رعاة الليل مافعل الصباحُ؟

ومافعلت أوائله الملاحُ؟

ومابالُ الذين سبوا فؤادي

أقاموا أم أجد بهم رواحُ!

ومابال النجوم معلقاتٍ

بقلب الصبَّ ليس لها براحُ

من أعظم ماقيل وما مثل به في الشعر حين صور المجنون حالة خوفه وقلقه من أن يكون خبر نزوح ليلى وارتحالها أكيدٌ فقال:

كأن القلب ليلة قيل يُغدى

بليلى العامريةِ أو يراحُ

قُطاةٌ غرها شركٌ فباتت

تجاذبه وقد علق الجناحُ

شبه حالة الذعر والقلق التي أصابته بالقطاة-طائر يشبه الحمام- التي وقعت في الشباك وقد علق جناحها وكان خفقان قلبه حالما سمع الخبر يشبه حركة جناح القطاة التي باتت الليل كله تحرك جناحها علّ أن ينفذ ، فلم يكتفي قيس بالتشبيه بالقطاة العالقه بل استمر في وصف شناعة الحالة حين أضاف قائلًا:

لها فرخان قد تركا بقفرٍ

وعشهما تصفقه الرياحُ

اذا سمعا هبوب الريح هبا

وقالا أمنا تأتي الرواحُ

فهنا أضاف المجنون قلقًا فوق قلق ، ومثّل لهذا الوضع خوف الأم على صغارها الذين تركا بمكانٍ قفر ، أظن عِظَم هذا التشبيه وشدة بلاغته يرجع إلى شخصية عميقه لها منظور خاص وفكر متفرّد فلا أحد يقدر على وصف حالة الذعر بهذا الاسلوب القصصي المبهر سواه فلم يكتفي بأن يصف حالته بالقطاة العالقه بل راح يشرح ويصف وضع هذه القطاة وقلقها تجاه نفسها وصغارها ، ويختم قائلًا:

فلا بالليل نالت ماترجّى

ولا في الصبح كان لها براحُ

رعاة الليل كونوا كيف شئتم

فقد أودى بيَّ الحب المتاحُ):