الضحايا تزداد في كل دقيقة ؛ على ايدي ماكنة القتل والاجرام الإسرائيلية والارهاب الصهيوني ... ؛ ففي كل يوم ترتكب اسرائيل مجزرة جديدة تضاف الى سلسلة المجازر والجرائم المتكررة والتي تستهدف المدنيين العزل ولاسيما الاطفال والنساء ؛ وذلك من خلال استهداف المستشفيات والمدارس والدور والمجمعات السكنية .
ودولة الاحتلال منذ صدمة 7 أكتوبر تضخ الأكاذيب ؛ كذبة تلو الأخرى، ولا تزال تكذب، يساعدها الإعلام الغربي وقادة سياسيين عنصرين في الغرب على ترويج هذه الأكاذيب ... ؛ ومن الواضح ان هذه الاكاذيب تحتاجها اسرائيل لتبرير هذه الحرب الهمجية والجرائم البشعة ضد الطفولة والانسانية ؛ لكن سرعان ما اكتشف العالم زيفها ، بعد استغلالها لتنفيذ الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين العزل والطفولة البريئة ... ؛ اذ خرجت مئات المظاهرات في كل انحاء العالم ؛ بعضها لتأييد "حماس" ؛ والاخر تأييدا للحق الفلسطيني ... ؛ وقد شارك في البعض منها اليهود والامريكان ؛ ردًا على العنف غير المسبوق في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة ؛ وذلك على الرغم من تهديدات بعض الحكومات الغربية ومنعها المواطنين من المشاركة في التظاهرات التي تشجب العدوان الصهيوني .
ومن ابرز هذه الاكاذيب : أن المقاومة قتلت المئات في الحفل الموسيقي، وتبين من تسجيلات للعدو أن سلاح الطيران الإسرائيلي لم يميز بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتخبط في أطلق النار وبكثافة ودون تمييز ... ؛ وأن المقاومة قتلت العديد من المدنيين في الكيبوتس ثم تبين عن طريق شهادة يهودية أطلق سراحها من حماس بأن من قتل العديد من المدنيين الإسرائيليين هي نيران الدبابات الإسرائيلية ... ؛ وأن المقاومة قطعت أثداء النساء او اغتصبت النساء ، و لم تقدم أدلة أو شهادات أو صور تثبت ذلك ... ؛ وأن المقاومة عذبت الأسرى، وهو ما نفاه الأسرى الذين أطلق سراحهم ليمدحوا معاملة المقاومة لهم. ووثقت الصور تعذيب الصهاينة لأسرى فلسطينيين ... ؛ وأن المقاومة مثلت بالجثث ... ؛ و لم تقدم أي دليل، بل على العكس ظهرت صور و فيديوهات توضح همجية الجيش الصهيوني في التعامل مع قتلى فلسطينيين ... ؛ و نشر صور لشخص في تابوت وهو يتحرك وثبت بأنها صورة تدريب على الجنائز في ماليزيا ... ؛ و أن إسرائيل لم تقصف المستشفيات وقد تكشف كذبهم عن طريق افتخارهم بما حصل في تغريدة الصحفي الذي يعمل مع نتنياهو ... الخ .
أن إسرائيل وحلفائها الإمبرياليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، يسلكون كل السبل الدعائية الكاذبة والقانونية المزيفة لتضليل الرأي العام العالمي عن هذه الحقائق المقررة وإلصاق صفات الإرهاب والتخريب والعدوان بحركات المقاومة ومقاتليها ... ؛ بينما نرى أن الحقيقة خلاف ما يدعون .
احتلال واجرام وارهاب واعتقالات واغتيالات وعذاب وحصار ومجازر وحشية وتهجير وابادة جماعية وعمليات عسكرية وحروب مدمرة ومعارك لا ترحم احدا ... ؛ وطوال عقود طويلة من الزمن ؛ ويتسائل البعض : لماذا تقاوم حركة حماس وغيرها هذا الاحتلال الغاشم والظلم المتراكم لمدة اكثر من 75 عاما ... ؛ وهل تحتاج المقاومة الفلسطينية بعد كل هذه الجرائم والمجازر والانتهاكات الى شرعية ومباركة دولية , كي تحارب الصهاينة وتقاوم المحتلين ...؟!
