سافرت خمس مرات الى الهند ؛ وأولى رحلاتي لها كانت في عام 2007 , والذي لفت انتباهي وشدني اليها ؛ طيبة الهنود وحسن تعاملهم مع السياح ؛ واتقانهم للغة الانكليزية بالإضافة الى اللغة الاوردية , وتعددت دياناتها وطوائفها واقوامها وطبقاتها الاجتماعية , وسعة مساحتها فهي تكاد ان تكون قارة بحد ذاتها ؛ وذلك على الرغم من الاراضي الشاسعة التي انفصلت عنها فيما سبق ؛ وتنوع مناخها بحسب الولايات , وتعدد وسائل النقل فيها , والتزام المواطنين بالقوانين والنظام ؛ ناهيك عن المساحات الخضراء الشاسعة والحدائق العامة الكبيرة ؛ فأين ما تولي وجهك فثم زهور و أشجار وبحيرات و أنهار ونافورات ونباتات كثيفة وحيوانات أليفة وطيور رائعة و اصوات زقزقة العصافير وتغريد البلابل ... ؛ ولعل بعض الحيوانات تسير مع البشر جنبا الى جنب ؛ كالبقر والقرود والماعز وغيرها ؛ وذلك لقدسية بعضها .
في دول العالم المتحضرة أمست شؤون البيئة وكيفية الحفاظ عليها الشغل الشاغل للحكومات والأفراد على حد سواء ؛ حيث شرعت القوانين الصارمة للحفاظ على النباتات والحيوانات و رعاية الغابات والمزروعات على اختلاف أشكالها و أصنافها , وكذا هو الحال في الهند ؛ إذ من الممنوع قلع الأشجار وتدمير الورود والأزهار وجرف المساحات الخضراء , بحيث أذا أراد الهندي بناء عقار و أمامه أشجار ... ؛ يبني بشرط عدم الإضرار بها , بحيث يرجع البناء خطوات للخلف كي لا يؤذي النباتات , ومن لطيف ما شاهدته هناك ؛ لوحات تعريفية معلقة على الأشجار العملاقة ... ؛ مكتوب فيها عمر الشجرة , و صنفها , والأمراض التي تعرضت لها ... !! .
حقا هذا السلوك الحضاري ينسجم مع النصوص الدينية الاسلامية والعراقية التي أكدت على هذه القيمة الحضارية فقد ورد فيها ما يرغب في الاهتمام بالطبيعة , من قبيل : (( أزرع ولا تقطع )) و (( النخلة عمتكم )) و (( خير الأعمال الزراعة .. )) و (( النظر الى الماء والخضراء والوجه الحسن يطيل العمر.. )) ... ؛ ولكن مع شديد الأسف بالرغم من هذا الإرث التاريخي الحضاري الجميل , و انتشار الوعي البيئي في دول العالم أجمع , لا زلنا نمارس القطع والبتر والحرق و جرف الأرض الخضراء ... ؛ في العراق حتى غدا أرض الغبار والتراب وليس أرض السواد ...!! .
و الوقوف أمام بوابة الهند الشهيرة والتي تعتبر من المعالم السياحية في العالم ؛ يثير الدهشة والانبهار ... ؛ حيث التصاميم الهندسية الفريدة والحدائق الجميلة الغناء , فضلا عن بحيرات الماء, والمساحة الكبيرة الخضراء , والشوارع الفسيحة , والأرصفة العريضة ... ؛ و النظام والأمن والأمان يسود المكان , حتى راودني شعور كأني في بيتي ... , والمدهش في الأمر , انك ترى مختلف الوجوه من كافة بقاع العالم على مقاعد متقابلين لا تسمع لهم لغوا ولا تأثيما ... ؛ ولكن تبددت سعادتي فجأة وانتابني شعور بالمرارة ؛ بمجرد مرور ذكرى شريط الأحداث العراقية في ذهني , إذ تذكرت العمران في وطني , و النظام , والأمن , والشوارع , والأرصفة , والكتل الكونكريتية الكئيبة ... .
