انه من المحزن حقا أن يختزل كل هذا التاريخ لسلطان عظيم في كونه عاشق للنساء ولا هم له سوى ما يجري في القصر من مؤامرات نسائية كما ظهر في المسلسل الشرير [حريم السلطان] ..

السلطان سليمان أحد أعظم الشخصيات التي حكمت العالم الإسلامي فقد كان اسمه يهز عروش ملوك أوروبا وقد أطلق عليه الأوروبيون [السلطان الفخم والسلطان العظيم] ..
فهو من قام بتوسيع حدود الدولة العثمانية إلى أبعد مدى لها  ..

حكم الدولة العثمانية لمدة 45 عام ليكون بذلك أطول فترة حكم في تاريخ الدولة العثمانية.
قام بوضع أول دستور للدولة وطور البحرية العثمانية وأرسى قواعد الجيش العثماني الحديث.
وكان في ذات الوقت شاعرا وخطاطا كما كان له دور كبير في تطوير العمارة في الدولة العثمانية ..

هو سليمان بن سليم بن بايازيد الثاني ابن محمد الفاتح ولد سنة 900 هجريا رباه والده منذ صغره على القوة وحب الجهاد ..
 ثم تولى الحكم عام 926 وهو مازال شاب وعمل السلطان سليمان على تعديلات إدارية في إدارة الدولة وشؤون أفرادها من مختلف الديانات والأعراق فوضع قانون الدولة العثمانية المسمى [قانون سليمان ناما] أي قانون السلطان سليمان .. 

ومن هنا جاء تسمية السلطان الأول بالقانوني، #ليس لأنه من وضع القوانين بل لتطبيقه لتلك القوانين بكل صرامة بلا تفرقة بين كبير وصغير ولا بين عامة وخاصة ..
استطاع السلطان سليمان أن يوسع رقعة الدولة الإسلامية في 3 قارات فقد كان في حالة جاهزة دائما {حتى قيل عنه أنه لا ينزل على فرسه إلا ليركب فرسا آخر} ..

ويذكر المؤرخون أن عدد ما افتتحه السلطان سليمان القانوني في حياته من الحصون والقلاع والمدن ما يقارب 360 حصنا ومدينة .. 
عندما جلس السلطان سليمان على كرسي الخلافة كان أول ما فعله هو إرسال رسالة إلى ملوك أوروبا يعلمهم بتوليه الخلافة ويأمرهم بدفع الجزية المقررة عليهم كما كانوا يفعلون ف عهد أبيه السلطان سليم الأول ..

فما كان من ملك المجر إلا أن قتل رسول السلطان سليمان بعد أن ظن فيه الضعف لحداثة سنه، فأستشاط السلطان غضبا وما أصبح الصباح إلا وقد أعد السلطان جيشا جرارا مدعوما بالسفن الحربية وكان السلطان بنفسه على رأس هذا الجيش ..

وكان قاصدا مدينة بلجراد المنيعة والتي تعد بوابة أوروبا الوسطى وحصن الصليبية كما كانوا يطلقون عليها،، وهي المدينة التي لم يستطع فتحها [محمد الفاتح (فاتح القسطنطينية)] بل أصيب إصابات خطيرة أثناء حصارها ..
ولما انصرف عنها قال [[عسي أن يخرج الله من أحفادي من يفتح تلك المدينة على يديه]] ..

وبالفعل يبدأ السلطان سليمان في حصار بلجراد وبعد شهرين ونصف من الحصار تسقط بلجراد في 927 ..
إحدي أقوى المدن الأوروبية بعد عام واحد من توليه الخلافة ...  ونزل خبر سقوط بلجراد على ملوك اوروبا كالصاعقة وعلموا وقتها أنهم أمام سلطان من طراز فريد ..

واهتم المسلمون بالأوجه الحضارية في بلجراد حتى سماها المؤرخون (أندلس البلقان) ..
 وفي أسيا قام السلطان بثلاث حملات كبرى ضد الدولة الصفوية الشيعية والتي نجحت في ضم العراق إلى سيطرة الدولة العثمانية .. 

كما هاجم سواحل إسبانيا والسفن الصليبية في البحر المتوسط وقام بإنقاذ آلاف المسلمين في إسبانيا وقت سقوط الأندلس [[وقام ب 7 رحلات إلى السواحل الإسبانية لنقل 70 ألف مسلم من قبضة الحكومة الأسبانية]] ..
حاولت إسبانيا أن تقضي على أسطوله لكنها تخفق في كل مرة وتتكبد بخسائر فادحة ..

كان السلطان شاعرا له ذوق فني رفيع وملما بعدد من اللغات الشرقية من بينها العربية وكان له بصر بالأحجار الكريمة ومغرما بالبناء والتشييد فظهر أثر ذلك في دولته فأنفق بسخاء على المنشأت الكبرى ..
فشيد المعاقل والحصون وأنشأ المساجد والقناطر في شتى أنحاء الدولة وبخاصة في مكة وبغداد ودمشق غير ما أنشأه في عاصمته من روائع العمارة ..

فكان عصره هو العصر الذهبي للدولة العثمانية حيث كانت الدولة الأقوى في العالم والمسيطرة على البحر المتوسط والأحمر ..

لم يترك السلطان الجهاد قط وفي أواخر أيامه أصابه مرض النقرس فكان لا يستطيع ركوب الخيل ولكن كان يتحامل على نفسه إظهارا للقوة أمام أعدائه ..
وقد بلغ من العمر 74 عام ومع ذلك حينما علم أن (ملك الهايسبرغ) غار على ثغر من ثغور المسلمين قام السلطان للجهاد من فوره ومع أنه كان يتألم من شدة المرض قاد الجيش بنفسه ..

وخرج على رأس الجيش وكان قبل خروجه للجهاد نصحه الطبيب بعدم الخروج لعله النقرس التي به فكان جواب السلطان الذي خلده له التاريخ [[أحب أن اموت غازيا في سبيل الله]] ..
وهي الأمنية التي نالها بالفعل السلطان المجاهد فمات أثناء حصار المدينة في عام 974 بعد أن جاهد في سبيل الله لمدة 46 عام بسط فيها سيطرة الخلافة العثمانية على كثير من دول العالم ..

وصارت الدولة العثمانية سيدة العالم وارتقت فيها النظم والقوانين التي تسير الحياة في دقة وانتظام وارتقت فيها الفنون والأدب وازدهرت فيها العمارة والبناء ..

وقد أجمع المؤرخون على أن السلطان سليمان أعظم السلاطين في التاريخ الإنساني فقد حكم العديد من عواصم البلاد ذات الطبيعة المختلفة والجذور التاريخية العميقة [كالقاهرة وبغداد وبلجراد واسطنبول ودمشق والقدس] ..

- دُعــاء 🏇