بسم الله الرحمن الرحيم

وصل الله وسلم على سيدنا محمد واله وصحبه وإخوانه وحزبه

مقدمة :

ويشاء الله عز وجل أن تكون حلب هي الفاضحة التي كشفت خدعة قرن من شعارات حقوق الإنسان حين تزامنت نكبتها مع العاشر من دجنبر حيث كذبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان . ما سقطت حلب إنما هي من أسقطت الإنسانية الكاذبة وأسقطت القناع عن كل منافق لئيم ظل زمنا يتبجح بحقوق الإنسان والديمقراطية ويعد نفسه مناضلا صنديدا فإذا به وحش بل  الوحش منه أرحم  يفرح لأطفال ردموا ونساء اغتصبن ورجال قتلوا تقتيلا . أسقطت حكام الجبر الذين تدثروا زورا بألقاب الجلال والدين كما أسقطت علماء السوء إذ لم يقولوا كلمة الحق التي أخذ الله عليهم الميثاق أن يقولوها .

هي الفاضحة وليست هي الخاتمة إنما هي مقدمة لأحداث عظام تتوج بالخلافة على منهاج النبوة وعد بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم 

1_ ما العمل ؟ 

يذهل الشباب المسلم مما يرى ويسمع ويزداد ذهولا عندما يرى تخاذل المتخاذلين حكاما ونخبا وهيآت فيسأل : ما العمل ؟ ما رد الفعل المطلوب ؟ بم وكيف تكون النصرة ؟ ويتملكه اليأس إذ لم يجد جوابا شافيا ويجنح للتشدد المهلك أوللعنف الذي لا يأت بخير . وتلك نكبة أخرى توازي نكبة حلب وتفتل في حبل نكبة  قادمة لا قدر الله .

لا بد أن نعلم جيدا أن مصائب أمتنا ليست إلا ثمرة لشجرة الزقوم الجبرية التي غرس بذرتها غلمان بني أمية حين انقلبوا على الشورى وأسقطوا الخلافة الراشدة . وَوَرَّثُوا الأمة كالمتاع لدراريهم .يومها نُقضت عروة الحكم فتبعتها باقي العرى الواحدة تلو الأخرى . فلا مناص من إعادة الأمر إلى نصابه شورى قرآنية نبوية لإعادة توثيق العرى المنقوضة وإعادة الخلافة الراشدة الموعودة .لا مناص من عمل جماعي منظم هدفه تغيير الإنسان باعتباره لبنة البناء في صرح الخلافة الراشدة الموعودة من حيث تربيته على شعب الايمان ومقامات الإحسان لئلا يستحيل طاغية جبارا ومفسدا في الأرض يوم يقوم يقارع حكم الجبر  ويوم يمسك بزمام السلطة كما شاهدنا حكام طهران يفعلون وهم الذين ادعوا يوما ما إسلاميةَ ثورتهم .فاذن هو عمل دائم يحتاج طول نفس وصبرا ومصابرة . وهذا هو  الرفق الذي لا يكون في شيء إلا زانه .
إن شابا أحزنته حلب وأراد نصرتها لا بد أن يعلم يقينا أن الطريق الى حلب تبدأ من خاصة نفسه ومن المضغة " القلب " إصلاحا لها وتزكية وتنويرا . ثم مقارعة الجبر إلى حين إزالته بإذن الله تعالى .

2_ الأثافي الثلاث :

لئن كان حكم الجبر هو أم المصائب وأبوها فإن ثمة ثلاثة أثافي تبقيه طاغيا جائرا يصول ويجول وهي :

أ_ التشيع الطائفي المقيت :

كما كانت حلب فاضحة للمجتمع الدولي ومواثيقه فإنها كانت قبل ذلك فاضحة لتقية "الولي الفقيه" كاشفة لنفاق "العمائم السود". أولئك الذين ظلوا يتحدثون عن " الشيطان الأكبر" أمريكا فاذا بهم إخوانا لها ويتحدثون عن إزالة "إسرائيل" فإذا بهم يزيلون حلب من الوجود وعينهم على مكة والمدينة والرباط .

يشاء الله عز وجل أن يفضح نفاق الشيعة وهمجيتهم بعد أن تعاطفنا معهم  في حرب تموز 2006

وتشيع كثير من الشباب تأثرا ببطولاتهم في جنوب لبنان . وبعد أن تحدث الكثيرون عن التقريب بين الشيعة والسنة حسن ظن منهم أو لعلها بلاهة المغفلين. الآن بعد حلب آن أن نفكر في قوتنا الذاتية وأن نعدها ما استطعنا وأن يكون وكيلنا الله لا نووي إيران ولا بطولات حزب اللات . آن أن نعتذر لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله الذي قسا عليهم وعدَّهم أخبث من اليهود فقلنا غلطة منه فرضي الله عنه كان خبيرا بالمجرمين . بعد حلب آن لعلمائنا ودعاتنا أن يكونوا بالمرصاد لدعوات التشيع التي بدأت تتوغل فينا وتنخر جسمنا كالسوس .