وقد اخذني صديقي المقيم في نيودلهي ؛ الاستاذ رياض الاوسي معه لمشاهدة البرلمان الهندي ؛ و بناية البرلمان الهندي جميلةٌٌ ومحاطةٌٌ بالحدائق الناظرة والأشجار الزاهرة , والنافورات البديعة , والنصب الرائعة ... ؛ والأجمل من هذا كله البرلمان وأهله , اذ انه مفتوح لكافة المواطنين , ومسموح لهم زيارته , والإدلاء بشاهداتهم وبث شكايتهم فيه , ومراجعة أعضاء البرلمان والتداول معهم في شؤون الوطن و هموم المواطن , اذ يمشي الأعضاء مع الناس البسطاء والزوار العاديين في أروقة البرلمان لأنهم مواطنون ؛ فالمواطنة وحدها هي بطاقة التعريف وسمة الدخول للبرلمان , حيث يجلس المواطنون مع الأعضاء على مقاعد متقابلين , يطوفوا عليهم عمال الخدمة بالشاي والماء ... , ويخرجون من المبنى معززون مكرمون ... ؛ فكل عضو من أعضاء البرلمان له مريدوه وأتباعه ومحبوه ؛ اذ شاهدت تظاهرة كبيرة في احد أحياء نيودلهي , والناس فيها من مختلف الشرائح الاجتماعية حاملين معهم الورود والشموع ويسيرون بانتظام على احد الأرصفة ليلا , ويرفعون صور ملونة ومتوسطة الحجم لأحد أعضاء بل فرسان البرلمان ؛ اذ كشف هذا العضو الحر جريمة فساد مالي لاختلاس المال العام من قبل كتلة سياسية متنفذة , وبعدما كشف الأوراق المستورة واطلع الرأي العام عليها وحدثت ضجة إعلامية كبيرة , بادرت الكتلة السياسية الفاسدة إلى اعتقاله وسجنه ؛ فخرج الناس تأييدا له , ويطالبون بإطلاق سراحه , وإيقاف المتورطين بسرقة المال العام ... .
سرح بي الخيال وقتئذ , و استرجعت ذاكرتي صور من واقعنا السياسي , وخصوصا الواقع البرلماني البائس , وتذكرت الوليمة التي تناولناها مع احد الشخصيات الدينية والاجتماعية , والمجاملات الحلوة التي دارت فيما بيننا , والكلام المسؤول الذي تفوه به صاحبنا , والذي من خلاله عرفنا مقدار ما يتمتع به من حس وطني وغيرة دينية على أبناء جلدته ومواطنيه , وبعد ان قام بواجب الضيافة وشيعنا الى باب الدار , ورجعنا إلى بغداد آمنين , تبادلنا المكالمات الهاتفية ؛ وبعد فترة وجيزة لم تتجاوز الأسبوعين , رشح الحزب الفلاني صاحبنا إلى المجلس الوطني الموقر, وتم قبوله .. ؛ عندها كشر عن أنيابه , وبانت حقيقته , وانكشف جوهره , أصبح لا يلتقي بالناس , ولا يرفع سماعة الهاتف , ولا يجيب عن الرسائل , وشمخ بأنفه واستعلى .. , هؤلاء يعتقدون ان الشخصية الناجحة والعظمة تكمن في التكبر والاستعلاء على الناس , وان السعادة تكمن في قطع الوشائج مع البسطاء والمواطنين الطيبين , وعدم الالتقاء بأصحاب المظالم والحاجات ... !! .
لماذا البعض يصاب ب ( فايروس مركب الحقارة والنذالة ) بمجرد دخوله للبرلمان وأداه القسم ؟! ؛ هؤلاء لا يفكرون الا في تحقيق مصالحهم الحزبية والفئوية والشخصية الضيقة , هؤلاء تسللوا إلى البرلمان تحت شعارات دينية و وطنية أكبر من نفوسهم المريضة وشخصياتهم الضعيفة , من منهم حصل على أصوات مواطنين وأشخاص هو يعرفهم و متواصل معهم وهم يعرفوه ؟
الكل حصل على الأصوات بطرق ملتوية , بعضهم بسبب التعصب الطائفي , وآخر بسبب الكتلة الفلانية , وثالث عن طريق التزوير ... .