علما إن اللاشرعية ابتدأت من اللحظة التي وجَدت فيها إسرائيل بالقوة، فكان وعد بلفور بحد ذاته عملاً غير قانوني لا يترتب عليه أية نتائج قانونية ؛ كما شرَّع القانون الدولي المقاومة المسلحة من أجل الدفاع عن النفس والارض وحماية الممتلكات ووحدة إقليم الدولة المحتلة ، كما أعطت اتفاقية جنيف صيغة “أسرى الحرب” على المتطوعين، ومنهم أعضاء حركات المقاومة المنظمة التي تعمل داخل أرضها أو خارجها وحتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال ... ؛ كما ودعت الجمعية العامة منظمة التحرير الفلسطينية كأول حركة مقاومة فلسطينية للإشتراك في مداولات الجمعية العامة ؛ وظهرت بعد منظمة التحرير الفلسطينية “فتح” العديد من حركات المقاومة هي: الجبهة الشعبية، حركة الجهاد الإسلامي، الديمقراطية، حماس، جبهة النضال وجبهة التحرير العربية، وكلها تصب في هدف واحد هو تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن الشعب وما يتعرض له من عدوان وجرائم حرب بامتياز ؛ و قد ذكرنا انفا جزءا بسيطا من جرائم اسرائيل فقط ؛ لأن إسرائيل ترتكب من الجرائم ما لا يعد ولا يحصى بحق الشعب الفلسطيني ولا رادع لها فيما ترتكبه سوى فصائل المقاومة الفلسطينية .
لكن ومع ما تتمتع به حركات المقاومة الفلسطينية من شرعية دولية، بناء على ما تم بيانه، إلا أنها لا زالت تُقابل بالإدانة الدولية وإدراجها على قوائم الإرهاب رغم انعدام الأساس القانوني السليم لذلك ... ؛ فقد قضت محكمة العدل الأوروبية، 26 يوليو/تموز 2017، بالإبقاء على حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على لائحة الاتحاد الأوروبي للإرهاب، على الرغم من أن محكمة البداية أصدرت قراراً بإلغاء إدراج الحركة على اللائحة، في 17 ديسمبر/كانون الاول 2014، حيث أوضحت المحكمة في قرارها أن الاتحاد الأوروبي لم يقدم أي مسوغات قانونية كافية لتبرير إبقاء “حماس” على لائحة الإرهاب؛ لقد كان قرار محكمة العدل استجابة لضغوطات الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية، على حد قول يحيى موسى النائب في المجلس التشريعي عن الحركة، إذ قال بأن “حركة حماس لم تمس أي مواطن من مواطني الاتحاد الأوروبي وخصوصاً أن نطاق عملها مقتصر على الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى مقاومة الاحتلال الذي كفلته كل الشرائع والقوانين الدولية لا سيما الأمم المتحدة. (1)
شجبت اسرائيل و الغرب عملية 7 اكتوبر الفلسطينية والتي استهدفت المجندين والقوة العسكرية بالأساس ؛ وجعلتها مبررا لممارسة شتى جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني ؛ اذ خلطت وعن عمد وقصد بين حركة المقاومة حماس وبين جميع الفلسطينيين والشعب الاعزل ... ؛ كما خلطوا من قبل بين الاسلام الحنيف وبين التنظيمات الارهابية والتي ما هي الا صنيعة صهيونية وغريبة ولا علاقة لها بالإسلام والمسلمين الشرفاء ... ؛ وهذا الفعل الخبيث يهدف الى اضفاء الشرعية الدولية على حرب الابادة الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ؛ وكذلك في استبعاد ردود الفعل العالمية في الدفاع عن الحقوق الإنسانية للفلسطينيين.
