تعد بعض الاغذية والمأكولات من الامور المعيشية الضرورية لهذا الشعب او ذاك  والتي لا يمكن الاستغناء عنها ؛ كالخبز والزيت والرز والسكر وغيرها ؛ بل ان بعضها يعد معيارا للمستوى المعيشي للمواطن كاستهلاك اللحوم وما شابه , وتعد الطمامة من اهم مكونات المطبخ العراقي , و من اساسيات الغذاء اليومي للعراقيين , حتى المطاعم والمقاهي وغيرها تعتمد عليها في تقديم الوجبات للزبائن ؛ لأنها تدخل في اعداد اطباق  السلطة وغيرها . 

ولعل الطماطة كانت الرفيق المخلص للعراقيين في ايام الحصار مع رفيقها الاخر ؛ وحش الطاوة ( الباذنجان ) ؛ وطالما تلاعب النظام البائد وقتذاك بأسعارها ؛ على الرغم من قسوة الظروف المعيشية والازمات المادية والحصار الاقتصادي . 

وارتفعت هذه الايام اسعار الطماطة حتى وصل الكيلو الى ( 2000 دينار ) وكذلك ارتفع سعر كيس الطحين الى ( 30 الف دينار ) بينما واصل سعر صرف الدولار بالارتفاع ؛ بالإضافة الى الركود الاقتصادي , وكساد الحركة التجارية , وانتشار البطالة , وانعدام فرص العمل والعيش الكريم , وتدهور الاوضاع الصحية والتربوية والتعليمية , و سوء تقديم الخدمات العامة والبنى التحتية , ناهيك عن توقف الانشطة الصناعية وتلكؤ الانشطة الزراعية وغيرهما ... ؛ كل هذه السلبيات والعراق اقر موازنات كبيرة ولمدة ثلاث سنوات متتالية ... ؛ فأن لم تظهر اثار تلك الموازنات الكبيرة بصورة ايجابية على الواقع العراقي و تنعكس ايجابا على الساحة الاقتصادية  وتؤتي ثمارها الان ؛ فمتى ينهض العراق ويستقر وضعه الاقتصادي وينتعش المواطن  يا ترى ...!؟ 

وليت الامر يبقى كما هو عليه الان ؛ فالأيام حبلى بالفواجع ؛ اذ طالما جاءت الحروب بعد الكساد والازمات الاقتصادية الحادة  مباشرة ؛ فكلنا يتذكر موازنة عام 2014 والتي اختفت وتبخرت بقدرة قادر , ولم تعرف حقيقتها الى هذه اللحظة , وبعدها دخلت داعش الاراضي العراقية , مما زاد الطين بلة , والخزينة العراقية هدرا واستنزافا . 

ان ارتفاع وانخفاض اسعار الطماطة وغيرها في الاسواق العراقية بين الفينة والاخرى , قد يعزوه البعض لقلة الناتج المحلي وكثرة الاستهلاك , او جشع الفلاح العراقي , او منع الاستيراد او السماح له ... الخ ؛ الا ان الحقيقة التي لا يمكن انكارها , والمؤشر الواقعي يدل على ارباك الاوضاع الاقتصادية وغياب الخطط الاستراتيجية للنهوض بالواقع الاقتصادي العراقي الفاشل بكل ما لهذه الكلمة من معنى . 

ففي احد المرات فتحت الوزارة أبواب الاستيراد في 1 أيلول ، وحينها اشتكى مزارعو بنجوين الذين تضرر منتجهم من الطماطة ؛  لكونها المنطقة الوحيدة التي تحوي هذا المحصول في شهري أيلول وتشرين الأول... ؛ فعادت الوزارة وأغلقت  استيراد الطماطة في 5 أيلول استجابة للشكاوى، ليرتفع  سعرها في علاوي المحافظات الوسطى والجنوبية ؛  لأن كمية طماطة بنجوين لا تسد كل الطلب المحلي ... ؛ فقررت فتح الاستيراد مرة اخرى ؛  تلافياً لارتفاع الأسعار،  ولكنه قرار غير مجد وقتذاك ، لان محصول الطماطة في كربلاء والنجف من المتوقع ان ينزل الاسواق خلال اسبوعين فقط ... !!

وهكذا تسير الامور من دون خطط تنموية , او رؤى اقتصادية استراتيجية ,  او جداول محددة تبين لنا اوقات الحاجة للاستيراد واوقات حماية المنتج الوطني ؛ ولعل هذه الحالة البائسة ينطبق عليها المثل الشعبي القائل : (( على خانك يا دهر ... ؛ او المثل الشعبي القائل : ظلمه والدليل الله )) .