وأخيرا نطلب من الحكومة العراقية إنشاء بناية جديدة لائقة بالبرلمان العراقي وبالأمة العراقية , ونرجو من جماهيرنا وشعبنا العريق انتخاب أعضاء محترمين وغيورين على الوطن والمواطن يستحقون شرف الجلوس على مقاعد البرلمان العراقي .
مما لاشك فيه ان الأشجار والورود والأرض الخضراء ؛ كلها عوامل تساعد على تلطيف الأجواء وتهدئة النفوس , وهذا ما رأيته في مستشفى ماكس في العاصمة الهندية نيودلهي , وقد شاهدتُ أمراً أثار انتباهي في هذا المستشفى المحترم الا وهو صبغ جدران المستشفى في كل شهر مرة كي تبقى الجدران نظيفة وجميلة وبراقة ... !!
زد على ذلك اللوحات الفنية الراقية المزدانة بها الصالات والغرف , والمعاملة الإنسانية من قبل الأطباء والممرضات والعاملين كافة ... ؛ واردت اعطاء اكرامية لإحدى الممرضات الا انها رفضت ذلك ؛ قائلة : انها تتقاضى راتبا من ادارة المستشفى اولا , وثانيا اخذ الاكراميات من المرضى والمراجعين والمرافقين ممنوع ؛ وكما قيل ان دوام الحال من المحال ؛ اذ رجعت الى الهند بعد ثلاث سنوات , ورأيت هنالك العجب العجاب ؛ فقد علم المترجمون العرب والعراقيون الاطباء الهنود وادارات المستشفيات على اخذ الرشاوى والاكراميات ؛ ورفع الاسعار على المرضى , بل وصل الامر بالبعض الى بيع المريض والاتجار به , وقد توفى العديد من الاشخاص بسبب الاخطاء الطبية وغيرها , والسفارة العراقية هنالك ( لا تحل ولا تربط ) لان الخارجية كانت تابعة للأخوة الاكراد الانفصاليين ؛ و أمر العراق والعراقيين لا يعنيهم بتاتا ؛ بينما شاهدت بأم عيني كيف ان السفير العماني يأتي بنفسه ؛ يتفقد المرضى العمانيين الراقدين في مستشفى ماكس , ويوصي بهم , ويقدم خدماته لهم , علما ان المرضى العمانيين يتعالجون هناك على نفقة الحكومة ؛ نعم ارسلت الحكومات العراقية الكثير من المرضى العراقيين ولمختلف دول العالم على نفقتها الخاصة الا ان بعض التفاصيل شابها الفساد من قبل ذوي النفوس الضعيفة .
والسياح الأجانب يجبون الهند شرقا وغربا , فتراهم في كل إقليم ومدينة وحي وشارع ... ؛ يمشون ويسيرون , إذ تهبط في مطار العاصمة الهندية نيودلهي فقط يوميا وعلى مدار الساعة 13 طائرة عملاقة – ايرباص أو بوينغ – قادمة من الغرب فقط فضلا عن باقي بلدان العالم - هذا الذي شاهدته عام 2007 - .
وقد شد انتباهي موقف رأيته في أحدى ساحات نيودلهي , اذ جاء صبي هندي مسرع وثيابه بالية و وسخة في الوقت نفسه , وأصطدم بأحد السياح الانكليز , وكان السائح الانكليزي في عقده السادس – تقريبا – صبوح المحيى مشرق الوجه , احمر الوجنتين , رشيق القوام , منتصب القامة , جميل الهندام , و ملابسه كلها عبارة عن ماركات عالمية فاخرة من حذاءه إلى قبعته البرتقالية ... ؛ فتلوثت ثياب الانكليزي واتسخت بسبب الصخام الذي كان يعلو ثياب الهندي بل وجسمه أيضا !
