وصلتني رسالة من احداهن تقول فيها : عمري 35 سنة وتزوجت من أحد أقاربي وانا في الصف الأول ثانوي ولدي أربع أولاد أكبرهم بنت في الجامعة وزوجي يحبني كثيرا ولا يهنأ له بال الا عندما يراني سعيدة وانا على العكس منه لا أحبه لأني زواجي منه كان تقليديا وأنا أريد أن اجرب الحب وأتزوج الشخص الذي أحبه وأعيش معه طيلة حياتي , قلت لها : هل زوجك انسان غير سوي وهل لاحظتي عليه شيء وهل تصرفاته مشبوهه ؟! قالت : أبدا فزوجي طيب جدا وعلى الصراط المستقيم , قلت لها : هذا أمر طيب.. أكثري من الحمد فغيرك يتمنى مثل هذا الزوج فبعض الزوجات يضربها زوجها كل يوم والأخرى مبتلاه بزوج مدمن مخدرات أو مضيع لدينه .. الخ ومسألة انه يحبني وانا لا أحبه ولا أستطيع العيش معه وتفكيره ليس كتفكيري فهذا ليس منطقيا وليس من العقل في شيء فأنتم بينكم عشرة وأولاد وحتى لو لم ترزقوا بالذرية فالموضوع كذلك فيه نظر بعيدا عن الاستعجال , وأقول للجميع ( المتزوجين والغير متزوجين وللمقبلين على الزواج ) : حتى ولو كان اختيارك خاطئا لشريك حياتك وحتى لو لم يكن هناك حب متبادل بين الطرفين فهناك الاحترام والعشرة والأولاد , انظر للجانب الايجابي في زواجك ولاتعالج خطأ - بنظرك من البداية - بخطأ أكبر منه كخيانة أو غيرها لأن الحياة الزوجية تضحيات وتنازلات وجمالها في عقباتها وتحدياتها كغيرها من شؤون الحياة - وهذ هو المعيار الحقيقي لاظهار قوتك وتأثيرك وايجابيتك في مواجهة مواقف الحياة وصعابها ومن رحم المحن تولد المنح كما يقال – وكذلك جمالها في اختلاف كل طرف عن الاخر في التفكير والمشاعر والاهتمامات .. جمالها في تناقضاتها فلو أن كل طرف مشابه للاخر فسيغلب على هذه الحياة روتين ممل خالي من الأحداث والتغييرات ولن يكون لها طعم ولا رائحة , وان كنت سلبيا –رجل أو امرأة على حد سواء – فستخضع وستستسلم للواقع ولن تستطيع أن تغير منه شيئا , ومن المهم ان يكون الشخص مؤثرا ويستخدم كل قدراته للتأثير ايجابيا على الطرف الاخر قدر الامكان لتستمر الحياة للأفضل كأن تجعله يشاركك في هواياتك واهتماماتك الخاصة وما الى ذلك حتى لو لم يتم التأثير فالمهم هو أن تكون ايجابيا في نفسك , ورضاك عن ذاتك وقدرتك على ادراك وفهم نفسية الاخر وكيفية التعامل والتعايش معه ومعرفتك بأن نمط التفكير يختلف هذا بحد ذاته نجاح لأنك حولت واقعك من سلبي لايجابي , وينصح المختصين بكتاب قيم يتحدث عن هذا الموضوع بعنوان ( الرجال من المريخ النساء من الزهرة - الدليل الرائع لفهم الجنس الأخر ) , ومهما يكن بين الزوجين من اختلافات جزئية فهذا أمر طبيعي ويحدث في كل بيت ( حتى في بيت النبوة ) والكمال لله عزوجل , وأقول لكل زوجة بما أن زوجك انسان صالح ومقبول فلا تفرطي فيه وكذلك العكس أقول لكل رجل بما أن الله رزقك بزوجة صالحة ومقبولة ومنجبة فتمسك بها جيدا .. قال صلى الله عليه وسلم :( لايفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها اخر ) رواه مسلم وهذ الحديث ينطبق على الجميع وفيه توجيه بأن ينظر كل طرف لايجابيات الاخر ويغض الطرف عن السلبيات وصغائر الأمور ومن المستحيل أن يعدم كل طرف من الخير فلا بد من وجود الايجابية , وبذرة الخير لاتزال موجودة في كل نفس .

محمد عبدالله العتيبي ٢٠ أكتوبر ٢٠١٦

‏‫