وبحجة الدفاع عن النفس ترتكب اسرائيل الجرائم المروعة ضد النساء والاطفال والعجزة والمرضى والعزل ؛ وتتغافل عن الحقوق الانسانية وتخضعها للضرورات الامنية المزعومة ... ؛ وتتعارض هذه الرؤية الاجرامية مع ادعاءات الدول الاوربية بالتزام اسرائيل بحقوق الانسان وابتعادها عن الخطاب الذي يحرض على العنف او التمييز او العدائية او الكراهية ؛ وبكونها دولة ديمقراطية وتراعي حقوق الانسان وتصون الحريات ... ؛ بينما شاهدنا ومن على شاشات الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي تصريحات وتظاهرات الإسرائيليين العنصرية والاجرامية والارهابية بحق العرب والفلسطينيين ؛ حكومة وقادة وشعبا ... ؛ فقد شهدت الضفة الغربية وباقي المناطق المحتلة زيادة حقيقية ومخيفة للغاية في الهجمات والاعتداءات والتي تنطوي على كراهية الاسلام والعرب والفلسطينيين ... ؛ إن المشاهد المتداولة بشأن تعذيب الجنود الإسرائيليين لأبناء الضفة الغربية تذكّرنا بالنازية والفاشية... ؛ وقد تداولت مواقع إسرائيلية على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر تنكيل جنود إسرائيليين بمجموعة من العمال الفلسطينيين بالضفة الغربية ، وإهانتهم وسحلهم وضربهم وتعمّد استخدام أساليب تحط من كرامتهم ... ؛ و أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية ، مساء الاثنين 13 /11/ 2023، مقتل أحد مواطنيها برصاص الجيش الإسرائيلي، في مخيم طولكرم للاجئين ، شمالي الضفة الغربية، ما يرفع الحصيلة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 189 شهيدا .
ولا ادري لماذا يتغافل بعض الغربيين عن هذه الحقائق ؛ اذ ان دعم الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، في ظل القصف الإسرائيلي المستمر والفصل العنصري والاحتلال، مع ما يصاحب ذلك من انتهاكات يومية، هو دعم لحقوق الإنسان العالمية ... ؟! .
ولا ادري ماذا يقصد الصهاينة بتهديد الامن القومي ؛ والذي يستخدمه الاسرائيليون بشكل فضفاض ؛ فها هي تل ابيب وباقي المدن الاسرائيلية عامرة بأهلها , وكلنا رأينا كيف يتباهى المدعو أفخاي أدرعي - الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي - ؛ ويتكلم وهو فرح و مسرور مع احد الشخصيات الإسرائيلية وهو يصور المناظر الجميلة في تل ابيب ؛ ويرددون سوية : ان اسرائيل جنة ؛ ان اسرائيل جنة ... ؛ والحياة تسير فيها بصورة طبيعية باستثناء بعض الاوقات القصيرة التي تطلق فيها المقاومة الفلسطينية رشقة من الصواريخ ؛ بالإضافة الى ان عدد القتلى الإسرائيليين الذين اعلنت اسرائيل عنهم ؛ مبالغ فيه جدا ؛ فقد ادعت ان عدد القتلى بلغ أكثر من 1538 قتيلا ... ؛ الا ان حركة حماس أكدت بأنها لم تقتل المدنيين او تستهدف الناس العزل ؛ وانما تستهدف الجنود الصهاينة فقط ؛ وحسب التصريحات الاسرائيلية بلغ عدد الجنود القتلى - منذ بدء عملية طوفان الاقصى – 328 ؛ وفقا لما ذكرته هيئة البث الاسرائيلية باستثناء عدد قتلى الاجتياح البري , لأنه بازدياد مطرد ؛ واما عدد الاسرى فقد بلغ 230 أسيرا ... ؛ ولو كانت اسرائيل جادة في انقاذ الاسرى كما تتدعي لما اقدمت على قصف غزة بالكامل ؛ و لقدمت التنازلات وجلست على طاولة المفاوضات ؛ وانصاعت لمطالب حركة حماس : وهي اطلاق سراح الاسرى الإسرائيليين مقابل الافراج عن الاف المعتقلين الفلسطينيين المظلومين في السجون الاسرائلية الرهيبة ... ؛ ولو سلمنا جدلا بصحة ما تتدعيه اسرائيل وان امنها القومي معرض للخطر ؛ الا ان هذا لا يعطيها الضوء الاخضر لارتكاب ابشع المجازر وجرائم الحرب ضد الطفولة والانسانية والشعب الفلسطيني الاعزل .
