لم يكتف بعض الساسة وسماسرة الصفقات التجارية والمشاريع الوهمية بسرقة اموالنا ونهب خيراتنا , ولم يقتنع بعض المسؤولين بالرواتب المجزية والامتيازات الكثيرة والحصانة والحماية السياسية والقانونية ؛ ولم تشبع عوائلهم من السفرات والبعثات , و التعيين في السفارات والقنصليات , و لم يكتفوا بإجراء العمليات لذويهم  وارسال  عوائلهم  الى ارقى المستشفيات العالمية وعلى نفقة  الدولة بما ذلك عمليات ( الشفط )  والتجميل و( تضييق المهبل ) والبواسير ... الخ ؛ حتى صاروا يمولون حملاتهم الانتخابية واعلاناتهم الدعائية وبرامجهم الاعلامية بأموالنا والاموال المشبوهة والسحت الحرام  والمدفوعة من قبل القوى الدولية والاقليمية المعادية . 

كل يوم تتم قرصنة الاموال العراقية والثروات الوطنية ؛  تحت ذرائع شتى :  مرة مساعدات وتبرعات خارجية , ومرة  قروض و تسهيلات , ومرة استثمارات اجنبية وغير عراقية , ومرة  تكاليف الصراعات الوهمية والمعارك الجانبية بالنيابة عن هذا وذاك , ومرة سرقات وصفقات فساد ... ؛ ومرة عقوبات وتسديد ديون صدامية , واخيرها وليس اخرها  تمويل الانتخابات بطرق ملتوية ومقننة وخفية ... ؛  وهكذا دواليك .

ان هذه الاموال المنهوبة  , وهذا الاستنزاف المقصود لثروات العراق وخيرات واموال ابناء الامة العراقية ولاسيما ابناء الاغلبية الاصيلة  ؛ والذي يتخذ مبررات عدة وعناوين مختلفة دينية وسياسية وحزبية واجتماعية ... الخ , يعرض امننا ومستقبلنا واجيالنا للخطر , وكلنا رأينا وعايشنا ايام الحرب مع مجرمي التنظيمات الارهابية وفلول وشراذم داعش الطائفية وازلام ومرتزقة صدام والبعثية ؛ وكيف كانت الاحوال متدهورة والميزانية شبه فارغة واسعار النفط متدنية  حتى وصل الامر بالحكومة الى اعطاء الموظف راتبه ؛ في كل شهرين مرة واحدة  ... ؛ وقالوا في الامثال الشعبية – في ذم التبذير واستنزاف الاموال - : (( اخذ من التل يختل   )) فكثرة الاستنزاف والنهب وصرف الاموال في غير محلها , والاسراف والتبذير وعدم ترشيد الاستهلاك والاقتصاد ؛ يعرض الخزينة العراقية للإفلاس , و الثروات الوطنية  للنضوب  , واموال الشعب للضياع ؛ ويهدد مستقبل الاجيال العراقية . 

ومما جاء في الروايات الاسلامية ؛ انه يجب على العابد قبل ان يتعبد ؛ ان يعرف مصدر رغيف الخبز ؛ هل هو من حلال ام حرام ؛ وكذلك اقول :  يجب على الناخب ان يعرف من اين مصادر تمويل الحملات الانتخابية لهذا المرشح او ذاك ؛ فهل هي من الاموال العامة , ام من التجارة الممنوعة والمحرمة , ام الجهات الخارجية والمخابرات الدولية ... . 

 ومن العجيب ان يقوم بعض المرشحين بمحاربة عراقنا وامتنا واستغفال شعبنا واهلنا الاصلاء بأموالنا ؛ فكل مرة  يأتون ويعاودون الكرة , وترجع ( ريمه لعادتها القديمة ) ؛ اذ يقوموا بتمويل حملاتهم الانتخابية من خلال اموال المواطنين ( المكاريد ) والاموال الحكومية , والاموال المشبوهة الخارجية , وواردات الصفقات والمشاريع و (كومنشات) الفساد والاختلاس , بالإضافة الى اموال المخدرات والدعارة والتجارة بالممنوعات والمحرمات ... الخ ؛ وتكرر علينا (  نفس الأسطوانة المخرومة  )  ويتم تكرير وتدوير نفس الشعارات والعبارات والمشاريع والبرامج السمجة والمملة والتي تعرف كذبها من خلال تفاصيلها وادعاءاتها الخيالية .

