كثيرة هي الخطوب؛ والإحداث الدامية, التي مرت في تاريخ العراق, من دخول هولاكو اليه وحرقه لبغداد, وصولا الى حكم البعث الدامي, الذي جثم على صدور العراقيين, لأكثر من 35 عاما, عانى العراقيون فيه, مختلف صنوف الاضطهاد, والقهر والتعذيب والإعدامات, والمقابر الجماعية.

    ومراجعة بسيطة للتاريخ الحديث, نجد ان الحكم السياسي في العراق, اتخذ لونا واحدا, من عهد العثمانيين, وصولا الى الاحتلال الانكليزي, وتولية الملك فيصل, على مقاليد الحكيم في العراق, باستثناء حكومة عبدالكريم قاسم, التي لم تصل لخمس سنوات, وعودتها لنفس الطابع, وصولا الى عام 2003.

    وبعد عام 2003, وتكون النظام السياسي الجديد, القائم على حكم الأغلبية السياسية, فقد المكون السني, مقاليد الحكم في العراق, لتكون ثلاث أقطاب سياسية, هي المكون الشيعي صاحب الأغلبية, والمكون الكردي الذي وضع القومية, أساسا لعمله السياسي, بعيدا عن الاصطفاف الطائفي, والمكون السني الذي وضع سياسيوه, رجلا داخل العملية السياسية, ورجلا خارجها .

    وبسبب استشعار المكون السني, من عدم حصوله على السلطة مرة أخرى, شهد العراق أحداثا دامية, وكوارث يندى لها جبين الإنسانية, من قتل على الهوية, وإحراق للأجساد, وتمثيل في الجثث, وسيارات مفخخة جعلت شوارع العراق تلتهب نارا, وتهجير ليس للمكون الشيعي فقط, بل للمسيحي والصابئي والتركماني, يرافق ذلك تصعيد, في الخطاب الطائفي لسياسي السنة, مع كل انتخابات, أو قانون يقر تحت قبة البرلمان .

    ثم تطورت الأحداث, وصولا الى نصب خيم الاعتصام والمنصات, التي استغلها سياسيو السنة, للتحريض الطائفي والكسب السياسي, مما سهل دخول داعش, الى هذه المحافظات, وارتكاب أبشع جريمة إنسانية, ستبقى عالقة في الأذهان, "جريمة سبايكر" التي راح ضحيتها شباب عزل, تم توزيعهم بين عشائر صلاح الدين, والرمادي والموصل, وتصفيتهم بصورة ليس لها مثيل, في التاريخ.

   وانقلب السحر على الساحر, وتحولت المحافظات الغربية, الى ولاية لداعش, يصول فيها ويجول, يجلد من يريد, ويصلب من يشاء, ويسبي النساء, وشرد أهل السنة, في أصقاع الأرض, يبحثون من مسكن في بلدهم, أو دولة تؤويهم, وهرب معظم سياسيوهم, أصحاب الخطاب الطائفي, الى شمال العراق, او الدول المجاورة, غير مكترثين, بما يحصل لأهلهم .

    ووسط حرب التحرير, من براثن داعش, تحولت مدنهم العامرة, وقراهم الخضراء, الى خرائب لا تصلح للسكن, ويتطلب أعمارها عشرات السنين,  ودمرت البنى التحتية لمحافظاتهم, التي لم يترك داعش فيها, بناية او بيتا إلا وزرعه, بالمفخخات والعبوات الناسفة, في عملية تدمير ممنهجة, لم يسلم منها حتى الحجر.

   وبعد أن قربت؛ الحرب ضد داعش, من وضع أوزارها, بقرب تحرير آخر محافظة يقبع فيها, وهي محافظة الموصل, طرح التحالف الوطني وثيقة للتسوية, لتضع ملامح بناء دولة, على أسس عادلة ومنصفة, وليس على أسس الإرضاء والمطلبيات, كما عبر عنها ,رئيس التحالف الوطني, السيد عمار الحكيم .

    إن الواقع السني, يمر بأسوء مراحله, من تدمير المدن وتهجير أهلها, وانقسام سياسيهم وتشظيهم, وبعد أن ذاقوا الويلات, من إتباعهم الأصوات الطائفية, واقع يفرض عليهم, بمد أيدهم الى إخوانهم, والقبول بالتسوية التاريخية, والاتجاه لبناء بلدهم, بعيدا عن خطابات العنف والتحريض الطائفي, والتدخلات الخارجية.