لا فارق بين إجرام وآخر ولا بين إرهاب همجي من هنا أو من هناك… ؛فالإجرام والإرهاب يبقى واحداً سواء ارتكب من قبل تنظيمات إرهابية تتخذ من التطرف الأعمى مصدراً لإجرامها وإرهابها أو ارتُكب من قبل دولة عنصرية متطرفة تحظى بغطاء ما يسمى المجتمع الدولي…؛ لذلك لا فارق أبداً بين الإجرام الإرهابي الذي يرتكب على يد عصابات الإرهاب العالمي… ؛ والإجرام الإرهابي الذي يرتكبه الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني ... ؛ بل لعل الإرهاب الهمجي الإسرائيلي فاق جرائم التنظيمات الارهابية قاطبة . (2)
وكل هذه القرائن والادلة الدامغة تؤكد حقيقة لا مراء فيها ؛ الا وهي ان اسرائيل دولة عنصرية عدوانية قمعية ؛ لا تراعي حقوق الانسان وترتكب اقذر الجرائم وابشع المجازر , وهي غدة سرطانية زرعت في المنطقة من اجل الاخلال بالأمن والسلم العربي والاسلامي والعالمي ؛ وقد صرح بعض الساسة الامريكان بهذه الحقيقة ؛ وما اعتداءاتها المستمرة على الاراضي السورية واللبنانية وتدخلاتها السافرة في شؤون دول المنطقة , وتنكيلها بأهالي الضفة الغربية وقتلهم وتهديم بيوتهم ؛ وباقي الشعب الفلسطيني الاعزل والذي لا دخل له بعملية طوفان الاقصى او حركة حماس ؛ واعتقالاتها التعسفية للمواطنين الابرياء ؛ تحت مسمى ( الاعتقال الاداري ) ؛ الا دليل دامغ على ما ذهبنا اليه .
وقد تحدثت منظمة العفو الدولية إلى امرأتين احتُجزتا تعسفيًا لمدة 14 ساعة في مركز للشرطة في القدس الشرقية المحتلة حيث تعرضتا للإذلال والتفتيش بعد تجريدهما من ملابسهما والسخرية منهما، وطُلب منهما شتم حماس. وقد أُطلق سراحهما فيما بعد بدون توجيه تُهم بحقهما ... ؛ وفي فيديو نُشر للمرة الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وحلله مختبر أدلة الأزمات التابع لمنظمة العفو الدولية، يمكن رؤية تسعة فلسطينيين معتقلين، استنادًا إلى لهجات يمكن التعرف عليها، بعضهم عارٍ وآخرون نصف عراة معصوبي الأعين ومكبلي الأيدي، يحيط بهم ما لا يقل عن 12 جنديًا يرتدون زيًا أخضر زيتونيًا ومجهزين إما ببنادق هجومية من طراز “إم 4 آيه1” أو بنادق “تافور إكس 95”. كل من الزي الرسمي والأسلحة هي معدات معتمدة للقوات البرية الإسرائيلية. وشوهد أحد الجنود وهو يركل أحد المعتقلين في رأسه. ويظهر مقطع فيديو آخر حلله مختبر أدلة الأزمات، ونُشر على منصة إكس (تويتر سابقًا) في 31 أكتوبر/تشرين الأول، شخصًا معصوب العينين، من المرجح أنه فلسطيني، إلى جانب رقيب في الجيش الإسرائيلي وهو يسخر من السجين ويرقص حوله.
ولو فرضنا ان حركة حماس قتلت بعض المدنيين و روعت الاهالي ؛ ولم تقتل المجندين المجرمين والصهاينة القتلة , وان اسرائيل كانت طوال كل تلك العقود الدموية السوداء تقدم الورود للفلسطينيين ؛ كما اسلفنا سابقا ؛ فهل هذا يعني ان تقابل اسرائيل الجريمة بجريمة ابشع منها , وتعاقب البريء وتعتقل الاعزل بجريرة المسلح والمقاوم ... ؛ وتستخدم كل هذا الكم الهائل من الاسلحة المدمرة والمحرمة والممنوعة ضد المدنيين الابرياء , وتلحق كل هذا الدمار الشامل بقطاع غزة , بحجة الاعتداءات الفلسطينية والمحصورة بحركة حماس ...؟! .
