كانت مملكة بيزنطة بشكل رئيسي من مدينة القسطنطينية ومن إقليم أرمينيا ومن مناطق وحصون أخرى داخل أوروبا وقد صمدت زمنا طويلا في وجه الفتح الإسلامي ..
وخاضت حروب صليبية ضد المسلمين لكن الله هيأ للمسلمين قائدا صادق الإيمان تمكن من توحيد الإمارات الإسلامية التي حول دولة بيزنطة واحتل معظم أرمينيا وأصبح كالشوكة في حلق الدولة البيزنطية ..
كان ذلك القائد هو البطل المسلم (ألب أرسلان) ..
في النصف الأول من القرن الخامس الهجري نجح السلاجقة في إقامة دولة قوية في خرسان وبلاد ما وراء النهر وأعلنوا تبعيتهم للخلافة العباسية ثم لم تلبث هذه الدولة أن اتسعت بسرعة هائلة حتى امتد نفوذها إلى (إيران والعراق) ..
وتوج (طغرل بيك) إنجازاته العسكرية بدخول بغداد فبدأ عصر جديد للدولة العباسية أطلق عليه المؤرخون عصر نفوذ السلاجقة حيث كانت السلطة الفعلية في أيديهم ..
يعد (طغرل بيك) من كبار رجال التاريخ والمؤسس الحقيقي لدولة السلاجقة حيث نشأت ومدت سلطانها على يديه، وغدت أكبر قوى عظمى في العالم الإسلامي ..
وبعد وفاة السلطان (طغرل) خلفه ابن أخيه السلطان محمد الملقب (بألب أرسلان) وتعني الأسد الشجاع وعادت الدولة العباسية بقوتها مرة أخرى ..
كان (ألب أرسلان) قائدا ماهرا وقد اتخذ سياسة خاصة تعتمد على تثبيت أركان حكمه في البلاد الخاضعة ..
وعمل (ألب أرسلان) على المحافظة على ممتلكات دولته وتوسيع حدوده ودانت له الأقاليم بالطاعة والولاء وتصاعد نفوذه حتى أصبحت دولته أكبر قوى في العالم الإسلامي مما شجعه على التفكير في تأمين حدود دولته من غارات الروم ..
وأخذ يخطط في فتح البلاد المسيحية المجاورة لدولته،، وإسقاط #الخلافة_الفاطمية_الشيعية في مصــر،، وتوحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العباسية السنية ونفوذ السلاجقة ..
فأعد جيشا كبيرا اتجه به نحو بلاد الأرمن وجورجيا ففتحها وضمها إلى مملكته،، كما عمل على نشر الإسلام في تلك المناطق وأغار على شمال الشام وحاصر الدولة المرداسية في حلب التي أسسها (صالح بن مرداس الشيعي) ..
وانتزع الرملة وبيت المقدس من يد الفاطمين ..
أغضبت فتوحات (ألب أرسلان) أرمانوس امبراطور الروم فصمم على القيام بحركة مضادة للدفاع عن إمبراطوريته ودخلت قواته في مناوشات ومعارك عديدة مع قوات السلاجقة أهمها معركة (ملاذكرد) عام 463 ه..
وهذه المعركة من أيام المسلمين الخالدة مثلها مثل اليرموك وحطين وعين جالوت والزلاقة وغيرها من المعارك الكبرى التي غيرت وجه التاريخ ..
وكان انتصار المسلمين في ملاذكرد نقطة فاصلة، حيث قضت على سيطرة الروم على أكثر مناطق آسيا الصغرى وأضعفت قوتها ولم تعد كما كانت من قبل شوكة في حلق المسلمين ..
وقتل المسلمون من الروم في المعركة عدد ضخم وأسر ملكهم أرمانوس الذي أطلق (ألب أرسلان) سراحه بفدية ضخمة مليون وخمسمائة ألف دينار وأن يطلق أسرى المسلمين ..
انتصار (ألب أرسلان) بجيشه كان حدثا كبيرا ونقطة تحول في التاريخ الإسلامي لأنها سهلت إضعاف نفوذ الروم في معظم أقاليم آسيا الصغرى وهي المناطق المهمة التي كانت ركائز الإمبراطورية البيزنطية ..
وهذا ساعد على القضاء على الدولة البيزنطية على يد العثمانيين حتى سقطت في النهاية على يد السلطان العثماني (محمد الفاتح) ..
كما أن انتصار المسلمين في هذه المعركة لم يكن انتصار عسكري فقط بل كان دعويا،، إذ انتشر الاسلام في آسيا الصغرى وضمت مساحة تزيد على 400 ألف كم مربع إلى ديار المسلمين ..
ذكر ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ شيئا من أخلاق السلطان (ألب أرسلان) قائلا أنه:
[[كان عادلا يسير في الناس سيرة حسنة، كريما رحيم القلب، شغوفا على الرعية رفيقا بالفقراء، بارا بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام ما أنعم الله عليه، وكان يكثر الصدقة حريصا على إقامة العدل في رعاياه وحفظ أموالهم وأعراضهم]]
إلى أن توفاه الله فقد قتل طعنا بالسكين بعد عام من معركة (ملاذكرد) على يد أحد الثائرين وهو في 44 من عمره عام 465 ه ..
- دُعــاء.