سرق النور من عينيها

اهلاً .. مازال وقتي المفضل للكتابة .. فجرٌ وقُمرة ..

قُرابة الساعة العاشرة مساءًا .. ذهبت لمكتبة لطباعة بعض الأوراق .. كان العامل سوداني .. خريج زراعة .. ومازال شاباً .. أي تقريبا بأوآخر العشرين من عمره .. بدأت باستخدام الحاسوب ودار بيننا النقاش التالي

- هذه اسئلة اختبارات ؟

صحيح .. الله المستعان

- ماهو تخصصك ؟

هندسة برمجيات ..

... واسهبنا بالحديث عن التخصصات وعن الجامعات هنا وفي السودان .. وصلنا لنقطة لم اتوقع والله قولها لي أساسا .. قال لي التالي

- ما وضع الفتيات هنا .. هل من المعتاد أن يتعلمن جامعياً ؟


طبعاً .. اغلبهن بالجامعات !

- صحيح ؟!!

اي والله ! ..

ومن ثم قال لي التالي :

- انا خاطب بنت عمي هناك بالسودان ، وانا أريدها أن تتعلم ..

قلت : جميل

- لكن المشكلة جدُّها .. لا يريدها أن تتعلم ..

كيف ؟!!

- اي والله ، جدها متشدد جداً .. قال الفتاة لن تذهب للجامعة .. حاولت معه .. حتى انني اكملت اوراقها والحقتها بالجامعة .. وكان اخيها يذهب بها ويعود بها من دون ان يعلم جدّها ، هو لا يسكن معهم ولكن كما تعرف بالسودان .. العوائل متقاربه جدا جدا .. علم بالأمر ومنعها من الذهاب .. حتى بلغ السيل الزبى .. فقلتُ له : سأتزوجها وستتعلم .. والشهادة سأرسلها لك ! .. وسأجعل منك حكايةً لولداني .. وأقول لهم كان جدّكم الجاهل يريد من حفيدته أن لا تتعلم .. والله سأخبرهم ! .. قال : إن كنت تقدر تعال وبرهن إن كنت تقدر !!

منذ متى والدها توفي ؟


- والدها لم يتوفى !! .. حيُّ يُرزق .. وهو موافق والجميع موافق إلا هذا العجوز الطاعن بالسبعين ..


إذا .. مالمشكلة .. الأهم ان والدها ليس عقبة في طريقك .. الجد ليس بمشكلة !!

- هو يهدد بقطع الرحم وأن يتبرى من ابنه .. عمي .. ومني انا حفيده .. وهذا الأمر لا يقدر عليه والدها .. فهو رجلٌ مسالمٌ جداً .. لا يريد أن هذه المشاكل والبلبلة .. والله يا طيب ( سماني بذلك ) أن الفتاة لا تأكل ولا تشرب .. بعدما أجلنا هذه السنة الجامعية .. اضطربت نفسيتها جدا .. لا اعلم ماذا افعل مع هذا الجاهل والله لا اعلم .. كل ما اعلمه انني سأجعلها تتعلم لأني اقسمت لها بذلك .. وخلال سنة سأتزوجها ..



واسهب بالحديث .. وتحدث وتحدث .. والله اني لا اعرفه ولم يسبق لي ان اتيته إلا مرة واحدة .. بدى مُتعبا من الأمر .. وقد نصحته بالتي هي أحسن .. ولكن أن تكسر طموح فتاة .. أن تجعل من همّتها بالحضيض .. أن تسرق الحياة من عينيها وعين خطيبها .. هذا الشايب خنيث بإجماع أهل العلم. والسلام