بداية أود أن انوه إلى أمر مهم وهو إني لست ضد تغيير قانون الإنتخابات أو تغيير مفوضية الإنتخابات, لكن ما أريد أن أصل إليه سوف أبينه في السطور اللاحقة إن شاء الله تعالى...
المطالبة بتغيير قانون الإنتخابات وكذلك إقالة أعضاء مفوضية الإنتخابات هو مطلب جماهيري عراقي, لكن هذا المطلب لماذا تصدر المشهد العراقي اليوم وفي هذا التوقيت بالذات ؟ لماذا لم يكن هذا مطلب الجماهير قبل تغيير موعد الإنتخابات؟ لماذا باتت المطالبة به ملحة الآن خصوصاً بعد إعلان موعد الإنتخابات المحلية في المحافظات , حيث كان من المفترض أن تكون الإنتخابات في شهر نسيان المقبل ومع قرب هذا الموعد لم نسمع أي صوت يطالب بتغيير قانون الإنتخابات أو بإقالة أعضاء مفوضية الإنتخابات, لكن هذا المطلب طغى على السطح بعد إعلان تأجيل الإنتخابات إلى أيلول المقبل, فما سبب ذلك ؟...
بطبيعة الحال الشعب العراقي أناس بسطاء وقد تنطلي عليهم حيل أهل السياسة والمكر والخديعة في العراق وما يؤيد ذلك هو تكرار إنتخاب نفس الوجوه منذ أكثر من ثلاثة عشرة عاماً, وبما إن الشارع بات ممتعضاً ورافضاً لكل المشتركين بالعملية السياسية سواء في البرلمان أو في الحكومة بسبب الفساد العلني الذي يمارسونه في سرقة أموال وخيرات وقوت الشعب العراقي, وهذا يعني سقوط مدوِ لكل الأحزاب والكتل في الإنتخابات القادمة سواء محلية أو برلمانية وهذا يستلزم من أهل السياسية أن يجدوا طريقة أخرى ليضمنوا عودتهم إلى مناصبهم فقانون الإنتخابات الحالي بات أمره مفضوح ومكشوف للجميع, لذلك فكروا بوضع قانون جديد يضمن لهم العودة مرة أخرى, فكيف يضعون قانون جديد إن لم تكن هناك مطالبة جماهيرية ؟ فأخذوا يروجون لهذا المطلب بطريقة أو بأخرى حتى أصبح مطلباً جماهيرياً أم المطالبة بتغيير أو إقالة أعضاء المفوضية فهذا المطلب هو من أجل أن يخرجوا مطلبهم الأساسي بشكل منمق وبصورة تنطلي على الجميع, أي هو مطلب غير أساسي وحتى وإن تم تنفيذه فهو لن يضر السياسيين أبداً لأنهم جميعاً لديهم ممثلين عنهم في المفوضية وإن تمت إقالتهم فسوف يتم إستبدالهم بآخرين موالين لتلك الأحزاب والكتل وعلى أساس المحاصصة الحزبية...
الأمر الذي لم يلتفت له المطالبون بتغيير قانون الإنتخابات وإقالة أعضاء المفوضية هو إن مطالبهم موجه للكتل والأحزاب وهذا يعني إنه لم ولن يتم تحقيق تلك المطالب إلا إذا كان فيها ما يناسب مصالحهم ويضمن وجودهم وبقوة في الدورات الإنتخابية القادمة – المحلية والبرلمانية – فكيف تطلب من شخص أن يلغي قانون يصب في مصلحته وتطالبه بوضع قانون آخر يضر بتلك المصلحة ؟ هل تتوقع منه أن ينفذ تلك المطالبة ؟...
لذا فإن كل الكتل والأحزاب التي تدعم هذا المطلب هذا يعني إنها تبحث عن سبيل جديد لوصولها إلى البرلمان ومجالس المحافظات بشكل أكبر وأقوى أما التي تعترض – وهي قليلة جداً - فإنها تعي حقيقة الأمر لذلك تبحث وتماطل حتى بدء الإنتخابات وبعد ذلك سوف تغير بما يصب في مصلحتها, أي إن هذا المطلب هو عبارة عن مسرحية سمجة يراد منها تحقيق مكاسب سياسية من جهة ومن جهة أخرى إشغال الشارع العراقي وإبعاده عن مطلبه الأساسي في طرد كل الفاسدين ومحاسبتهم, وقد تم استغلال الشارع العراقي أيما إستغلال لغرض تحقيق هذا المطلب السياسي المصلحي الضيق, فوضعوا موعداً جديداً للإنتخابات وأخذوا يروجون من خلال قنواتهم الخاصة بين أبناء الشعب للمطالبة بتغيير قانون الإنتخابات وتغيير أعضاء المفوضية حتى يضمنوا العودة من جديد...
والشعب إذا كان يريد فعلاً التغيير والإصلاح فعليه أن لا يطالب بأمور جزئية من نفس المنظومة الفاسدة التي تدير البلد بل عليه أن يزيح تلك المنظومة أولاً ومن ثم يضع البديل المناسب في المكان المناسب ويضع القوانين التي تخدمه, وهذا الأمر لا يتحقق إلا بالمطالبة بحل الحكومة والبرلمان والإتيان بحكومة خلاص جديدة لا تشمل أي ممن شارك بالعملية السياسية الحالية أو السابقة, كما جاء في مشروع خلاص للمرجع الديني السيد الصرخي الحسني والذي دعا فيه إلى :
{{... 3 ـ حلّ الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة خلاص مؤقتة تدير شؤون البلاد إلى أن تصل بالبلاد إلى التحرير التام وبرّ الأمان .
4ـ يشترط أن لا تضم الحكومة أيّاً من المتسلطين السابقين من أعضاء تنفيذييّن أو برلمانييّن فإنّهم إن كانوا منتفعين فاسدين فلا يصحّ تكليفهم وتسليم مصير العباد والبلاد بأيديهم وإن كانوا جهّالاً قاصرين فنشكرهم على جهودهم ومساعيهم ولا يصحّ تكليفهم لجهلهم وقصورهم، هذا لسدّ كل أبواب الحسد والصراع والنزاع والتدخّلات الخارجية والحرب والإقتتال .
5- يشترط في جميع أعضاء حكومة الخلاص المهنية المطلقة بعيداً عن الولاءات الخارجية، وخالية من التحزّب والطائفية، وغير مرتبطة ولا متعاونة ولا متعاطفة مع قوى تكفير وميليشيات وإرهاب .
6- لا يشترط أي عنوان طائفي أو قومي في أي عضو من أعضاء الحكومة من رئيسها إلى وزرائها ....}}.
وهذا الأمر يكون بدعم ورعاية دولية وعربية – أممية – بتحقيقه سيكتب للعراق وشعبه الخلاص من هذه الطغمة الفاسدة التي جعلت العراق وشعبه وثرواته عبارة عن سلة غذائية لها وللأحزاب التي تنتمي إليها والدول التي تدعمها.
بقلم :: احمد الملا