عندما أموت ، ثم بعدها بسنين يموت كل من كان يعرفني على هذه الأرض سيختفي اسمي ولا يعود لي في ذاكرة أي أحد نصيب عندها سأصبح وكأني لم أعش على هذه الأرض قط "
هذا النص مقتبس من فلم شاهدته بالصدفة كان يعرض على إحدى القنوات ، كان حواراً لبطل الفلم مع نفسه والذي كان يعيش آخر سنوات عمره استمر حواره لخمسة دقائق وربما أقل بعدها انتهى الفلم وتركني مذهولة مما شاهدت ،جلست برهة من الزمن أقلب هذه الكلمات في رأسي وصعقت من كمية الخوف التي اجتاحتني بعدها ولأول مرة في حياتي افكر بالموت وجدوى حياتي بهذه الطريقة المرعبة "وكأني لم أعش على هذه الأرض قط " تخيلوا معي فقط كل هذه السنين التي نعيشها الآن يوماً ما لن تصبح ذا قيمة ولن تغير شيء للأجيال القادمة ، ماجدوى كفاحي وتعبي واستيقاظي صباحاً كل يوم ، ما جدوى حزني وأي جهد أبذله إذا كان وجودي هنا مجرد عبور لمرحلة أخرى دون إحداث أي أثر يذكر ، أسرتني هذه الفكرة المخيفة لعدة أيام بعدها ، ولا أبالغ إن قلت لكم أن هذه العبارة أصبحت نقطة تحول في حياتي ، لم تعد اهتماماتي ولا أهدافي وأحلامي ولا نواياي وطريقة تفكيري عن نفسي والحياة ومن حولي كالسابق ، أرعبتني الفكرة وأصبحت كالهاجس لدي ، ما الذي سأفعله بحياتي ليجعل أحدهم يشكر الله على وجودي ذات يوم ، توماس أديسون اخترع الكهرباء وإلى يومنا هذا وبعد مئات السنين ونحن نشكر الله على أن أحيا أديسون على هذه الأرض ، ابن سينا العالم العربي الذي مات قبل مئات السنين درس الطب واستفاد من اكتشافاته الكثير من المرضى ولازالت كتبه تدرس في جامعات الغرب إلى يومنا هذا ، معلمة أمريكية تخرج على يدها أكثر من 20 طالب وطالبة من طبقات مختلفة وأعراق مختلفة ينبذون التعصب في عز أزمة التعصب التي اجتاحت أمريكا في القرن الماضي ، هنا يكمن الفرق أن تكون عالة على هذه الأرض تأخذ منها أكثر مما تمنحها فترتاح منك عند رحيلك ، أو أن تجعل هذه الأرض مكاناً أفضل لمن يأتي بعدك ، هما خياران لاثالث لهما ، أذكر أني قرأت عبارة لأحدهم ذات يوم أبت إلا أن تنطبع في ذاكرتي تقول "ستحيا حياة واحدة فأحدث بعض الضجيج قبل أن ترحل ،ضع بصمتك على جبين هذا الكوكب " قد تكون المسألة بصعوبة تأسيس شركة أبل أو اختراع دواء لشلل الأطفال ، وقد تكون بسهولة أن تكفي أسرة محتاجة حاجة السؤال أو أن تربي طفلاً على أكمل وجه ليؤثر في هذا العالم يوماً ما ، وأضعف الإيمان أن تكون إنسان بمعنى الكلمة وتكف شرك عن إيذاء هذه الأرض وجعلها مكاناً أسوأ لمن سيأتي من بعدك .
في النهاية أرجو منك أن تتأمل العبارة التي استفتحت بها مقالتي ، ثم اسأل نفسك بصدق :
مالذي فعلته لتجعل الحياة مكان أفضل لأي أحد ؟