الاوطان تتقدم وتزدهر بالحكمة والتنمية والمعرفة والعلم والثقافة ؛ والسياسات الداخلية الناجحة والعادلة ؛ والخارجية المتزنة ؛ وتصاب بالخراب والدمار والهلاك والانحطاط بالحروب والمعارك والاضطرابات والانقلابات ؛ لان الحروب تلتهم ابناء الوطن وتدمر دورهم وتقطع سبل عيشهم وتكدر حياتهم ... ؛ لذا قال خوسيه مارتي : ((مجرم من يخوض حرباً يمكن تفاديها ... )) نعم مجرم من يدفع بالشباب الى محارق المعارك ونيران الحروب المستعرة والاضطرابات الخطرة والفظائع الجماعية ... ؛ تحقيقا لرغباته المريضة واراءه المنكوسة ؛ وتنفيذا لمخططات الاعداء ؛ وهو يختفي في الجحور كالقوارض ؛ بل ويستفاد من مصائب و ويلات الحروب ويحول الام الشباب وبكاء الايتام والارامل الى مكاسب وامتيازات ... ؛ نعم انهم امراء الحروب وتجار المعارك والمهالك ومصاصي الدماء ... ؛ هذه حقيقتهم وهذا ديدنهم فلا يغرنك ادعاءهم وكذبهم ونفاقهم ...!! .
لذا تعتبر الدبلوماسية الوقائية ونزع فتيل الازمات والاضطرابات العسكرية والصراعات السياسية من اوليات عمل الساسة الوطنيين والقادة الناجحين ؛ فهم يعملون جهد الامكان لمنع وقوع الحروب والمعارك و تصاعد المنازعات والخصومات السياسية , والحد من انتشار الخراب والدمار وتداعيات الحروب الكارثية والمناكفات السياسية .
ان الصراعات العراقية الداخلية و بعض الفصائل والاحزاب والتيارات السياسية ؛ تهدد سيادة وامن العراق والاغلبية والامة العراقية ؛ لأنها صراعات جوهرية وذات جذور عميقة ومرتبطة بالأجندات الخارجية والمنكوسة , ولا تتماهى مع القيم الوطنية والديمقراطية , ولا تعبر عن الاختلافات السياسية السلمية والطبيعية ؛ وهؤلاء ينطبق عليهم المثل الشعبي العراقي : (( واحد يجر عرض وواحد يجر طول ؛ او المثل الاخر : واحد يرفع و واحد يكبس )) فما هم الا عملاء ومدراء ازمات يمثلون بيادق لعبة الاضداد النوعية لتدمير الاغلبية والامة العراقية .
فهؤلاء يريدون تمزيق مجتمعنا ؛ من خلال افتعال الازمات والاضطرابات , واختلاق الاباطيل والمسرحيات , وزج العراق والعراقيين في اتون الصراعات السياسية والعسكرية ؛ على الرغم من تواضع الامكانات العسكرية الحالية والتي لا تقارن بإمكانيات اضعف الدول المجاورة ؛ فضلا عن القوى الدولية الكبرى ... ؛ وطالما اعلن الحكام الاغبياء و العملاء اندلاع الحروب ليذهب ضحيتها فيما بعد الاصلاء والفقراء من ابناء الوطن ...!
فها هي الاصوات النشاز تنطلق من هنا وهناك , والدعوات الهلامية والشعارات الطوباوية تنتشر في الاوساط , والتأجيج الاعلامي يعمل ليل نهار ؛ لغايات مشبوهة وقرارات متناقضة ومتهافتة ؛ تهدف الى خلط الاوراق , وربط الواقع الداخلي العراقي بالأحداث والتطورات الاقليمية والدولية الخارجية ؛ وصولا الى ارباك الاوضاع الداخلية والانقلابات السياسية وتدمير ونهب الثروات والخيرات الوطنية وتخريب المشاريع والبنى التحتية وقتل وابادة الموارد البشرية العراقية ... .
تجار الدماء والعملاء لا هم لهم سوى اشعال النيران في بلاد الرافدين , واذكاء الفتن والاضطرابات التي تحرق الاخضر واليابس ولا تبقي ولا تذر ... ؛ والتضحية بابناء الاغلبية العراقية الاصلاء ؛ للاستفادة من مخرجات دماءهم الزكية فيما بعد , والحصول على الثروات والمناصب والامتيازات ؛ اذ اصبحت الاغلبية مطية يمتطي عليها الافاكون والمنكوسون والكذبة ومراهقي السياسية وادعياء الزعامة .
وعليه لابد لاحرار وشرفاء وغيارى الاغلبية والامة العراقية ؛ من توعية الجماهير العراقية , وتحذير النخب الوطنية والسياسية من مغبة القرارات الخاطئة والاجراءات المتهورة والمخططات الخبيثة ... ؛ ونزع فتيل الازمات والخصومات والنزاعات الداخلية واخماد نيران التحديات الخارجية ... ؛ لان الايام حبلى , والشر يلوح في الافق , وكأن الحرب تدق طبولها , أو ان رياح الاضطرابات والانقلابات بحجة التغيير والاصلاح والمظاهرات على الابواب , تتحين الفرص للانقضاض على ما تبقى من هيكل الدولة المتهرئة وجسد الحكومة المثخن بالجراح .
يبدو ان المسرحيات تكرر , والتاريخ يستنسخ نفسه , ويعيد نكساته و(هوساته) واضطراباته ... ؛ ولكن لا احد يتعظ او يعتبر او يراجع حساباته المنكوسة ؛ وصدق الامام علي عندما قال بأمثال هؤلاء : ((واعلموا أنه من لم يعن على نفسه حتى يكون له منها واعظ وزاجر، لم يكن له من غيرها لا زاجر ولا واعظ ... ؛ وقال : الجاهل لا يرتدع، وبالمواعظ لا ينتفع )) .
ان الوعظ والنصح لا يحرك عقول الساسة واشباه الرجال والقادة ؛ فهم لا يقرأون ولا يسمعون ولا يعتبرون ... ؛ حمقى قصرت نظراتهم , وتشظت غاياتهم , واختلفت اهواءهم , وطأطأت هاماتهم ؛ وبات افقهم أضيق من فتحة الابرة , لذا تراهم يصبون الزيت على النار دائما ؛ ويحسبون انهم يحسنون صنعا ؛ ويعتقدون ان الوطن لابد ان يحكم بزناد البارود وسوط الازمات واعلام الامعات ... ؛ وعليه اضحت صراعاتهم طبيعية وخصوماتهم وعمالتهم اعتيادية , ولا زالوا يتناحرون ويتخاصمون ... ؛ ويستقوي هذا على ذاك من خلال الارتباط بالقوى الدولية والاقليمية والمخابرات الخارجية ... ؛ ولا يعي هؤلاء ان الكل خسران في المعارك الداخلية والاضطرابات والانقلابات الوطنية , والمنتصر الوحيد في هذه المسرحيات المكشوفة الموت والخراب والهلاك ... ؛ اذ يصبح الجميع وبلا استثناء تحت رحمة الدمار الشامل .
ولكن لازال هناك أمل بالله والشرفاء والحكماء والعقلاء والخبراء ؛ في ان يجنبوا الوطن الغالي والعراقي الكريم ويلات الحروب ونار الفتن وعمالة الاعداء وخباثة الساسة وتجار الموت ؛ وإن ينزعوا فتيل الازمات والاضطرابات ويحبطوا الدسائس والمؤامرات ؛ ويبقى العراق سليما معافى.