 ان اغلب ما تراه وتشاهده من اعلانات وبرامج وحملات انتخابية والمنتشرة في الشوارع والاماكن والمدن والقرى النائية وبرامج الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي ... ؛ ممولة بأموالنا ... ؛ و ان هذه الاموال الطائلة والتي تصرف على شتى الانشطة والفعاليات السياسية والانتخابية والتي هي مأخوذة من الخزينة الوطنية والموازنات العراقية ؛  و من تعب وكد  البعض من ابناء الامة العراقية والاغلبية الاصيلة ؛ تعد استنزافا مستمرا وعملا مقصودا يهدف الى افلاس العراق والعراقيين  كما اسلفنا ؛ فأموال هذه الحملات والدعايات الانتخابية ؛ ابناء الامام الحسين ( المكاريد ) وابناء الامام الكاظم المساكين , وفقراء الامة والاغلبية العراقية ومدن وقرى ومناطق الوسط والجنوب العراقي المحروم ... ؛  أولى بها .

يبدو ان هذه الجهات والكتل والجماعات السياسية المنكوسة  ؛ كريمة بأموالنا ونفطنا وخيراتنا اذ تعلق الصرف بالأمور والقضايا الخارجية والدعايات الانتخابية ؛ واما اذا تعلق الامر بإنصاف الفقراء والمساكين او ايجاد فرص عمل للشباب والمواطنين البائسين ؛ فهم ابخل من البخل نفسه وافشل من الفشل عينه ... ؛ وفي احدى المرات وانا استمع لتبرير احدى نائبات البرلمان  وهي تعلل سبب تقديم الدعم المالي العراقي  لدولة جزر القمر؛ قائلة  : بان شعبها فقير ومسكين ويجب علينا مساعدتهم ...!! ؛ وكم وددت ان أسالها : ما دمت بهذا السخاء البرمكي , ولدينا حكومة كريمة ( ك كرم حاتم الطائي ) وبكل هذه الانسانية ... ؛ فلماذا لا تزيد حكومتنا من مفردات البطاقة التموينية او تعطي الشعب شيئا ولو بسيطا من واردات تصدير النفط , او تعالج الانقطاع المستمر للكهرباء او مشكلة الجفاف والماء , او تزوج الشباب الاعزب من الفقراء والمساكين , او تجد حلول لمشكلة البطالة , او تبني وحدات سكنية لأبناء الشعب من الذين لا يملكون أية امكانيات مادية ... الخ؛  انها مصيبة المصائب ان تكون غيورا على الغريب , وجلفا وبخيلا وانانيا وحقيرا عندما يصل الدور لبني جلدتك وابناء شعبك  ؛ وصدق اهلنا في الجنوب عندما قالوا في امثال هؤلاء الامعات : (( عايف امه وابوه ولاحك مرة ابوه ... ؛ شفجه على الغير غمه على اهلها ...  )) وهؤلاء المنكوسون يذكروننا بما كان يفعله المجرم صدام والبعثية السفلة عندما كانوا يتبرعوا بأموال العراق لكل من هب ودب ؛ الا انهم لا يفكرون ابدا بالكادح العراقي والمسكين الجنوبي و( المكرود الشيعي ) ؛ نعم هؤلاء يفكرون بمن ينسف امننا الاقتصادي وبمن يستهلك اموالنا وينهب خيراتنا ؛ لانهم مجرد بيادق في لعبة المستعمر البريطاني والامريكي وباقي القوى الدولية الحاقدة ... ؛ ولقد  تساءل المواطن  نعيم هاشم ؛ قائلا :  ” لو تمنحني الحكومة القليل من المال كقرض لأفتتح محلاً لبيع المواد الغذائية وأعيل أسرتي لتغيرت حياتي من السماء إلى الأرض  , ولكن قدرنا أن نسمع بأن لدينا خيرات  ؛ بينما تتوزع المكارم والإغاثات لبعض الشعوب الاجنبية وشعبنا منكوب وجائع ...!! ؛ انهم يظنون كما ظن البعثية والقومجية من قبلهم ؛ انهم لن يبقوا في الحكم طويلا ما لم ينهبوا خيراتنا ويكرموا غيرنا بأموالنا ويتنازلوا عن حقوقنا واراضينا ومياهنا وسماءنا لدول الجوار , ويحرموا ابناء شعبهم وبني قومهم ... ؛ ولو تأملوا قليلا في مصير من كان قبلهم , وبمقدار تضحيات الامة والاغلبية العراقية والتي لولاها لما استلموا الحكم في العراق , واصوات الفقراء والعراقيين الاصلاء التي وصلوا من خلالها الى كراسي الحكم والمسؤولية ؛ لغيروا فكرهم المنكوس واعادوا بوصلة تفكيرهم نحو الوطن والمواطن , واداروا ضهورهم للأجانب والغرباء والدخلاء وقوى الاستعمار والاستكبار , ولخلدهم التاريخ  , واحبهم الشعب . 

