ن
نينوى

‏‏‏‏شاعرة . وفي القلب جنائن معلقة .

مدة القراءة: دقيقتين

كلمات

هناك حدث من الماضي ينتظرك ، يختبئ على هيئة كلمات على صفحة كتاب قديم ، وحدها الصدفة ستأخذك إليه ، بينما أنت تقلب الصفحات يترقب هو الإفراج عنه ، كسجين حنطه الزمن فبقي شاهداً على حياة سابقة لشخص لم يعد يشبهك ، لقد كنت هناك بجسد آخر وروح أخرى ، فما الذي تفعله الكلمات بنا ؟ .. إن سطوتها أقوى من سطوة الصورة ، فحين تسجل حدثاً بكلمات موجزة فأنت تترك للمستقبل باب التخمين والخيال على مصراعيه ، بينما الصورة أمامك بكل أبعادها لن تحتاج سوى للنظر والتأمل ، كما أن الكلمات تُكتب بروح كاتبها وإحساسه في لحظة زمنية خلّدها بقلمه .

كتبتْ على ظهر كتاب قديم لمصطفى محمود حتى لا تنسى ، فلم ينسَ الكتاب ما نسته هي ، واحتفظ به خمسة عشر سنة !

في يوم ما سجلتُ بكلمات قوية وجعي لحظة ضعف ، كلما قرأت تلك الكلمات أشعر بالهشاشة ، مازال الوجع يئن بداخلها برغم نسيانه ، نحن ننسى ما حدث لكن الكلمات تجيد نحته بداخلنا إلى الأبد ، هذه هي وظيفتها ، تبقينا قيد الإستجواب والمحاكمة كلما فتحت تلك الصفحات ، هل نتوقف عن الكتابة ؟ .. بالعكس ، لنكتب المزيد حتى لا ننسى تفاصيل حياتنا ، تفاصيل الوجع والخوف والفرح والحيرة والأمل .

لا تمزق ما كتبته في يومياتك بالأمس مهما بدا لك محبطاً وموجعاً ، اتركه للأيام ولقارئ هو أنت ستنضجه التجارب وسيرى تلك الكلمات تُسطر سيرة إنسان عاش كل المشاعر بإنسانية تامة .

كان يكتب كلما شعر بإنفعال وجداني ، كتب صفحات كثيرة وهو غاضب من الحياة ومنهم ومن القدر ، بدا في دفتر يومياته ساخطاً ومتألماً وحزيناً ، لكنه في الواقع كان هادئاً متفائلاً ممتناً ، لقد كانت الكتابة تغسل انفعالاته بإنتظام .

كانت نصوصه تقطر عذوبة ، مشاعره باذخة الجمال والرقة ، بدا عاشقاً يتلوّى في حرقة الشوق ونهم اللقاء ، حساساً بدرجة مفرطة لتفاصيل الحب والوله ، أما في الواقع فقد كان جليداً ، صلفاً في أوقات كثيرة ، لا يجيد التعبير ، كتوماً لا مبالياً ، متحفزاً وغاضباً أغلب الوقت ، لقد استنفذت الكتابة مؤنة الحب واللطافة في قلبه حتى أصبح يعيشها باكتفاءٍ على الورق .


ن
نينوى

‏‏‏‏شاعرة . وفي القلب جنائن معلقة .

أهلاً بكم في مدونتي! أنا كاتب شغوف أشارككم أفكاري وتجربتي في الحياة من خلال تدوينات أسبوعية. أستكشف فيها التوازن بين القيم والمغريات التي نواجهها يومياً، وكيف يمكننا أن نعيش حياة مليئة بالمعنى والعمق. انضموا إلي في هذه الرحلة الأدبية!

انضم الى اكتب

منصة تدوين عربية تعتد مبدأ البساطة في التصميم و التدوين

التعليقات