فتأملت مليا في ردة فعل السائح الانكليزي , تراه ماذا يصنع ؟؟؟
قام السائح بتقبيل الطفل الهندي البائس المحروم , واعتذر منه ؛ وأعطاه 200 ربية جزاءا وفاقا ؛ ولا ادري ما السبب الحقيقي وراء تصرف الانكليزي هذا ؛ فهل هو طيبة البريطانيين وعطفهم ... ؛ ام دهاء الانكليز ومكرهم والعمل على تحسين صورتهم العالمية وسمعتهم الدولية ...؟
وقيل في الامثال الشعبية : (كل حلو بيه لوله ) ومحل الشاهد في هذا المثل الذي ذكرته ؛ حال الهند والهنود ؛ فلكل دولة ولكل شعب ؛ جانب مضيء واخر مظلم ... ؛ كثيرة هي المظاهر السلبية التي لاحظتها هنالك ومنها : وجود الطبقية المقيتة والمغلفة بالقداسة والتقاليد والعقائد الدينية , بالإضافة الى عدم اعتناء بعض الهنود ولعلهم الاغلب ولاسيما في المناطق الشعبية بالنظافة , فمن الطبيعي هناك ان تشاهد الهنود وهم واقفون يبولون على حائط المدرسة او المباني العامة وامام المارة ... ؛ و رأيت الاغنياء منهم يتعاملون بغطرسة واستعلاء وعنجهية مع المواطنين الفقراء , كما لاحظت ان الاغنياء منهم بل وبعض الفقراء يتسمون بالجمال وبياض البشرة ؛ عندها علمت ان المثل الشعبي المتداول فيما بيننا : (( شفتنا سود حسبالك هنود)) لا يكشف عن الحقيقة والواقع الهندي .
الهنود مسالمون الى درجة الاستكانة والذل ؛ ولا ادري ما السبب في ذلك ؛ فهم يخافون من الشرطة ومن الاغنياء ومن كل شيء ؛ وعندما يشاهدون السياح الانكليز والاوربيين ؛ يقفون امامهم بإجلال واكبار ؛ وكأنهم خدم ... ؛ وعلمت حينها ان الافلام الهندية فعلا هي افلام هندية ليس الا ؛ اذ ان بينها وبين الواقع الاجتماعي للامة الهندية بون شاسع ؛ واكثر ما المني هناك رؤية الفقراء البائسين ؛ فالفقر هنالك مدقع ولا يرحم ابدا ؛ بحيث أرى عمال المجالس البلدية يحملون جثث المواطنين الذين يتوفاهم الاجل في الشوارع والحدائق والاماكن العامة ؛ يتساقطون صرعى كما يتساقط الجراد ؛ من شدة الجوع والمرض , ومن ثم تأخذ تلك الجثث وترسل الى المستشفيات والمعاهد الطبية ؛ كي تكون مادة دراسية ومختبرية يتعلم من خلالها الاطباء الجدد وطلبة كليات الطب فنون الجراحة والطب ؛ فهؤلاء لا أحد يسأل عنهم ؛ وكذلك استوقفتني ظاهرة الانجاب الكثير من قبل العوائل الفقيرة ؛ وعندما سألتهم عن سبب ذلك ؛ وذكرتهم بصعوبة ظروفهم المادية وقساوة احوالهم المعيشية ؛ أجابني المسلمون الهنود : نحن نكثر من الانجاب كي نصبح اكثر عددا من الهنود الهندوس ؛ بينما أجابني الهنود الهندوس : بأننا ننجب الكثير من الاولاد كي لا تتحول الهند الهندوسية الى دولة اسلامية ؛ فهما كفرسي رهان ...؛ والنتيجة ازدياد اعداد الفقراء والمحرومين والمتخلفين والبائسين والاميين ؛ ولا زلت اذكر ذاك الهندي المسلم الوهابي البائس الذي بادرني بالسؤال قائلا : هل انت مسلم ام شيعي ؛ فأجبته : بأن اجدادي هم من ادخلوا اجداده الى الاسلام .
ورأيت ان الازدحامات المرورية كثيرة في نيودلهي ؛ وذلك بسبب كثرة الناس وتعدد وسائل النقل والتي منها : السيارات والدراجات الهوائية والنارية و ( الركشن او التك تك كما يسميها العراقيون ) ؛ مع العلم ان نيودلهي تحتوي على سكك وطرق للقطارات والمترو .
