ان المتتبع لتاريخ العلاقات بين مصر والعراق وعلى الصعيدين الحكومي والشعبي ؛ يجد أن البلدين عاشا تاريخاً متوترا ومأزوما وعدائيا احيانا , فقد تدخلت الحكومات المصرية في الشؤون العراقية كثيرا ؛ ولعل من اهم اسباب مجيء مجرمي القومجية والبعثية الى الحكم والاطاحة بالزعيم قاسم ؛ هي الحكومة المصرية , واستمرت تدخلات الحكومات المصرية في الشأن العراقي الى هذه الساعة ؛ وقد شاركت مصر في كافة الحروب ضد العراق وكذلك ساهمت في فرض الحصار الغاشم على الامة العراقية ؛ فضلا عن مئات الصفقات التجارية والمالية والاقتصادية المشبوهة والفاسدة والتي ابرمتها مصر مع حكومات الفئة الهجينة ( القومجية والبعثية ) من ذيول الدول العربية الاخساء وعملاء حكام العرب الاذلاء ؛ ناهيك عن هجرة ملايين العمال المصريين الى العراق وتسببهم بحدوث عشرات الظواهر الاجتماعية والاقتصادية السلبية , ونهبهم للثروات والخيرات العراقية , من خلال ارسال مليارات الدولارات الى مصر , اذ عاش المصريون وتطورت مصر بأموال الامة العراقية بينما عانى العراقيون من الجوع والفقر والحرمان , وبقى العراق يراوح في مكانه بلا بنى تحتية قوية ولا مؤسسات حكومية او اهلية عملاقة ...؛ ومع ان المصريين ( غلابة ) ولحم اكتافهم من خيرات بلاد الرافدين ؛الا انهم لا زالوا يمجدون بالمجرم صدام ويشتمون العراقيين ويستنقصون منهم ومن حضارات بلاد وادي الرافدين ؛ ويكذبون جهارا نهارا ويدعون ان حضارة الفراعنة اقدم من حضارة سومر وحضارة العبيد في جنوب العراق ؛ حقدا وحسدا .
واخر عمليات النصب والاحتيال المصرية ( الكلاوات المصرية ) المستمرة بحق العراق والامة العراقية ؛ قضية شركة هورس و التي يمتلكها السياسي ورجل الاعمال المصري عماد السعيد الجلدة ... ؛ اذ ادعى المصريون وهم المعروفون بالكذب والتدليس والخداع : أن شركة «هورس» المصرية قد وقعت عقدا مع وزارة النقل العراقية في العام 2001 في عهد النظام البعثي التكريتي الهجين , والذي اصبحت شركة هورس الوهمية بموجبه وكيلا للخطوط الجوية العراقية في القاهرة ؛ علما ان الخطوط الجوية العراقية وقتذاك شبه معطلة بل معطلة تماما بسبب قرارات الحصار والبند السابع .
وبعد إبرام الاتفاق الباطل اصلا ؛ قامت الشركة المصرية بتسلّم مقر الخطوط الجوية العراقية في القاهرة، وبدأت في تجهيزه، ومخاطبة شركات السياحة حول العالم وعمل بروتوكولات وتعاقدات لتسيير رحلات سياحية للعراق في حال رفع الحصار المفروض عليه بعد استرجاعه للكويت في مطلع تسعينيات القرن المنصرم ... ؛ وبعد اجتياح القوات الأمريكية وحلفائها العراق قامت وزارة النقل بإلغاء وكالة الشركة المصرية من جانب واحد، حسب بعض التقارير ...؛ لان القضية سالبة بانتفاء الموضوع كما يقول المناطقة ؛ فأصل العقد باطل و وهمي .
والعجيب في هذه الصفقة الفاسدة ؛ ان شركة هورس لم تكن اصلا موجودة على ارض الواقع ؛ عندما تم التعاقد بين الجانب البعثي الظالم وبين الجانب المصري الفاسد , وإنما تأسست ومنحت رخصة لمزاولة عملها بعد تاريخ توقيع العقد ...!!
وبسبب «عدم تنفيذ الشركة لبنود العقد، قامت شركة الخطوط الجوية العراقية بإخطار الشركة المصرية بإنهاء الوكالة ابتداء من تاريخ 2005/2/1 وفقا للعقد الموقع ، فطلبت شركة (هورس) التحكيم الحر بتاريخ 2011/8/4، وذلك وفقا للبند 16 من العقد الباطل ؛ وبسبب عدم الاتفاق على محكم مرجح لجأت الشركة إلى القضاء المصري، وأصدرت المحكمة المصرية المختصة، بإلزام العراق بالتحكيم وفقا لبنود العقد، كما قامت المحكمة بتعيين رئيس لهيئة التحكيم ؛ وصدر الحكم كما هو متوقع لصالح المصريين المحتالين ( القفاصة ) ؛ ولعل البيت الشعري الاتي ؛ يجسد حالة تحكيم المحاكم المصرية :
فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
بل بلغت المهزلة حدا ؛ ان توكل الحكومة العراقية هذه القضية الى محامين مصريين للدفاع عنها امام المحاكم المصرية ؛ ولم تكلف نقابة المحامين العراقيين بذلك , وبعد ان وقع الفأس بالرأس وخسرت الحكومة العراقية القضية الباطلة , كلفت نقابة المحامين العراقيين الان بمتابعة القضية , وشر البلية ما يضحك ؛ وذلك حسب بعض التسريبات .
