في ليلة من الّليالي الحزينة، وفي ركن من أركان غرفتي المظلمة، مسكت قلمي لأخطّ همومي وأحزاني، فإذا بقلمي يسقطمنّي ويهرب عنّي، فسعيت لأستردّه، فإذا به يهرب عنّي وعن أصابع يدي الرّاجفة، فتعجّبت، وسألته: ألا يا قلمي المسكين،أتهرب منّي، أم مِن قدري الحزين .. فأجابني بصوت يعلوه الحزن والأسى، سيّدي، تعبت من كتابة معاناتك، ومعانقةهموم الآخرين، ابتسمت، وقلت له: يا قلمي الحزين، أنترك جراحنا، وأحزاننا دون البوح بها، قال: اذهب وبُح بما فيأعماق قلبك لإنسانٍ أعزّ لك من الرّوح، بدلاً من تعذيب نفسك، وتعذيب من ليس له، قلب أو روح، سألته، وإذا كانت هذهالجراح بسبب إنسان هو أعزّ من الرّوح، فلمن أبوح؟ فتجهّم قلمي حيرة، وأسقط بوجهه عليّ ورقتي البيضاء، فأخذتهوتملّكته وهو صامتٌ، فاعتقدت أنّه قد رضخ لي، وسيساعدني في كتابة خاطرتي، فإذا بالحبر يخرج من قلمي متدفّقاً،فتعجّبتونظرت إليه قائلاً: ماذا تعني .. قال: سيّدي ألا أنني بلا قلب ولا روح، أتريدني أن أخطّ أحزان قلبك ولا أبكيفؤادك المجروح؟