في البدء لم يكن التمريض شيئاً يذكر لدي ، كانت ماهيته مفقوده تمام ، لم اكن اعرف الا انه عمل ما يتألم معه كل مريض ويُكن له الدواء داخل تلك الابره المؤلمه . لم يكن الا شبحا يخاف ذكره عند الاطفال ويبدو الى الشر اقرب من البياض ، تأخذني الذاكره الى احد اقربائي اللذي امتهن التمريض وظيفتاً يأوي بها الى ذاك المرتب التعيس ، اخذني بكلماته البسيطه حول ان المهنه لا تعدو بان تكون الا مساعدا لذاك الطبيب الحاذق اللذي خرق الارض والجبال علما وتصرفا ورؤية ، يتمتم بكلمات لا تبدو لي وصفا اكثر من ان تكون الما ووجعا يدمي بها قلب التمريض الجميل . لم افهم منه الا بان هناك اشخاص حملوا المهنه سلبا وضربا بالتعالي والتجاهل في عاتقه الدامي ، ايقنت حينها بان البدء اكثر صعوبه والخوض بداخله كالغرق في بحر الظلمات ولا يوجد من ينقذ او من يهم بذلك . كان هذا في عام ١٤٢٥ هـ . لم اكمل العام الا وانا اجد نفسي مجبرا داخل ذاك الفصل المتهالك بين ارواحِ تئن الما وحزنا على واقع لن يغير بافكار من يدورنه او من يؤول بهم المقام فيعدلونه . الجميع حينها كان يبحث عن اللقمه ولا اكثر . يعتقدون بانه الطريق البسيط الجميل نحو مرتب يغص به حسابك كل ما ال الشهر ان يمضي بين اوراق التقويم العتيق . لم نكون حينها نوجه نحو المستقبل او نجهز للرفعة هذا المقام ، لم نكون نغذى ذهنياً او حتى ان نوقد بنار المعرفة تجاه تلك الرسالة الجميلة . كنا نعبأ وقتها بكل ماليس له فائده او حتي من ماهو اكثر للعبء من العلم . المحاضرات تقاد بمزاجية والمعلمين اكثر للهمجيه والرؤية تكاد تكون عمياء ولم يكن هناك من ناقد فيصيح بيننا وعظاً او عالماً فيضيق بنا ذرعاً . كانوا يبحثون عن الخروج من فوهة الزجاجه المختنقه . او القفز من مخارج الطواري المؤصده . كنت باحث عن ذاتي انظر نحو الجميع اسمع لكل الكلمات احسست بعظيم الامر وبضياعي وقتها . اكره العشوائية واخشى النظام . انتظر كل يوم على علو امل يشرق من حيث لا تشرق الشمس او ياتي عكساً للتيار ان كان حينها تياراً يعكس . انتهت السنه بكل غصاتها واقفلت الامتحانات اوراقها . استلمت النتيجة بكل حنقاتها بدوائر حمراء تضرب في قلبي كالصاعقه . رسوب اقرب للهلاك في بداية الرحله . احسست حينها بان نهايتي كتبت على يدي باكراً حيث لم اكن حينها اقوي علي حمل نفسي على تلك العكازات الواهنه . لم اكن بذاك الطالب المشاغب او المتكاسل او الضيق الرؤى او بدون هويه . طوال دراستي الابتداية والمتوسطه الثانويه كنت اتآرجح بين الاول والعاشر في سلم التفوق بكل اقتدار . لكن هذا الرسوب اعاد بي الزمن الى الهاويه اللتي كنت اغوص فيها كل مره في تلك الفصول الكئيبه . قررت حينها بان الخروج من الباب الخلفي المخزي هو الحل فالهروب من التمريض حينها هو النجاح وقتها ، لم تكن الصدمه بالامر اللذي تعودت عليه او اقدر ان اجابهه او ان اتجلى وقتها بالهمه والمقدره فاقضي عليه . حينها تجلت حكمة احدهم وعصارة السنين تكمن في تجعدات وجهه وبياض شعر رآسه . اخذني بالمنطق وعزف علي وتر التحدي مع النفس وحب النجاح المكمون بداخل كل شخص . تحداني مع نفسي ثم مع نفسه بان امضي في الطريق الى القمه ولا التفت الى لتلك الحظه المؤلمه في حياتي .بدات الصفحه من المنتصف اخذتها بكل بياضها واقسمت بعد توفيق الله ان اضع في قلبي بصمة التفوق والنجاح  تلون تلك السابقه بكل الوان الجمال . .


عبدالمجيد العتيبي