يجب علينا الإسراع في إيقاف هذا العبث  بمقدرات الوطن والاستهتار بمصير العراق والتمادي في اهمال شؤون المواطن ؛ وإعلان  مقاطعة الاحزاب والكيانات والشخصيات الطائفية والارهابية والفاسدة والعميلة والمرتبطة بالخارج ... ؛  حتى تستقيم الأوضاع، فكل يوم يمر يكبر الورم السرطان الذي نغذيه بأموالنا وجهدنا ولن نستطيع  علاجه فيما بعد ...؛ إنهم يقتلوننا بأموالنا...؛  أفلا نقاطعهم ..؟!

فالمفروض بالمرشح  والناخب المؤمن به ؛ ان يقوما بالدعاية الانتخابية من دون ارتباطات مشبوهة او حملات انتخابية  ممولة بالمال المشبوه والسحت الحرام ؛ بل رغبة منهما في القيام بواجبهما السياسي الهادف تجاه الوطن ... ؛ ولايمانهما التام بما يقومان به من انشطة وفعاليات حقيقية وصادقة .

أن الوضعية المزرية التي نعيشها اليوم ليست قدرا محتوما على العراق ، بل هي واقع فرضته هذه المنظومة الفاسدة  من الحكومات المتعاقبة , وقوى الاستعمار والاستكبار والاعداء على هذه الامة والاغلبية الكريمة ، ونحن من سيغير هذا الواقع بتضامننا والتفافنا حول الخيار الأفضل و المرشح الوطني الأمثل لمحافظاتنا المنكوبة والمغبونة .  

وقديما قيل : ((  لو خليت قلبت )) فالعراق لا يخلو من الشرفاء والاصلاء , وعليه انتخبوا اخوتكم من ابناء الوسط والجنوب واحرار الامة والاغلبية العراقية , و طالما اثبت هؤلاء الاصلاء انهم اهلا للمسؤولية الوطنية , و لولا مخافتي من الاتهام بالطائفية او الفئوية او الحزبية او الترويج الانتخابي لهذا او ذاك ؛ لذكرت بعض النماذج الجنوبية الاصيلة والشخصيات الوطنية النزيهة من الذين طالبوا بحماية الحدود العراقية من الاطماع الكويتية , و زيادة مفردات البطاقة التموينية , وانصاف شرائح الشهداء والسجناء والمعتقلين , وشمول العوائل العراقية الفقيرة برواتب الرعاية الاجتماعية , وزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين , ومتابعة الفاسدين واسترجاع الاموال المسروقة ... الخ .