الوصول لمرحلة السلام النفسي والتصالح مع الذات بالرغم من كل ما يحيط بنا من مشاكل واضطرابات بكافة اشكالها وصورها أصبح واحد من أصعب الأهداف التي نسعى اليها في هذه الفترة والذي يتطلب جهدا عظيما بالرغم من بساطة المطلوب فهو مجرد شعور لا يحتاج الى أموال طائلة او مجهود بدني هائل ...!
السعادة شعور بالارتياح ولها اشكال كثيرة وصور مختلفة ف مصادر السعادة متنوعة على سبيل المثال كم من الأشخاص من يجدون في فوز فريقهم المفضل بالكأس الدنيا وما عليها بل وينتشرون في الشوارع والميادين كأمواج البحر احتفالا وابتهاجا بما حققه فريقهم من انجاز عظيم.
لكن سرعان ما يختفي هذا الشعور الجميل والإحساس بالارتياح بمجرد دخول الفريق في مرحلة جديدة والمنافسة على بطولة أخرى فيتبدل هذا الشعور ويصبح حالة من القلق الذي يسيطر على الأجواء.
فالسعادة شعور لحظي لا يدوم فهي كالحلم الجميل في ليلة شتوية هادئة سمائها صافية يظهر فيها القمر بكامل استدارته كأنه مصباح ينير الكون ويملأ القلوب دفئ ليغطي على برودة الأجساد.
لكن سرعان ما تنقلب الأمور رأسا على عقب فتمتلأ السماء غيوما وتتشابك السحب لتعكر صفو القمر فيقرر الاختفاء بعيدا عن الأنظار فينتهي الحلم الجميل ونعود للواقع الممل والحياة الرتيبة البالية
على الرغم من الإحساس المؤقت بالسعادة والارتياح والهدوء النفسي فيقتحم الشعور بالقلق القلوب كما تقتحم قوات مكافحة المخدرات اوكار الكيف وقعدات المزاج...!
ليعكر صفو القلوب ويملأ الأمواج الهادئة الجميلة داخل النفوس بالأعاصير والاهتزازات العنيفة القاسية.
الإحساس بالسعادة دائمآ ما يصاحبه القلق فهما وجهان لعملة واحدة فأينما وجدت السعادة نجد القلق متربصآ بها في انتظار اللحظة المناسبة للانقضاض عليها كما ينقض الأسد على الغزالة الهائمة التائهة في طبيعة الكون الخلابة.
هل سبب القلق هو التفكير في كيفية الحفاظ على استمرارية الإحساس بالسلام النفسي و محاولة التشبث بلحظات اشباع القلب بما يحتاجه من طمأنينة
يمكن القول ان هناك علاقة طردية بين درجة السعادة و القلق أي انه كلما زادت درجة السعادة كلما ارتفع معدل القلق على فقدان المصدر الذي يتسبب في الشعور ذاته لكن هل هناك احتمال ان القلق يتولد مجرد مرور بعض الوقت على الحدث المتسبب في السعادة و اليقين بتأكد رحيل تلك اللحظات لا محالة و التفكير في ضرورة إيجاد وسائل أخرى و بدء رحلة اخرى في سبيل الوصول للنشوة القلبية و الراحة النفسية من جديد...!
البعض يرى ان الاستمتاع بالجهد المبذول في رحلة الوصول الى السعادة هو في حد ذاته سعادة...! فالأشياء التي تأتي دون مجهود لا يصاحبها شغف بقدر الأشياء التي نصل اليها بعد عناء ومشقّة.
في نهاية المطاف اذا كنت ترى ان السعادة شعور لحظي فعليك الاستمتاع الى اقصى درجة , فلتسعد حقا , وفي وقت النشوة لا تسمح لأي شعور اخر ان يعكر صفو ذهنك او ينقض على مزاجك , فلتفرح كما لم تفرح من قبل , كأنك لم ترى النور منذ فترة بعيدة وفجأة تتفتح عيناك كما تتفتح الزهور في أوقات الربيع و ليحلق قلبك في السماء كما تحلق اسراب الطيور المهاجرة في موسم الهجرة السنوي , فبعد ان تنتهي لحظات السعادة والتي لابد ان تنتهي مهما طال اجلها علينا ان نستعد لبدء رحلة جديدة و مغامرة أخرى في سبيل الوصول الى تلك اللحظات التي تنعش قلوبنا من جديد ونستمتع باللحظات التي نبذلها للوصول للهدف المنشود نحاول ان ندرك ان السعادة تبدء من اول خطوة في طريق الوصول الى لحظة الإحساس بالسعادة..!