لا يمكن حصر ظاهرة التضييق ومحاربة الكتب في بوتقة معينة لها علاقة بثقافة وسلوك ونمط حياة أمة أو شعب دون غيره من التجمعات البشرية ، وذلك لأن سياسة الإقصاء وإخماد وهج الكلمة وإعدام الفكرة تعتبر بمثابة قانون سير لدى أغلب صناع القرار قديما وحديثا .
فهذا الغرب ـ بقده وقديده ـ سقط هو الآخر في مستنقع محاربة الفكر بالتضييق والتشهير بالكتّاب عن طريق إعداد قوائم طويلة بالكتب والمنشورات الممنوعة ، بعد أن عمل على سن قوانين وتشريعات تخدم مصالح الجهة المتضررة من اطلاع وقراءة عموم الناس لتلك المؤلفات التي أحاطت من جهتها بشتى مجالات المعرفة والفنون .
ولعبت الكنيسة دورا محوريا ـ باعتبارها الواجهة الروحية للكاثوليك واليد اليمنى لبطش ملوك وأمراء الإقطاع ـ في تنظيم الساحة الفكرية في أوروبا من خلال إشرافها المباشر على مراجعة الكتب وإعطاء صكوك حسن السلوك للمبدعين الملتزمين بالضوابط التي تتماشى مع توجهات دفتي الحكم السياسية والدينية .
دليل الكتب المحرمة
يرجع الفضل في إصدار دليل الكتب المحرمة (Index librorum prohibitorum) لبابا الفاتيكان بولس الرابع في عام 1559 م ، وذلك بتوصية من جهاز محاكم التفتيش ـ تأسست في القرن 12 ـ التي تسهر على محاربة واستئصال كل مظاهر الهرطقة والبدع الدخيلة على الإيمان الكاثوليكي ، عن طريق ترصد ومعاقبة كل المخلين بالعادات والأعراف المتفق عليها .
ويضم دليل الكتب المحرمة قائمة بالكتب التي لا يسمح للروم الكاثوليك قراءتها باعتبارها كتب ضارة :غير أخلاقية وتتعارض مع الإيمان .
ومن الشخصيات المشهورة التي تم الزج بها في هذه القائمة السوداء نذكر : روسو ، ديكارت ، فولتير ، بالزاك ، ميكيافيلي ، كالفان ، فيكتور هوغو ، سبينوزا ، كانت ، سارتر وغيرهم الكثير .
الرقابة على الكتب في الغرب
إذا كان الكتاب هو أفيون الغرب كما يؤكد أناتول فرانس ، فإن كل كتاب يحرق ينير العالم يجيب رالف والدو إمرسون .
سجل التاريخ ضيق أفق السلطات الغربية في تعاطيها مع مسألة حرية التأليف بعد منعها ـ لفترات متفاوتة من الزمن ـ تداول مجموعة كبيرة من الكتب لاعتبارات سياسية ، دينية وأخلاقية ، وهو الأمر الذي نجده مستهجنا وغير مقبول من طرف تلك الجهات إذا تم تطبيق نفس الشيء في دول لا تستمد موروثها الثقافي من جذور مسيحية ـ يهودية ، وهنا نقصد بالخصوص المجتمعات العربية والإسلامية .
ولأخذ نظرة موجزة عن لائحة بعض الكتب التي كانت ضحية الرقابة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية يمكننا الحديث عن :
* أزهار الشر ـ بودلير
* روبن هود
* توارة العهد الجديد
* الجنس الآخر ـ سيمون دي بوفوار
* هاري بوتر ـ المجلد الأول ـ جي كي رولينغ
* مدام بوفاري ـ فلوبير
* الأوديسة ـ هوميروس
* الفلسفة في المخدع ـ ماركيز دي ساد
* أمير الذباب ـ ويليام غولدنغ
* عالم رائع جديد ـ الدوس هكسلي
* كانديد ـ فولتير
* نداء البرية ـ جاك لندن
* الأعمال الكاملة ـ كوبرنيك
* عناقيد الغضب ـ جون ستاينبيك
* كوخ العم توم
* عشيق الليدي تشاترلي ـ ديفيد هربرت لورانس