ب_ الوهابية المتشددة : 

وكأني بسائل يسأل ما دخل الوهابية فيما يحدث لحلب ناسيا أن ما أضعف ثوار سوريا إلا تنظيم داعش الوهابي الذي أنهكهم قبل أن يفسح الطريق لقوات الشيعة والروس . وقبل هذا كله أليست الوهابية هي من تُشَرْعِن لحكم الجبر سطوتَه وتحرم قول الحق للسلطان وإن جار وظلم إلا إذا كان "مرسي " فيجوز الخروج عنه . أليست الوهابية وحليفتها السعودية هي من أسقطت حكم الإخوان في مصر ففتحت بذلك باب جهنم على سوريا والعراق واليمن .وعلى نفسها في السعودية . وتلك بلادة الأعراب .

الوهابية المتشددة هي التي ظلت تشيطن كل الحركات الإسلامية الجادة الكفيلة بتربية الشباب وتأطيره وإنقاذه من مخالب الجهل والعنف .

هي التي قدمت للناس إسلاما جافيا قاسيا عنيفا نفر منه الناس فارتموا في أحضان التشيع الطائفي أو الميوعة الفاجرة .

جـ _ التصوف المنحرف :

كالوهابية  العنيفة  التصوف المنحرف المخدر الذي اتخذه الحكام أفيونا نوموا به الشعوب وجعلوا أفواجا من المريدين يهللون للطاغوت ما إن يُشِر  لهم الشيخ بطرفة العين  .تصوف شَلَّ طاقات الشباب القادر على هز أركان الظلم هزا .

والأدهى من هذا أن تجد الشيخ الصوفي الذي طالما أبكى الناس بوعظه الكاذب تجده يحرض عسكر مصر على قتل المتظاهرين وتجد آخر يدعو على المستضعفين وآخر يشطح بين يدي حاكم سفاك للدماء . ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .

بعد حلب إن كان ثمة بركة من ذكر لدى الصوفية فإنهم مَدعُوُّون لأن يتبرؤوا من الطغاة المجرمين وأن يقولوا كلمة الحق التي قالها سادة الصوفية فرحم الله سلطان العلماء العز بن عبد السلام بائع الملوك . هم مدعوون الآن الى مراجعةٍ تكون توبة نصوحا إن كان في القلب محبة ورحمة بالخلق .  

3_ ماذا بعد حلب ؟ 

بعدها إن شاء الله النصر والفتح المبين .
كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يحرض الناس على قتال التتار ويقول لهم إنكم هذه المرة منصورون فيقولون له قل إن شاء الله فيقول أقولها تحقيقا لا تعليقا .كان رحمه الله موقنا بنصر الله لِما فتح الله عليه من نور الفراسة والفهم عن الله تعالى. ولِما يفهمه أيضا من نواميس الله في الكون فقد بلغ التتار مبلغا من الفساد والعدوان ليس بعده إلا نقمة الله تحل بهم بأيدي عباد الله المومنين يقودهم علماء الأمة وهو منهم رحمه الله .

وكذلك طغاة إيران وروسيا وعبدهم الحقير بشار بلغوا من العدوان ما ليس بعده إلا الهزيمة النكراء " ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله " . نصر موعود وإن اجتمع عليهم مَن بأقطارها .

يظن الطغاة أنه بإمعانهم في القتل وبتهجيرهم السوريين وتشتيتهم في البلاد ليراهم الناس يظنون أنهم بذلك  يكسرون إرادة الأمة في التحرر من حكم الجبر ولكن هيهات هم ليسوا إلا قدرا يسوقه المولى عز وجل ليوقظ الأمة من نوم دام قرونا .
فلوﻗُﺪِّﺭ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻢ ﻟﻘﻀﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻳﻮﻡ " ﺛﺎﻧﻲ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﺍﺫ ﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﺭ " ﺃﻭ ﻳﻮﻡ " ﺟﺎﺅﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﻣﻨﻜﻢ " ﻳﻮﻡ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﺃﻭ ﻳﻮﻡ " ﺭﺩﺓ ﺍﻷﻋﺮﺍﺏ " ﺃﻭ ﻳﻮﻡ "ﺍﻟﺤﺮﺓ" ﺃﻭ ﻳﻮﻡ "ﻋﻴﻦ ﺟﺎﻟﻮﺕ" ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺘﺎﺭ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﺪ ﻭﻋﺪﺍ ﺃﻥ ﻳﻈﻬﺮ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺃﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺴﺘﻀﻌﻔﻴﻦ ﻭﻟﻜﻨﻜﻢ ﺗﺴﺘﻌﺠﻠﻮﻥ.

فليهنئ المؤمنون فإن شهداءنا أحياء عند ربهم وإن نصر الله آت وإن الله ماز الخبيث من الطيب وإن الأيتام هم رجال الغد لن يكسرهم أحد بإذن الله  وإنهم يألمون كما نألم ونرجو من الله ما لا يرجون .نرجو من الله فتحا قريبا وجنة ونعيما ونرجو لهم هلاكا ومحقا إن شاء الله هو نعم المولى ونعم الوكيل .