واستمرت القضية طوال 20 عاما ؛ كلفت فيها الحكومات العراقية بعض الجهات والوزارات والدوائر بمتابعة القضية , وقد صرفت اموال كثيرة في هذا الجانب , ولعل المثل الشعبي العراقي يختصر لنا هذه القضية الباطلة والاجراءات الحكومية الفاسدة : (( جمل الغرقان غطه )) .
وبما ان شركة هورس تابعة للإخوان المسلمين , فقد تم وضعها تحت التحفظ بقرار من القضاء المصري عام 2015 باعتبارها من شركات جماعة الاخوان المحظورة في مصر، ووضعت تحت إشراف وإدارة شركة (مصر للسياحة) .
ومما مر عليكم عرفتم ان الشركة وهمية ولم تكن موجودة في حال ابرام العقد بين الجانبين , وبما انها تابعة لإحدى التنظيمات الارهابية المحظورة ؛ فقد تم حظرها , و كل القرائن والسياقات الاخرى تدل على بطلان العقد واخلال الشركة الوهمية بالتزاماتها التي لم تطبق على ارض الواقع اصلا ... ؛ إلا أن : «هيئة التحكيم أصدرت قرارها بتاريخ 26/7/2023 بإلزام وزارة النقل وشركة الخطوط الجوية العراقية بتأدية مبلغ يزيد على 787 مليون دولار أمريكي إضافة إلى الفوائد» ... !!.
وهذه الحادثة الباطلة والصفقة المشبوهة ليست الاولى ولا الاخيرة في تاريخ العلاقات المصرية العراقية ؛ فالمال العراقي السائب علم المصريين على سرقته ونهبه بشتى الطرق والذرائع ؛ بدءاً من الامة العربية والقومية العربية وانتهاءاً بالحس الطائفي ومساندة اهل السنة والجماعة في العراق وتشويه سمعة العراقيين والهجوم على التجربة السياسية الجديدة في وسائل الاعلام المصرية .
وتعتبر هذه الفضيحة السياسية والصفقة الباطلة الفاسدة المصرية ؛ نتاجا طبيعيا ونتيجة حتمية لموت الضمير المصري وطبيعة العلاقات المصرية العراقية المنكوسة ؛ والكل يعلم بأن مصر والاردن وفلسطين ... الخ ؛ كانت تعتاش على خيرات الامة العراقية كالطفيليات والفيروسات بينما يعاني العراقيين الامرين في عهد حكومات الفئة الهجينة من بقايا العثمنة والعجم ورعايا الاحتلال البريطاني الغاشم ؛ اذ كان أولئك الاوغاد المقبورين يتملقون لكل ادعياء العروبة ويتقربون لكل من نطق بالضاد حتى وان كان افريقيا او قوقازيا ؛ وذلك لشعورهم بالنقص والحقارة وضياع الهوية الحقيقية وعدم الانتماء للعراق والامة العراقية ؛ فكانوا ذيول اخساء وعملاء اذلاء للعرب وادعياء العروبة على حساب مصالح العراق والعراقيين الاصلاء ... ؛ فقد تلاعبوا بخيرات العراق ونهبوا ثرواته وقدموها لهذه الدول على طبق من ذهب بلا مقابل ... ؛ وهذا ما ادى الى خسارة العراق لمليارات الدولارات ؛ وها هي حكومة مصر لم تشبع من كل السرقات والصفقات الفاسدة السابقة وتريد منا اليوم مبلغ مليار دولار كإتاوة ( خاوه ) ... ؛ ان كنا عذرنا ذيول البعث واذلاء القومجية في اتباعهم الاعمى وتملقهم للأنظمة العربية ؛ فلا عذر لملوك العرب وجماجم الامة العربية واحفاد ممالك ميسان والحيرة والحضر ؛ اذا ما خضعوا واستسلموا للخداع المصري والتآمر السياسي على العراق ؛ واني اشم رائحة الانفصاليين الكويتيين وراء هذه الزوبعة ؛ فبعد قرار المحكمة الاتحادية الشجاع بخصوص خور عبدالله العراقي ؛ تحرك الانفصاليون في الكويت كعادتهم في تحريك قضايا باطلة ضد العراق كقضاياهم الباطلة والمنكوسة والمدعومة بريطانيا
وليكن في علم ابناء الامة العراقية ؛ اذا التزمنا جانب الصمت واللامبالاة تجاه هذه القضايا المصيرية والثروات الوطنية ... ؛ فأننا ندعوهم لنهب وسرقة المزيد , و نساعدهم في زيادة نهبهم للثروات والخيرات العراقية وحرمان العراقيين منها وهم احوج بها من الكل ؛ وذلك لان المال مالهم ولارتفاع معدلات البطالة والفقر بين العراقيين ... ؛ واني لأعجب للبعض اذ يخرج بمظاهرات لأسباب عادية او طوباوية او لا تخص القضايا العراقية بينما تراه في المواقف الوطنية والتي تخص ابناء الاغلبية والامة العراقية الاصيلة ؛ صامتا ساكتا كالصنم الذي لا يضر ولا ينفع ... ؛ فها هي ثروات الاغلبية العراقية وخيرات الجنوب تنهب من قبل دول الاستكبار والاستعمار ودول الاقليم والجوار وعصابات ومافيات الفساد والعمالة والخيانة ... ؛ والعراقيون الاصلاء لا يحركون ساكنا ؛ فهل من منقذ للأغلبية والامة العراقية ؛ وهل من مدافع عن حقوقها وثرواتها ...؟؟