فهل هذه الاعداد من القتلى الإسرائيليين ؛ وبعض الاضرار البسيطة في البنى التحتية والاحياء السكنية والتي لا تقارن ابدا بما حصل في غزة ؛ بسبب دقة الاصابات وقوة الاسلحة والتجهيزات العسكرية وعدم تكافؤ الفرص بين الطرفين ... ؛ تعد تبريرا للصهاينة ومسوغا اخلاقيا وقانونيا لإسرائيل ...؟! ؛ للقيام بهذه المجازر والجرائم والانتهاكات : اذ خلفت الحرب الإسرائيلية المدمرة منذ السابع من اكتوبر والى هذه اللحظة : 11 ألفا و240 قتيلا فلسطينيا، بينهم 4 آلاف و630 طفلا، و3 آلاف و130 امرأة، فضلا عن 29 ألف مصاب، 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية ... ؛ بالإضافة الى قصف المستشفيات وازالتها ؛ و قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة الدكتور أشرف القدرة : إن 7 مرضى جدد استشهدوا في مجمع الشفاء الطبي بسبب نفاد الأوكسجين... ؛ وأضاف في مؤتمر صحفي إن عدد الوفيات جراء انقطاع الخدمات في مجمع الشفاء ارتفع إلى 20 شهيدا ، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تحاصر مجمع الشفاء الطبي من جميع الجهات، ولا يمكن حصر أعداد الشهداء والجرحى منذ 3 أيام بسبب حصار مجمع الشفاء... ؛ وأوضح القدرة أن الساعات القادمة خطيرة للغاية على حياة 36 من الأطفال الخدج، كما لا يتوافر أي طعام في مجمع الشفاء الطبي لليوم الثالث على التوالي... ؛ ناهيكم عن تقلص مساحة قطاع غزة إلى 240 كيلومترا من إجمالي 360 كيلومترا قبل الحرب، بعد فصل الاحتلال منطقة شمال القطاع عن الجنوب، واجلاء مئات الالاف من الناس تجاه الجنوب ؛ بل ان اسرائيل طلبت من مصر ترحيل اهالي غزة الى سيناء ؛ وكما تشير الشهادات وأدلة مقاطع الفيديو إلى العديد من حوادث التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة المرتكبة على أيدي القوات الإسرائيلية ، بما في ذلك الضرب المبرح والإذلال المتعمد للفلسطينيين المحتجزين في ظروف بالغة القسوة ؛ وفرض تدابير جماعية قاسية عليهم مثل قطع الماء والكهرباء والوقود والغذاء وباقي مستلزمات الحياة ؛ والمعاملة القاسية واللاإنسانية للفلسطينيين ... الخ .
نعم لكل فعل ردة فعل ؛ الا ان ردة الفعل الإسرائيلية الوحشية والمبالغ فيها ؛ لا تتناسب مع الفعل الفلسطيني المشروع ؛ فمن العدل والمنطق ان تكون ردة الفعل مساوية للفعل بالقوة والنتيجة ؛ اذ من غير المعقول والمنطقي ان تكون ردة الفعل اقسى واقوى وافظع وافتك من الفعل نفسه بعشرات او مئات المرات ... ؛ فكلنا نعرف ان القوانين شرعت لكل جريمة عقوبة , ولكن بشرط ان تتناسب العقوبة مع الجريمة المرتكبة ؛ لذا يعد مبدأ تناسب العقوبة مع الجريمة من أهم المبادئ الجزائية، لضمان تحقيق العقوبة غايتها في الردع الخاص والعام، وفرض العدالة، وإصلاح وتأهيل المجرم... ؛ فمن الاجرام والظلم ان تحكم على طفل سرق قطعة من الخبز بالإعدام شنقا حتى الموت ؛ وكذلك من الارهاب والقسوة والوحشية والاجرام ان تعاقب شعب كامل بجريرة قيام هذا الفصيل المسلح او ذاك ببعض العمليات العسكرية هنا او هناك ... ؛ الامريكان والصهاينة ( وعلى كولت اهلنه : ال راد الله وال ما راد ) يريدون افتعال الازمات وخلق الحروب والمواجهات بشتى الطرق والحيل والاعذار ؛ يعني ( كما يقول المثل العراقي الشعبي : يا بالي بليتك ) فها هم يدعمون الكيان الصهيوني ؛ وينشؤون القواعد العسكرية في بلادنا ؛ ويطلبون منا عدم المقاومة , وفي حال تعرضت قواعدهم العسكرية للاعتداءات البسيطة من هذا الفصيل المسلح او تلك الجماعة ؛ فأنهم يهددون بالرد وعلى الطريقة الإسرائيلية التي نحرق الاخضر واليابس وتأخذ المواطن الاعزل بجريرة المقاوم المسلح وهكذا يخلط الصهاينة و الولايات الامريكية الاوراق ويعاقبون الشعوب والدول على طريقة العقاب القاسي الروماني الجماعي .
.....................................
- 1-الشرعية الدولية للمقاومة المسلحة الفلسطينية / ضحى وضاح الشافعي .
- 2-القتل الصهيوني المتعمد للأطفال: النظرية والتطبيق / ازدهار معتوق / بتصرف .