وفي الهند توجد اسواق للمسلمين , وكذلك مطاعم اسلامية الا أن طعامهم حار بسبب الفلفل الحار؛ والعراقي لا يستسيغ الاكلات الهندية لكثرة البهارات والفلفل الحار فيها , لذا ترى العراقي هنالك يبحث جاهدا عن المطاعم التركية او العربية , وطالما أصبت باليأس من العثور على المطاعم التي تقدم اكلات تشبه الاكلات العراقية ؛ ورأيت ان طعام الافغان الشماليين اقرب الينا من سواه ؛ وجمعتني الصدف في احدى المطاعم الافغانية بأحد السياح اليمنيين ؛ وتبادلنا اطراف الحديث ؛ وقد اتفقنا على ان هنالك قواسم مشتركة تجمع بين الشعب العراقي واليمني والافغاني الا وهي : القبلية والعشائرية ؛ والكرم والجود والسماحة والطيبة , والشجاعة والقتال والاقدام , والغيرة على الاعراض والحرمات , والالتزام الديني , بالإضافة الى التأخر في مجال العلوم المعاصرة قياسا ببعض الدول والتي منها الهند النووية ...!! .
وقد قرأت في كتب طب الأعشاب معلومات تتحدث عن فوائد تناول الفلفل الحار ؛ ومن هذه الفوائد انه يبرد الدم كما ينقل ذلك ابن سينا في احدى مؤلفاته , وقد صدق الخبر الخبر ؛ اذ عرفت هذه الحقيقة في الهند , فلا يوجد من هو ابرد من الهندي , فهو هادئ الأعصاب , منبسط الأسارير , طيب القلب , خدوم , أنساني , لا ينزعج ولا يغضب لأتفه الأسباب , حليم , صدره رحب , يكظم غيظه ... الخ ؛ وبحكم وجودي في الهند , اضطررت إلى أكل الحار , فكل شيء حار ... ؛ حتى وصل الأمر إلى ( الايس كريم ) إذ اشتهيتها في احد الأيام , وذهبت إلى شرائها من المحل القريب , و قد رابني شكلها البُني أول مرة إلا إنني بدافع الرغبة قد التهمتها , و ليتني لم افعل ؛ فكأني شربت حامض الاسيد , اشعر بأن أمعائي قد تقطعت ... ؛ وبمرور الأيام أصبحت لا استذوق إلا الطعام الحار ... !
فقد هدأت أعصابي , وخف توتري , وتخلصت من مرض القالون العصبي ؛ وهكذا يفعل الفلفل الحار , وما أدرك ما الفلفل الهندي ؟
وتعلمت عادة غذائية صحية أخرى ؛ إذ صرت لا أحبذا كثرة الأكل , فالطعام بعناصره الغذائية المفيدة لا بكثرة كميته ... ؛ و لكن واجهتني مشكلة عويصة بهذا الصدد ( تناول الطعام ) ؛ الخبز العراقي , فهو لا يعوض ابدا , إذ به طعم الحياة ونكهة الوطن , فضلا عن انه ضروري مع الطعام كالملح ... ؛ وقد سئلت عنه في كل مكان فلم أجده , اذ سئمت من الصمون والخبز الفرنسي الجاهز ... ؛ وقد جبت البلاد طولا وعرضا حتى عثرت على بغيتي المنشودة , فقد تعرفت على أفغاني أرشدني إلى مطعم يرتاده الأفغان والمسلمون ؛ لأكل الرز والخبز والمرق ... , و تناولنا وجبة غذائية راقية ذكرتنا بكرم الأهل وجود ابناء الوطن الاصلاء ... .
وتذكرت فيما تذكرت اقوال ابناء الفئة الهجينة بحق سكان الجنوب العراقي الاصلاء ؛ ومحاولات ارجاع اصولهم الى الهنود بشتى الاكاذيب والادعاءات السمجة , ورأيت ان الفوارق الجسمانية والعقلية والعاطفية والثقافية ... الخ ؛ بين الهنود والعراقيين الاصلاء ؛ كالفرق بين الارض والسماء .