يعتبر البحث عن أصل شعب ما كالشعب الكردي مشكلة مستعصية. بسبب النقص في ديمومة الشواهد وصحة بعض الوثائق التاريخية. وبالتالي لإثبات هوية شعب ما. يجب اللجوء لمقاييس معينة كالاسم واللغة والهوية أو العرق. علماً أن الاسم وحده لايكفي للتعريف بالشعب المسمى به. وكذلك بالنسبة للعرق أو اللغة.

إن لفظ الكرد أو الأكراد أصله كَرَدَ. أو كِرْد. ولفظ كِرْد يعني الجمْعُ ومصدرها في الفارسية كَرديدن وتعني الخلط والمزج. وقد أطلق عليهم هذه التسمية من مفردات ولغات جيرانهم ليشكلوا لغتهم الكردية(1) . بسبب قرب أولئك العرب والخرسانيين والفرس. 

وكَرَدَ بالفتح تعني في العربية طارد أو دافع. ومثال كرد الدابة يعني ساقها(2) . وبمرور الزمن تفرقوا لطوائف وقبائل عديدة فتركوا لغتهم المحكية. وبالتالي اللغة التي أخذوها وجمعوها من جيرانهم وخلطوها مع العديد من اللغات كلغات بلاد فارس وإيران. بسبب التصاق اسم الكرد بهم. فأصبحوا قوم معروف له تسمية.

وكلمة كرد هي لفظ ذو دلالات متنوعة تبعاً للغات المجاورة للأكراد ولغتهم نفسها. حيث تشير للشجاع الغيور الجسور بحسب ما جاء في قاموس الهدية الحميدية. وهو قاموس كردي –عربي. أما في بدائع اللغة فلفظ كرد يعني سكان البراري. والقوي الشجاع في اللغة الفارسية. بينما تعني اللص والحرامي في اللغة الجورجية. وجاء في قاموس بدائع اللغة " أن الكرد من ولد كُرْد بن عمرو بن عامر الملقب بمزيقياء. وأنهم وقعوا إلى أرض العجم فتناسلوا بها وكثُر ولدُهم فسموا الكردَ " (3).

وفي مذكرته حول الأكراد بعنوان (مذكرة حول الموقف الكردي) الصادرة بتاريخ 19 يوليو/تموز 1919. عن دائرة المندوب السياسي البريطاني في بغداد. يروي الرائد البريطاني " A.W.Nuail". أن كلمة كرد أطقت قديماً من قبل اليونانيين. ووصف " هيرودتيس " الكرد بأنهم شعوب شجاعة محبة للقتال. وتنحدر من سلالة (كورديوني). الذي أوقف زحف جيش زينوفون سنة (401-400ق.م) والمقدر عدده حينئذ بعشرة آلاف مقاتل بالإضافة إلى ان الأكراد أطلقوا اسم "كوثوز" على أنفسهم. وتعني المحارب(4).

كانت كلمة " كردي " في زمن الفتوحات الإسلامية تعني البدوي. وفي أواسط القرن التاسع عشر ربط الرحالة الأوروبيون كلمة "كردي" كمرادف لقاطع طريق. مع الخطأ في هذا التعميم فقد كان العرب والأتراك والكرد يزاولون قطع طرق بعض القوافل التجارية. ولكن هذا لا يعني التعميم فليس كل الكرد قطاع طرق. وقد استعملت كلمة " كردي " في أواسط ذلك القرن بمعنى الشعب القبلي والذي يتكلم باللغة الكردية. بالرغم من أن بعضهم كانوا فلاحين أو سكان قرى وبلدات ومدن ولم يكن لهم انتماء قبلي ولكنهم يشكلون نسبة قليلة وحالات استثنائية لصورة الأكراد (5).

إن جميع التسميات التي سمي فيها من استوطن في المناطق الكردية من كرد أو غيرهم لا تتطابق مع اسمهم الأصلي. حيث جاء لفظ كرد بعدة صيغ. فقد صدرت عن أقوام أخرى كانت تختلط مع شعوب المناطق الكردية كالآراميين والأكاديين والسومريين. والآشوريين. والرومان. واليونانيين. والأرمن. والسريان. والفرس وغيرهم. ومعظم المصادر تسند موضوع التسمية القومية " كرد " ومشتقاتها بأسماء مقاطعات ومناطق جغرافية في كردستان (6) .

أما "الأكاديون" الذين يتكلمون السامية وحكموا بلاد سومر تقريباً في سنة (2371 ق.م (7). فقد أطلقوا على الشعوب التي تقطن الجبال الكردية ب " كوتو ". بينما سميت البلاد بلفظ " كوتيوم" (8).

التي لها علاقة وارتباط بين لفظي ( كوتي. كوتى) و ( كورتي). وهذه الكلمة الأخيرة أقرب إلى لفظ كُردي. لأن حرفي الدال والتاء قد يأخذ احدهما مكان الآخر. وحتى الوقت الحالي كثيراً ما يلفظ (الكُرد) ب (كورت) (9) . ويروي محمد أمين زكي في هذا المجال أن اللوحتين الأثريتين المكتشفتين في العقود الأولى من القرن العشرين. وتعودان للمدة الزمنية (1244 – 1208 م) تشيران إلى حدث مكتوب على إحداها ( كوتى- جوتي). بينما على الثانية مكتوب (كوردتي). وهذا يدل على أن هذين اللفظين ( كوتى- جوتي). كانا يطلقان على شعب واحد(10) . وكلمة (كوردتي) لفظها الآشوريون في سنة (1500 ق.م). وكان يقصد بها المناطق الجبلية التي تحد بلادهم من الشرق والشمال(11).

https://www.andeetop.com/2023/03/Kurds.html