فكرة الامة العراقية هي فكرة أيديولوجية تعزز وحدة العراقيين على اختلاف اعراقهم ولغاتهم ولهجاتهم ودياناتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم ... ؛ ومما لاشك فيه ان بلاد الرافدين الحالية لا تمثل العراق بحدوده التاريخية الحقيقية والثابتة والتي سلخها منه المحتلون والغزاة والطامعون ؛ عندما انتابه الضعف , وكذلك عاشت في العراق اقوام متعددة الهويات والاعراق وكلها انصهرت في بوتقة الامة العراقية ؛ الا ان العراق مثله مثل اغلب الدول في العالم فعلى الرغم من تعدد الاثنيات والاعراق فيها الا ان لها هويات وطنية معروفة وتاريخية , وكذلك العراق فقد مر بعدة تطورات وتحولات اسفرت عن صيرورة هوية وطنية ثابتة ولا تقبل الدحض والتشكيك لا اقل في الوقت الحاضر ؛ فهويته الوطنية الحالية على صعيد القومية واللغة عربية وعلى صعيد الديانة اسلامية بغالبية شيعية ... ؛ مع وجود مكونات الامة العراقية الاخرى ... ؛ وعليه يجب على كافة المواطنين العراقيين والذين اكتسبوا الجنسية العراقية في القرون والعهود المتأخرة من احترام هذه الحقائق الوطنية وعدم الاساءة لها , بل وتقديمها على غيرها باعتبارها الهوية التاريخية والوطنية الغالبة ؛ كما ينبغي للمواطنين العراقيين الاعتزاز بهذه الهوية كما يفتخرون بهوياتهم الفرعية الاخرى .
نعم بدأت الامة العراقية من جنوب العراق ثم تمددت الى الوسط والشمال خلال حضارة العبيد وسومر واكد وبابل واشور ومن ثم مملكة ميسان والحضر والحيرة ... ؛ ومن بعدها نشوء العراقين ( البصرة والكوفة ) ومن ثم بغداد ... ؛ ومن الواضح ان اغلب الاقوام القديمة ذابت وانصهرت في بوتقة العربية العراقية او العربية الجزيرية واعتنقت الاسلام فيما بعد ؛ وبمرور الزمن تزاوجت الحضارة العراقية مع غيرها واختلط العراقي الاصيل بالوافد الدخيل ..., واختلطت وامتزجت القوميات والشعوب والجماعات فيما بينها الا ان هذا لا يعني انقراض او اضمحلال او تناقص اعداد الاغلبية العراقية الاصلية ( سكان البلاد الاوائل والقدامى ) بقدر ما يعني قدوم مهاجرين جدد الى الوطن ... ؛ فأسم العراقي حاليا يطلق على كل من يقطن العراق الحالي او الاراضي العراقية القديمة المسلوبة وكذلك على كل الجاليات العراقية في الخارج .
ولعل شيوع الحس الوطني وانبثاق الصحوة العراقية لم تكن وليدة التجربة السياسية الجديدة وعلى الرغم من كافة اخفاقاتها ؛ بل هي نتيجة طبيعية وحتمية للظروف القاهرة والتي مرت بها الامة العراقية منذ الاحتلال العثماني وحتى الاحتلال البريطاني الغاشم والذي سلط على ابناء العراق الاصلاء حكومات عميلة وهجينة استمرت جاثمة على صدورنا لمدة 83 عام تقريبا ( من عام 1920 والى 2003 ) وصولا الى الاحتلال الامريكي وتبعاته السلبية ومؤامراته الخبيثة ضد الاغلبية والامة العراقية وعرقلة المسيرة السياسية والتجربة الديمقراطية ... ؛ فمن بين خضم هذا الكم الهائل من الانكسار و اليأس وفقدان البوصلة و الهوان والذل والتقهقر والتشتت والتشرذم والتناحر العراقي و الذي تمر به الامة العراقية ؛ انبثقت الحركة الجماهيرية العراقية الهوى والانتماء , وارتفعت اصوات احرار ورجال بلاد الرافدين الوطنية عالية لتصل الى عنان السماء ؛ مطالبة المجتمع الدولي ودول الجوار والساسة العراقيين بمختلف توجهاتهم باحترام الامة العراقية وسيادة وحدود الوطن , وعدم العبث بأمن وثروات وخيرات العراق والعراقيين ... .